طب الذكاء الاصطناعي.. إلى أين وصل علاج الأورام السرطانية؟

11

AI بالعربي – خاص

لا يزال خبراء المجال الطبي من الجراحين واستشاريي الأورام يبذلون ما بوسعهم من أجل التعامل مع بعض الأمراض التي يستعصي علاجها أو يأخذ التعافي منها مراحل طويلة وشروطًا معينة. من جانبه، يؤدي الذكاء الاصطناعي دوره المنوط به كلَّما أمكن أن يكون له دور في خضم التخصصات الطبية، لا سيَّما بالإسهام في علاج الأمراض الخبيثة والمستعصية على الأطباء، وعلى رأسها الأورام السرطانية.

ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية؟

استنادًا إلى موجة الابتكار التكنولوجي التي يشهدها القرن الحادي والعشرون، صارت لدى الهيئات العلمية، ومن ضمنها الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، أدوات وتقنيات مثل “العلاج الإشعاعي الجسدي المجسَّم” و”العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا” والذكاء الاصطناعي، مما يجعل العلاجات أكثر فعَّالية وكفاءة مع تقليل الآثار الجانبية.

1. العلاج الإشعاعي الجسدي المجسَّم

العلاج الإشعاعي الجسدي المجسَّم هو تقنية علاج متقدمة تستهدف الأورام بدقة عالية باستخدام جرعات مرتفعة جدًا من الإشعاع. تتميز هذه التقنية بأنها تقلل من تأثير الإشعاع على الأنسجة السليمة المحيطة، مما يقلل احتمالية حدوث آثار جانبية. بفضل هذه الدقة، يقدم العلاج الإشعاعي الجسدي المجسَّم بديلاً علاجيًا قيِّمًا لأنواع متعددة من الأورام، بما في ذلك أورام الرئة والكبد والدماغ والبنكرياس.

تساهم الوكالة في تنفيذ هذه التقنية العلاجية عبر مشاريع بحثية وتعاون تقني في عدة بلدان. ومن أبرز المشاريع، دراسة حول فعالية هذا العلاج في حالات سرطان الخلايا الكبدية التي لا يمكن إخضاعها للجراحة، وهو أكثر أنواع سرطان الكبد شيوعًا، حيث تأتي توقعات الوكالة الدولية أنْ تؤثر نتائج هذا المشروع على المعايير العلاجية الحالية، خاصة في البلدان النامية.

2. العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا

العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا هو تقنية إشعاعية متقدمة تهدف إلى توزيع جرعات متفاوتة من الإشعاع على نطاق واسع من الورم، مع حماية الأنسجة السليمة المحيطة. تُعد تقنيتا “العلاج الإشعاعي الشبكي” و”العلاج الإشعاعي المتعدد الأبعاد” من أبرز تطبيقاته. في العلاج الإشعاعي الشبكي، تُستخدم كتلة مادية بها ثقوب صغيرة لتوزيع الجرعات، بينما يعتمد العلاج الإشعاعي المتعدد الأبعاد على النماذج الحاسوبية لتحقيق نتائج مشابهة.

تشير الدراسات إلى استجابة ممتازة عند استخدام هذا النوع من العلاج، خاصة مع الأورام الكبيرة الحجم. وأكدت أبحاث الوكالة، أنَّه على الرغم من أن هذه التقنية موجودة منذ فترة، إلا أن التطورات التكنولوجية الحديثة وفرت مستويات أمان أعلى بكثير. في عام 2020، أطلقت الوكالة مشروعًا بحثيًا لدراسة فعالية العلاج الإشعاعي المجزَّأ مكانيًّا في تخفيف الأعراض وتحسين استجابة المرضى في حالات سرطانات الرئة وعنق الرحم. يهدف هذا المشروع إلى تعزيز جودة حياة المرضى من خلال تخفيف الأعراض وتأخير تقدم المرض.

جهود الذكاء الاصطناعي في أبحاث السرطان

خلال ورقة علمية نشرتها المكتبة الوطنية للطب (National Library of Medicine) بالولايات المتحدة الأميركية، تناولت الفرص والتحديات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في أبحاث السرطان، وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة عالميًا وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. لكنها أشارت إلى فرصة يقدمها الذكاء الاصطناعي، في تحسين دقة وفعالية التنبؤ بالسرطان وتشخيصه وعلاجه، عبر الاستفادة من مجموعات بيانات ضخمة متاحة للتدريب، إضافة إلى منصات السحابة التي تتيح وصولًا سهلاً لخدمات الذكاء الاصطناعي.

المعلومات والنتائج التي تم نشرها عبر موقع المكتبة على شبكة الإنترنت في نوفمبر 2022، تحت عنوان “Artificial Intelligence in Cancer Research: Trends, Challenges and Future Directions”، قالت بأنَّ النماذج الذكية تساعد في تشخيص السرطان بدقة، وتحديد عوامل الخطر، وتقديم خطط علاج شخصية تقلل الألم وتحسن نتائج الشفاء، مما يرفع جودة حياة المرضى.

قيود اعتماد الذكاء الاصطناعي

بحسب الورقة العلمية، يواجه اعتماد الذكاء الاصطناعي قيودًا مثل أمن البيانات، التحيز في البيانات، وغياب البيانات الموسومة. فتعتمد قرارات الذكاء الاصطناعي على التنبؤات والاحتمالات، مما يجعلها عرضة للأخطاء التي لا يمكن تحميل النظام مسؤوليتها. لذا، يتطلب الأمر تعاونًا بين الذكاء الاصطناعي والخبراء الطبيين لضمان التحقق من القرارات.

في انتظار علاج أكثر ذكاءً.. مستقبل مواجهة الأورام السرطانية

في المستقبل، ستعتمد معالجة السرطان على الطب الدقيق المدعوم بذكاء اصطناعي أكثر تطورًا، مما يتيح تخصيص العلاجات بشكل أفضل وأتمتة غالبية عمليات التنبؤ والتشخيص والعلاج. بحسب دراسة تم نشرها بعنوان “Synergizing AI and Healthcare: Pioneering Advances in Cancer Medicine for Personalized Treatment” على صفحات مجلة “International Journal of Multidisciplinary Sciences and Arts” العام 2024، تبلورت نظرة الباحثين المستقبلية نحو ما يلي:

الحدود التحويلية: الذكاء الاصطناعي ورعاية السرطان

يشهد مجال رعاية السرطان ثورة يقودها الذكاء الاصطناعي، حيث يعيد تشكيل أساليب التشخيص والعلاج والإدارة. بفضل قدرته على تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة، يساعد الذكاء الاصطناعي في فهم الطبيعة الفريدة لكل مريض، مما يؤدي إلى تشخيصات دقيقة وخطط علاج مخصصة. هذه القدرة تدفع عجلة الابتكار، خاصة في تصوير السرطان، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي على اكتشاف العلامات المبكرة التي قد تفوتها الطرق التقليدية، مما يعزز فرص التدخل المبكر وتحسين النتائج.

الابتكار في التشخيص والعلاج

يساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير تقنيات جديدة مثل الخزعات السائلة التي تعتمد على تحليل الدم للكشف عن السرطان بشكل غير جراحي. كما يساعد في تصميم علاجات دقيقة تستهدف السرطان بناءً على بيانات كل مريض. إضافة إلى ذلك، تعزز “مجالس الأورام الافتراضية” المدعومة بالذكاء الاصطناعي من كفاءة اتخاذ قرارات العلاج، مما يضمن خطط علاجية شاملة.

ختامًا، يعتبر الذكاء الاصطناعي مساعدًا جيدًا في جمع البيانات وإنجاز ما يمكن إنجازه في تشخيص الأورام، لكن هذا لن يتم بعيدًا عن أيدٍ بشرية تكافح، وعقل علمي مبتكر، يقود ثورة الذكاء في مواجهة المرض الخبيث.

اترك رد

Your email address will not be published.