هل يُعيد الذكاء الاصطناعي التوليدي تشكيل خريطة القوى العاملة عالميًا؟
AI بالعربي – متابعات
يشهد العالم المهني تحولات متسارعة بفعل الذكاء الاصطناعي التوليدي “GenAI“، الذي يمتد تأثيره ليشمل كافة جوانب العمل، بدءًا من الإنتاجية ووصولًا إلى ثقافة المؤسسات.
المؤسسات التي تعتمد على البيانات تستفيد بشكل أكبر
على الرغم من أن العديد من المؤسسات بدأت في تبنِّي الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن المؤسسات التي تمتلك بنية بيانات قوية تُعد الأكثر قدرة على الاستفادة منه. وتمتاز هذه المؤسسات بوجود قواعد بيانات ضخمة، وأنظمة حوكمة متطورة، وأُطر أمان منيعة وقوية تضمن الاستفادة المثلى من تقنيات الذكاء الاصطناعي.
و يمكّن وجود هذه البنية التحتية المؤسسات من تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي التوليدي بسرعة وكفاءة بمجرد تحديد حالات الاستخدام المناسبة، مما يقلل من الوقت اللازم لتطوير الحلول وتنفيذها على أرض الواقع.
توسع الاستخدام بعناية وحذر
مع تجاوز العديد من الشركات مرحلة التجريب، بات من الضروري أن يتم التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بطريقة مدروسة. ويتطلب التطبيق الفعلي لهذه التكنولوجيا اختبار الحلول في بيئات صغيرة لضمان فاعليتها قبل تعميمها.
ويتيح هذا للمؤسسات تحديد المشاكل المحتملة بشكل مبكر، كما يساعد على تقليل الإحباط الذي قد يسببه فشل الحلول أو عدم سير الأمور كما هو متوقع.
الوعي بالمخاطر
لا تخلو عملية استخدام الذكاء الاصطناعي من المخاطر المحتملة التي تشمل خروقات البيانات، وانتهاك الخصوصية، والتحيز في النتائج. وتدرك معظم الشركات هذه المخاطر، وتعمل على تجنبها من خلال اتخاذ تدابير وقائية مثل إجراء تجارب في بيئات آمنة ضمن الشركة.
وتكمن أهمية هذه الخطوة في تجنب التأثيرات السلبية على سمعة الشركة، وضمان التزامها بالقوانين والمعايير الأخلاقية التي تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل.
تحسين الإنتاجية
حققت تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل الأتمتة، تحسنًا ملحوظًا في الإنتاجية على مستوى الشركات؛ فعلى سبيل المثال، بعض العمليات التي كانت تأخذ أسابيع لإنجازها يمكن إتمامها في دقائق بفضل الأتمتة. ولكن، لا تزال بعض الشركات تفتقر إلى خطة واضحة لاستخدام الوقت الذي يتم توفيره نتيجة لتسريع العمليات. بحسب “المنتدى الاقتصادي العالمي”.
و هذا يشير إلى ضرورة التفكير في كيفية إعادة توزيع الوقت الناتج عن تحسين الأداء، وتحقيق أقصى استفادة منه من خلال تكليف الموظفين بمهام أكثر إبداعًا أو قيمة.
تحسين جودة العمل
لا يقتصر استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي على تحسين الإنتاجية فحسب، بل يشمل أيضًا تحسين جودة العمل، ومن خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن تقليل الأخطاء البشرية وزيادة دقة النتائج، مما يساهم في تحسين جودة المنتجات والخدمات المقدمة.
وعندما يُنفذ الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل صحيح، يمكن أن يعزز الاتساق في العمل ويؤدي إلى تحسين رضا العملاء بشكل عام، ما يجعل ذلك عاملاً محفزًا قويًا لتبنِّي هذه التقنيات.
عدم ارتياح بعض الموظفين
على الرغم من المكاسب التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا يزال بعض الموظفين يشعرون بالقلق بشأن دقة النتائج أو تأثير هذه التكنولوجيا على وظائفهم. في أقسام تكنولوجيا المعلومات، حيث يتسم الموظفون بميل أكبر لتبنِّي هذه الأنظمة، لا يزال هناك عدم يقين في الأقسام التي تشهد تحولًا أكثر تأثيرًا بسبب استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي
ويمكن التغلب على هذا التحدي من خلال برامج تدريبية تركز على رفع مهارات الموظفين وتمكينهم من التعامل مع الأدوات الجديدة. و يعزز ذلك من الثقة بالتكنولوجيا ويجعل الموظفين أكثر قدرة على التكيف مع التحولات في بيئة العمل.
إدارة التغيير ضرورية لنجاح
إن تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي يتطلب تغييرات عميقة في ثقافة المنظمة، ويتعين على القيادة العليا في الشركة فهم هذه التغييرات والعمل على توفير الدعم اللازم من خلال سياسات واضحة وبرامج تدريبية. ولا تقتصر أهمية هذه التغييرات على الفرق الفنية فقط، بل تمتد إلى كل الأقسام التي يتأثر عملها بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ويساهم المديرون المتوسطون الذين يمتلكون فهمًا عميقًا لعمليات الشركة في تسهيل عملية دمج الذكاء الاصطناعي وتوجيه الفرق نحو أقصى استفادة ممكنة من هذه الأدوات.
نسبة القوى العاملة التي التقنية
تتفاوت مستويات تبنِّي الذكاء الاصطناعي التوليدي في مختلف المؤسسات، حيث تتراوح النسبة بين 20% و80% من الموظفين الذين يستخدمون هذه التكنولوجيا. في بعض الشركات، تم تمكين جميع الموظفين من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بينما في شركات أخرى، يتم تقييد الوصول إلى بعض الأقسام، أو تتطلب الحصول على تراخيص خاصة.
ويشير هذا التفاوت إلى أهمية وجود سياسات مرنة وواضحة لضمان الوصول العادل إلى هذه الأدوات وفاعلية استخدامها في تحسين الأداء.
مؤسسات قليلة طورت استراتيجيات الذكاء التوليدي
تشكل مسألة استدامة استخدام الذكاء الاصطناعي تحديًا للعديد من المؤسسات، خصوصًا تلك التي تستخدم نماذج ذكاء اصطناعي ضخمة مثل شات جي بي تي التي تتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة. ورغم أن العديد من الشركات بدأت في الاعتراف بهذه المشكلة، فإن قلة منها قد وضعت استراتيجيات طويلة المدى لمعالجة استهلاك الطاقة وتحقيق توازن بين الفوائد والتكاليف البيئية المرتبطة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
الاستغناء عن البشر خطأً فادحًا
تؤكد معظم المؤسسات على ضرورة وجود تدخل بشري في العمليات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، وذلك لضمان الاستخدام المسؤول والأخلاقي لهذه التكنولوجيا؛ حيث تُدرك الشركات تمامًا أهمية الخضوع للقوانين الأخلاقية مثل قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي، وتعمل على التأكد من أن جميع الإجراءات تتماشى مع المعايير القانونية والتقنية. كما أن تدخل البشر يضمن التحقق من نتائج الذكاء الاصطناعي، مما يقلل من خطر الخوارزميات التمييزية ويسهم في تحسين كفاءة النظام بشكل عام.
الشاهد هنا أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يُعد بمثابة الثورة الصناعية الرابعة التي تعيد تشكيل القوى العاملة، وتعزز الإنتاجية وجودة العمل، وتعيد تحديد أدوار الموظفين في مختلف الصناعات؛ إلا أن نجاح هذه التكنولوجيا يعتمد بشكل كبير على كيفية إدارة التغيير داخل المؤسسات، وفهمها العميق للمخاطر والمزايا المحتملة، بالإضافة إلى استعدادها للاستثمار في تدريب وتطوير مهارات موظفيها.