شبح الذكاء الاصطناعي يطارد البشر في في العالم الافتراضي

3

AI بالعربي – متابعات

تواصل التكنولوجيا فرض سيطرتها على عالمنا بشكل متزايد، لتترك بصمتها في كل تفاصيل حياتنا اليومية، وصعّد من هذا الوضع ظهور الذكاء الاصطناعي ليصبح “شبحًا” يطارد البشر حتى في العالم الافتراضي، والسوشيال ميديا.

إذ أدى صعود الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي -المعروفة غالبًا بـ”البوتات”- إلى إثارة جدل واسع، لما تحمله من تداعيات كبيرة على الأفراد والمؤسسات والمجتمع عمومًا.

وأثبت الذكاء الاصطناعي أنه سلاح ذو حدين في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، فهو يُحسّن تجربة المستخدم عبر تقديم محتوى مخصص، ويراقب المحتويات التي قد تكون ضارة ويحذفها، كما يمكّن من الوصول إلى المحتوى الذي يرغبه المستخدمون.

ولكن هناك أيضًا الجانب المظلم المتمثل في انتشار المعلومات المضللة، والتلاعب بالرأي العام، وانهيار الثقة بسبب المحتوى الذي يولّده الذكاء الاصطناعي والحسابات المزيفة والتقنيات الخادعة مثل “التزييف العميق”.

ولمواجهة الجانب المظلم، اتخذت شركة “ميتا”، الشركة الأم لفيسبوك وإنستجرام وواتساب، مؤخرًا موقفًا حازمًا ضد انتشار هذه الحسابات، وقامت بحذف آلاف الحسابات المشتبه بإدارتها بواسطة الذكاء الاصطناعي من منصاتها.

يأتي هذا في وقت أضافت فيه الشركة العديد من مميزات الذكاء الاصطناعي لدعم تجربة الأفراد عند استخدام حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها، وهو ما أثار تساؤلات هل نحن أمام مستقبل تتحكم فيه الآلات في عالمنا الرقمي؟

تتمتع الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي بقدرة متزايدة على محاكاة السلوك البشري بشكل متقن، حيث تشارك في النقاشات وتنشر المنشورات وتتفاعل مع الأحداث الجارية، ما يطمس الحدود بين النشاط البشري الحقيقي والنشاط الآلي.

وفي أواخر عام 2024، أعلنت “ميتا” عن إزالة أكثر من 30 ألف حساب على منصتي فيسبوك وإنستجرام، بعدما تبين لها أنها حسابات مدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومتورطة في أنشطة غير موثوقة بحسب وصف الشركة.

وتضمنت تلك الأنشطة نشر معلومات مضللة حول القضايا السياسية، والتلاعب بالموضوعات الشائعة عبر تعزيز انتشار هاشتاجات محددة، وخلق تفاعلات زائفة لجعل منشورات معينة تبدو أكثر شعبية مما هي عليه.

وأشارت “ميتا” إلى أن هذه الحسابات كانت ترتبط ببرمجيات ذكاء اصطناعي متطورة، ما جعل اكتشافها والتعامل معها أمرًا معقدًا.

وقال “جي روسين” مدير أمن المعلومات في ميتا: “إزالة هذه الحسابات يعكس التزامنا بمحاربة التلاعب وضمان أصالة المحتوى على منصاتنا”.

إزالة ميتا لتلك الحسابات جاء بالتوازي مع حذف حسابات شخصيات وهمية أنشأتها الشركة نفسها بواسطة الذكاء الاصطناعي في عام 2023.

ومنذ أواخر عام 2023، أطلقت نحو 12 حسابًا لشخصيات من وحي الذكاء الاصطناعي على منصتي فيسبوك وإنستجرام.

ونشرت حسابات تلك الشخصيات منشورات وصورًا جرى توليدها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي وكانت متاحة للدردشة عبر الرسائل المباشرة، ورغم أنها لم تجتذب الكثير من الاهتمام، فإنها أثارت جدلًا واسعًا أجبر ميتا على سحب تلك الحسابات وتقييد نتائج البحث عنهم.

وفي 27 ديسمبر الماضي، نشرت صحيفة فايننشال تايمز قصة عن خطط ميتا لتعزيز التكامل بين الحسابات البشرية والملفات الشخصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وهي ملفات يمكن للمستخدمين إنشاؤها وتخصيصها.

خطط ميتا في هذا الشأن أثارت العديد من علامات الاستفهام، خاصة بعد حذف الشركة آلاف الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتي تُستخدم غالبًا لنشر المعلومات المضللة، بدءًا من التأثير على نتائج الانتخابات وصولًا إلى تعزيز الانقسامات المجتمعية؛  إذ إن استمرار وجود تلك الحسابات له تأثيرات سلبية عديدة في مقدمتها تقويض الثقة بالنظام الرقمي.

وبات المستخدمون يشككون بشكل متزايد في مصداقية المنشورات، والإعجابات، وحتى الحسابات نفسها، ما يُثير التساؤلات حول مدى واقعية التفاعلات عبر الإنترنت.

ويثير الصراع ضد الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي العديد من الأسئلة الأخلاقية والتنظيمية، التي قد تجبر الحكومات وصناع السياسات في نهاية المطاف على وضع قوانين واضحة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي.

ولكن وضع قوانين في هذا الإطار ستواجه العديد من التحديات، على رأسها التوازن بين حرية التعبير والحاجة للحد من السلوكيات الضارة، وضمان الشفافية في عمليات الإشراف باستخدام الذكاء الاصطناعي. كما يجب أن تتضمن تلك القوانين نصوصًا تعمل على حماية بيانات المستخدمين من الاستغلال بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي.

ويعتبر قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي مثالًا على الجهود الرامية إلى فرض لوائح صارمة حول استخدام الذكاء الاصطناعي، ما يُلزم منصات مثل “ميتا” بمزيد من المسؤولية.

وإلى جانب التحديات التقنية والسياسية، يؤثر صعود الحسابات المدارة بالذكاء الاصطناعي نفسيًا على المستخدمين، مسببًا شعورًا بالقلق والشك تجاه التفاعلات عبر الإنترنت، ما يضيف مزيدًا من التعقيد لعالم وسائل التواصل الاجتماعي المليء بالتحديات أصلًا.

اترك رد

Your email address will not be published.