صندوق العجائب الاصطناعي

صندوق العجائب الاصطناعي

د. زياد بن عبدالعزيز آل الشيخ

في التوهج الخافت لمقهى أنيق في سان فرانسيسكو، يلتف عدد من المبرمجين على أجهزتهم المحمولة، حيث تعكس شاشاتهم الدردشة حول تقييم شركة الذكاء الاصطناعي المفتوح الذي يلوح في الأفق وقد بلغ 150 مليار دولار. ينقر أحدهم على أسطر التعليمات البرمجية، ويختبر حدود النموذج الحالي، وهو يتصفح آخر العناوين الرئيسية حول النموذج الجديد الذي يلقبونه “ستراوبيري”. الحماس الذي يملأ المكان يعد بنقاش ساخن. بينما تنتقل همسات النقاش حول قدرات الذكاء الاصطناعي الجديدة عبر المقهى، يستقر شعور بعدم الارتياح: إذا كانت هذه التقنية هي المستقبل، فهل ستحقق الأرباح التي تعد بها غدا أم ستستمر في خلق قفزات ابتكارية تمول باستثمارات الشركات الكبرى؟

تسعى شركة الذكاء الاصطناعي المفتوح للحصول على تمويل بقيمة 6٫5 مليارات دولار في محادثات جادة مع عدد من المستثمرين الكبار مثل مايكروسوفت وأمازون وإنفيديا. التمويل الجديد الذي تديره شركة (ثرايف) مدفوع بالانتقال إلى نموذج جديد يجيب عن الأسئلة الأكثر صعوبة حول حقيقة قدرات الذكاء الاصطناعي الحالية التي تقودها الشركة. التحدي الذي ذكره عدد من الاقتصاديين محذرين من المبالغة في التوقعات، يتصدى له الذكاء الاصطناعي المفتوح بنموذج جديد قادر على معالجة المسائل الأكثر صعوبة، مثل حل المعادلات الرياضية المعقدة وكتابة البرمجيات بكفاءة، وهو ما تبين أنها عاجزة عنه الآن.

إذا كان التحدي الذي تواجهه الشركة في قدرتها التقنية لجذب إيرادات كافية بمنتجاتها الحالية، فإنها تواجه تحدي التكاليف المتصاعدة التي يبدو أنها ليست في طريقها إلى الانخفاض. التكاليف التي تتراكم لتقديم خدمات الذكاء الاصطناعي مرتبطة بتكاليف الطاقة التي تشغل القوة الحوسبية الخام، فحسب بعض التقديرات، فإن الشركة تحرق 7 مليارات دولار كل عام لتشغيل معالجاتها فائقة السرعة.

النموذج الجديد التي ستطلقه الشركة يعني بالضرورة الحاجة إلى طاقة تشغيلية أعلى، وهو ما يعني تكاليف أكبر. من الواضح أن الذكاء الاصطناعي المفتوح يبحث عن طريقة للخروج من سباق الفئران، وهو أمر لا يبدو مزعجا للمستثمرين الذين لا يكادون يملكون أنفسهم بانتظار النموذج الجديد الذي يبعد أشهر قليلة. الثقة التي يمنحها المستثمرون للشركة لا تعني أنهم متفائلون بالمستقبل، إنما قد يعني أنهم يخشون من البقاء في الماضي كذلك.

يبدو أن نموذج الأعمال الذي تعمل به الذكاء الاصطناعي المفتوح حتى الآن مبني على الاستفادة من الخوف من الخسارة، والبقاء خارج الزمن. لطالما عبر المراقبون عن قدرة سام آلتمان في إيجاد وسائل تمويلية مبتكرة للشركة، حيث يرفع التقديرات بإبقاء الشركة مستمرة في سلسلة من عروض الشراء ودورات التمويل. فهل سيبقى هذا النموذج صالحا مستقبلا، مع وجود منافسين لديهم القدرة على تذويب الفوارق؟ أم ستستمر الشركة في قدرتها على الإدهاش، بحيث تبيعك تذكرة مليارية لتنظر في صندوق العجائب لترى المستقبل؟

المصدر: الرياض

Related Posts

تراجع أسهم “أوراكل” يعيد المخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي

AI بالعربي – متابعات تلقّى الزخم القوي الذي يدعم أسهم الذكاء الاصطناعي ضربة واضحة، بعد تقرير مخيّب من شركة “أوراكل”، أعاد إلى الواجهة المخاوف المرتبطة بالتقييمات المبالغ فيها واحتمال تشكّل…

تحذيرات علمية: مسار تطوير الذكاء الاصطناعي قد يهدد وجود البشرية

AI بالعربي – متابعات أعرب عدد من أبرز الباحثين وقادة المنصات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي عن مخاوف متزايدة من أن يقود التطور السريع لهذه التقنية إلى تهديد وجودي للبشرية،…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات

الذكاء الاصطناعي يشكل اقتصاداتنا.. ما النتائج؟

  • نوفمبر 29, 2025
  • 98 views
الذكاء الاصطناعي يشكل اقتصاداتنا.. ما النتائج؟

الذكاء الاصطناعي يؤجج حرب التضليل الإعلامي

  • نوفمبر 22, 2025
  • 136 views
الذكاء الاصطناعي يؤجج حرب التضليل الإعلامي

الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

  • نوفمبر 10, 2025
  • 222 views
الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

  • نوفمبر 8, 2025
  • 228 views
في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

  • أكتوبر 30, 2025
  • 247 views
“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

  • أكتوبر 12, 2025
  • 388 views
الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر