بناء الشخصية الافتراضية غير الواقعية: الذكاء الاصطناعي إلى أين؟
AI بالعربي – متابعات
يشهد العالم اليوم تحولاً هائلاً بفضل الذكاء الاصطناعي الذي لم يعد مجرد تقنية مساعدة، بل أصبح أداة قوية قادرة على تشكيل جوانب عديدة من حياتنا اليومية. وبناء الشخصيات الافتراضية أصبح من أبرز تطبيقات هذه التقنية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُنشئ شخصيات رقمية تتفاعل مع المستخدمين بطرق واقعية، تحاكي السلوك البشري وتتعلم منه. هذه الشخصيات لم تعد حكرًا على الأفلام أو الألعاب، بل بدأت تجد طريقها إلى الأعمال التجارية، والتعليم، والرعاية الصحية، حيث يتم استخدامها لتقديم الدعم والتفاعل بشكل مبتكر وفعال.
مع هذا التطور المذهل، تبرز تساؤلات جوهرية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، وحدوده الأخلاقية والاجتماعية، مثل: إلى أي مدى يمكن أن يعتمد الإنسان على هذه الشخصيات الافتراضية؟ وكيف ستؤثر على العلاقات الإنسانية الحقيقية؟ بينما توفر هذه التكنولوجيا إمكانيات لا حصر لها، يبقى التحدي الأساسي هو الحفاظ على التوازن بين الابتكار والمسؤولية، لضمان أن تظل الشخصيات الافتراضية أداة تعزز حياة الإنسان ولا تحل محلها.
حاضر وبقوَّة
وبذلك صار من المفترض والطبيعي أن يكون الذكاء الاصطناعي حاضرًا في حياتنا وبقوة؛ إذ لم تعد الآلة متمحورة في أمور كثيرة من حياتنا، فتحوَّلت من دور الدخيل إلى جار نتعايش معه ونتعاطى.
المفهوم الطبيعي للشخصية الافتراضية
في أبسط مفاهيم الفرد الرقمي أو الشخصية الرقمية أو الشخص الافتراضي أو ما اصطلح على تسميته بالشخصية الافتراضية، هو القائد النفسي والسلوكي والاجتماعي الذي يسير عجلة الغد بأدواته التكنولوجية التي أمست أشد خطرًا على المستقبل من الحروب العسكرية والاقتصادية.
الشخصية الافتراضية غير الواقعية
لكن الفكرة حين تكون هذه الشخصية غير حقيقية على الإنترنت، وهذا ما حدث بجامعة “في سري”، بالتعاون مع شركة الذكاء الاصطناعي “ستاربال”، إذ نجحت في ابتكار نسخة أفاتار لشخصية إليزابيث بينيت من رواية “كبرياء وتحامل” للكاتبة جين أوستن. ويمكن لعشاق الأدب التفاعل مع هذا الأفاتار في مركز التعلم بمنزل جين أوستن في هامبشاير من سبتمبر حتى منتصف ديسمبر. والهدف من المشروع هو محاكاة الخصائص الإنسانية للشخصية من خلال محادثات فريدة ومباشرة مع الزوار.
سوفي سميث، مديرة التكنولوجيا الإبداعية في جامعة UCA، أشادت بالمشروع، وعبّرت عن حماستها لتمكين الناس من إجراء محادثات واقعية مع إليزابيث بينيت. والأفاتار مصمم بملابس ومظهر مستوحى من فترة الريجنسي، من خلال تعاون بين طلاب الفنون الرقمية وتصميم الأزياء في الجامعة، مما يعزز البعد التاريخي للمشروع.
مديرة منزل جين أوستن، ليزي دونفورد، وصفت المشروع بالمثير، وأشادت بالابتكار والتقنيات الجديدة التي طورها فريق العمل. وأضاف تانغي ديفاورين، المدير التنفيذي في “ستاربال”، أن الأفاتار يواصل إبهارهم بمستوى الواقعية والابتكار في المحادثات التي يُجريها مع الزوار.
واقع ثقافي
إن ما يراه العالم أصبح واقعًا على الصعيد الثقافي، وليس مجرد قبول للواقع التكنولوجي الذي نعيشه. فقد أصبحت أشكال التفاعل أكثر اندماجًا وواقعية، خاصةً أن حلم الوصول إلى مستقبل بعيد لم يعد كما كان سابقًا. لقد أصبحت المعايشة أحد أسس هذا الواقع الثقافي، وقد تُطبق هذه المعايشة في نماذج أخرى غير خيالية، كما يمكن أن تتطور الرؤى نحو شخصيات تاريخية.
قد يبدو هذا التصور غير مبالغ فيه، فكما كانت الدراما تقدم شخصيات تجسد الملوك والأباطرة والعظماء من الماضي، وكما تم إحضار شخصية خيالية إلى واقعنا اليوم، يمكن أن تظهر نماذج جديدة تسهم في مسرحة الأحداث وتطوير درس التاريخ التقليدي. هذه النماذج قد تتحول إلى أيقونات تعليمية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وقراءة جديدة للمشاهد.
مستقبل مأمول.. ولكن بحذر
يأمل المختصون والمتعاونون مع الذكاء الاصطناعي أن يتطور هذا المجال ليصبح مساعدًا فعالًا في مجالات التعليم والثقافة والمعارف العامة. فطالما كانت هذه النماذج مدعومة بقدرات تتناسب مع الثقافة واللغة، فإنها قد تفتح آفاقًا جديدة دون أن تتحيز لجنس أو فئة. ومع ذلك، يجب أن يكون توخي الحذر حاضرًا بالتوازي مع هذا التطور، الذي يسعى إلى خلق رؤية وتعزيز فكر مبتكر يدعم ذكاءً يخدم العلم وفق منهج حقيقي ومستدام.