الذكاء الاصطناعي يدخل عيادات الأسنان لمواجهة فوبيا العلاج
AI بالعربي – متابعات
في ظل التطورات المتسارعة بمجال الطب الحديث، يشهد قطاع طب الأسنان تحوّلًا جذريًا بفضل الذكاء الاصطناعي، وتقنيات إلغاء الضوضاء.
ولم تكتفِ شركة “أخيرًا هدوء!” “Finally Quiet!” فقط بمعالجة الضجيج في العيادات، بل أعادت تعريف بيئة العلاج لدى عيادات طب الأسنان بالكامل، ما يمهّد الطريق لمستقبل أكثر راحة وفعالية للمرضى والأطباء على حد سواء.
وأعلنت الشركة في كاليفورنيا أخيرًا عن إطلاق منتجها الجديد الذي يستثمر خوارزميات الذكاء الاصطناعي في السيطرة على “رهاب طبيب الأسنان”، أو “فوبيا طبيب الأسنان”.
“فوبيا طبيب الأسنان”
تُعدّ “فوبيا طبيب الأسنان” التحدي الأكبر أمام العلاج الفعّال، إذ تشير الدراسات إلى أن الخوف من زيارة طبيب الأسنان يُعد من أكثر التحديات انتشارًا بين المرضى حول العالم، حيث يعاني 15.3 في المئة من البالغين من هذا القلق، وفقًا لدراسة نُشرت عام 2021 في مجلة طب الأسنان “Journal of Dentistry”. وتُعدّ هذه النسبة أعلى بين النساء والشباب، ما يؤثر سلبًا على معدلات العلاج الوقائي.
وفي المملكة المتحدة، أظهرت دراسة نُشرت عام 2017 في مجلة طب الأسنان البريطانية “British Dental Journal” أن المرضى الذين يعانون من فوبيا الأسنان تكون صحتهم الفموية أقل جودة مقارنةً بغيرهم، حيث يتجنبون الفحوصات الدورية، ويؤخرون العلاجات الضرورية.
أما في الولايات المتحدة، فقد كشفت دراسة نشرها موقع الأرشيف الطبي “PubMed” أن 19 في المئة من المرضى يعانون من قلق متوسط إلى مرتفع عند زيارة طبيب الأسنان، ما يؤدي إلى تفويت المواعيد، وتأجيل العلاجات، وهو ما ينعكس سلبًا على صحة الفم والأسنان على المدى الطويل.
وتؤكّد هذه الأرقام أهمية ابتكار حلول تقنية تسهم في تحسين تجربة المرضى، وهو ما تقدّمه شركة “أخيرًا هدوء!” من خلال دمج الذكاء الاصطناعي وتقنيات إلغاء الضوضاء لمساعدة المرضى على التغلّب على القلق النفسي أثناء العلاج.
تحديات بيئية في العيادات
ولا تقتصر آثار الضوضاء في العيادات السنية على المرضى فقط، بل تمتد لتؤثر على صحة الأطباء والمساعدين الذين يتعرضون لها بشكل مستمر خلال العمل اليومي.
وأظهرت دراسة منهجية حديثة نُشرت عام 2023 في مجلة “الضوضاء والصحة” “Noise & Health” بقيادة الباحث الرئيس البروفيسور أمين رحماني وفريقه البحثي من كلية الصحة العامة في جامعة طهران للعلوم الطبية، أن التعرض المزمن للضوضاء المهنية في عيادات طب الأسنان يرتبط مباشرة بفقدان السمع لدى أطباء الأسنان، والممارسين الصحيين.
واستعرضت هذه الدراسة 17 بحثًا من 13 دولة، وكشفت أن 82 في المئة من الدراسات أكّدت وجود علاقة مباشرة بين فقدان السمع والتعرض المستمر لضوضاء العيادات. والأمر اللافت أن 71 في المئة من الحالات أظهرت تأثّر الأذن اليسرى بشكل أكبر، ما يشير إلى تأثير أنماط العمل، والتعرض غير المتوازن للصوت خلال الإجراءات الطبية على الأسنان.
وتُسلط هذه النتائج الضوء على ضرورة اعتماد تقنيات حديثة لإلغاء الضوضاء في بيئات العمل الطبية، ليس فقط لتحسين راحة المرضى، ولكن أيضًا للحفاظ على صحة وأداء الممارسين الصحيين. وهنا يأتي دور “أخيرًا هدوء!” الذي يوفر حلولًا متقدمة لخلق بيئة علاجية أكثر استدامة وكفاءة.
هذا يؤكّد الحاجة الملحّة لحلول تقنية تقلّل الإجهاد السمعي، وتسهم في رفع كفاءة الممارسين الصحيين، ما ينعكس إيجابيًا على دقّة العمليات الطبية وجودة الأداء في علاج المرضى، حيث أثبتت الدراسات أن توتر المريض وخوفه من طبيب الأسنان عادةً ما يكون مرتبطًا بصوت المحفّر، أو الأدوات الأخرى. هذا التوتر ينتقل بشكل تلقائي لطبيب الأسنان، ولطاقم المساعدين، مما يؤثر بشكل كبير على جودة ودقة العلاج.
الذكاء الاصطناعي لتهدئة مخصصة
يتميّز نظام “أخيرًا هدوء!” باستخدام خوارزميات متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تقوم بتحليل التاريخ الطبي للمريض، بما في ذلك:
مستوى القلق السابق خلال زيارات الأسنان
ردود الفعل تجاه أصوات معيّنة
تفضيلاته الموسيقية، أو البيئات الصوتية التي تساعده على الاسترخاء
تفضيل المريض لموسيقى اليوغا من أجل الاسترخاء
وبناءً على هذه المعلومات، يقترح النظام بيئة صوتية مخصصة لكل مريض، سواء كان ذلك من خلال موسيقى علاجية، أصوات الطبيعة، أو ترددات تهدئة عصبية، مما يؤدي إلى تقليل إفراز هرمونات التوتر، وتحسين تفاعل المريض مع العلاج دون الحاجة إلى مهدئات دوائية.
إن هذا الابتكار لا يغيّر فقط شكل العيادات، بل يُعيد تعريف العلاقة بين المريض والطبيب، مما يجعل العلاج تجربة أكثر إيجابية وإنسانية. ويفتح الأبواب لجيل جديد من علاجات طب الأسنان التي تجمع بين التكنولوجيا والراحة النفسية.