الذكاء الاصطناعي يتحول لأداة احتيال تستهدف الموسيقيين المستقلين

الذكاء الاصطناعي يتحول لأداة احتيال تستهدف الموسيقيين المستقلين

AI بالعربي – متابعات

تشهد منصات البث التدفقي للموسيقى مثل سبوتيفاي وآبل ميوزك فورة في الأغاني المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي من محتالين يهدفون للحصول على عائدات الاستماع، ما يترك آثارًا سلبيةً على العاملين في المجال الموسيقي، وخاصةً الفنانين المستقلين، بحسب صحيفة “ذا غارديان” البريطانية.

يصنع المحتالون بسهولةٍ كبيرة أغاني بتكلفةٍ شبه معدومة وبسرعةٍ كبيرة، ومن ثمّ يحملونها على المنصات الموسيقية، وبعدها يعتمدون على الذكاء الاصطناعي أو حتى على مستخدمين للاستماع إلى الأغاني المزيفة بلا نهاية، بهدف توليد الإيرادات. فيما يقوم محتالون آخرون بوضع أغانيهم المزيفة على صفحات فنانين حقيقيين بهدف سرقة العائدات أيضًا.

وتشير تقديرات منصة “ديزر” في إبريل الماضي إلى تحميل أكثر من 20 ألف أغنية أنتجت بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي على منصتها يوميًا، ما يعادل 18% من مجمل الأغاني الجديدة، وهو ضعف العدد الذي سُجّل في يناير الماضي.

احتيال بمئات ملايين الدولارات

تغرّم “سبوتيفاي” المخالفين وتقول إنها تخصص “موارد هندسية وبحثية كبيرة للكشف عن النشاط غير الطبيعي للبث التدفقي والتخفيف من حدته وإزالته”. أما “آبل ميوزك” فتدّعي أن “أقل من 1% من جميع عمليات البث يتم التلاعب بها” على خدمتها. لكن، في صناعةٍ تبلغ قيمتها 20.4 مليار دولار عالميًا، من المحتمل أن مئات الملايين من الدولارات تُختلس سنويًا من المحتالين، بحسب “ذا غارديان”، التي تلفت إلى أن جزءًا من المشكلة يكمن في سهولة الانضمام لمنصات البث التدفقي الموسيقية كصانع محتوى، إن كنت موسيقيًا حقيقيًا أو محتالًا.

هذه المشكلة دفعت كبرى الشركات لإعلان الحرب على المحتالين، معتمدةً على أنظمة الذكاء الاصطناعي، وهو ما عرّض الفنانين الحقيقيين في أحيانٍ كثيرة لعقوباتٍ مماثلة لتلك التي يواجهها المزيفون. يشير الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة توزيع الموسيقى “فوغا”، دارين أوين، إلى أن الاحتيال عبر منصات البث التدفقي الموسيقية “بدأ ينتشر في جميع أنحاء الصناعة” في عام 2021، وصار التعامل معه يشكل 50% من أعباء عمله.

تستخدم “فوغا” الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي، لتقييم أنماط البث بـ”درجة خطورة” ولفصل “أنماط الاستماع غير البشرية” عن غيرها لرصد الاحتيال. بحسب أوين، تشكّل الهند وفيتنام وتايلاند إضافةً إلى عددٍ من بلدان أوروبا الشرقية بؤرًا تنشط فيها ما تُسمى بـ”مزارع النقرات” “Click Farm”، التي تستخدم عمالًا بأجور منخفضة لمراكمة أعداد الاستماع، كما يلفت إلى أن عصاباتٍ إجرامية منظمة متورطة في هذه العمليات الاحتيالية.

الموسيقيون ضحايا الذكاء الاصطناعي

لكن ملاحقة عمليات الاحتيال هذه تنعكس سلبًا على الموسيقيين، الذين يجدون أنفسهم اليوم في دائرة الاتهام بالتلاعب كلّما ارتفعت بشكلٍ غير متوقع أعداد الاستماع إلى مقطوعاتهم عبر منصات البث التدفقي الموسيقية.

على سبيل المثال، حُذفت بعض أغاني فرقة الروك الأيرلندية الشمالية “فاينال ثيرتين” عن منصةٍ موسيقية بسبب ازدياد المستمعين لها بعشرات الآلاف خلال وقتٍ قصير. استنتج القائمون على المنصة أن هناك تلاعبًا حتميًا، فيما تعتقد الفرقة أن السبب في ازدياد أعداد الاستماع يعود إلى بث أغانيها عبر إحدى المحطات المعروفة. يقول عازف الطبول، دوبس، لـ”ذا غارديان”: “من الصعب حقًا على أي فنان إثبات عدم تلاعبه بالبث، لكن من الأصعب على سبوتيفاي إثبات ذلك. لكنهم يحذفون الأغاني وينتهي الأمر”.

من جهته، يقول الموسيقي المستقل، آدم جيه مورغان، إن أحد مقاطعه الموسيقية حقق أكثر من 10 آلاف استماع خلال أسبوعٍ واحد على منصة “روت نوت”، ربما بسبب استخدامه في فيديو انتشر بشكلٍ واسع على “تيك توك”، مما دفع القائمين على المنصة إلى حجبه، بحجة أنه مثيرٌ للريبة. يلفت مورغان إلى أن “روت نوت” لم تقدم له أي دليلٍ على التلاعب، مشيرًا إلى أنه “قضى عطلة نهاية الأسبوع محاولًا فهم ما حدث دون نتيجة”.

مستقبل الفنانين على المنصات

تشير “ديزر” إلى أنها كانت أول خدمة بث تدفقي موسيقية تطبق أنظمة الكشف عن الاحتيال. بحسب مدير قسم العائدات والتقارير في الشركة، تيبو روكو، فإن المنصة “تراقب الكثير من المؤشرات التي تساعد خوارزمياتها في تحديد ما إذا كان المستخدم محتالًا أم لا”. يضيف: “عندما نطلب إزالة أي محتوى، نتحقق يدويًا مما يحدث، ونكون على ثقةٍ تامة بأن هناك تلاعبًا كبيرًا”.

لكن الوضع مختلف تمامًا لدى أنظمة المراقبة الآلية في الشركات الأخرى، إذ غالبًا ما تفترض وجود تلاعب وتُزيل الأغاني دون سابق إنذار، كما أن طرق استئناف هذه القرارات مرهقةٌ للغاية، ما يدفع الفنانين المستقلين الذين يواجهون مشاكل متنوعة إلى الاستسلام.

بالنسبة للموسيقي دارين همينغز، قد يؤدي استمرار ملاحقة الفنانين المستقلين على منصات البث التدفقي الموسيقية الرئيسية، إلى تخليهم عنها، خاصةً أنها لا تحقق لهم سوى أرباحٍ ضئيلة، مرجحًا انتقالهم إلى منصاتٍ موسيقية مختلفة مثل “باندكامب”.