الذكاء الاصطناعي في خدمة القطاع الحكومي
وعلى الرغم من الفوائد، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الحكومة يأتي مع كثير من المخاطر، يمكن أن تكون الأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي غير محايدة إذا كانت البيانات التي تم تدريبها عليها منحازة، مما يؤدي إلى نتائج سياسات غير عادلة ومتناسبة، ويؤثر ذلك على الدول التي تطمح إلى تعديل سياساتها دون امتلاك مخزون كافٍ من البيانات، كما أن أحد المخاطر المحتملة هو أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد على كميات هائلة من البيانات الشخصية، وهو ما يمس الخصوصية وأمن البيانات، وقد يؤدي التعامل غير السليم مع البيانات إلى انتهاكات أو سوء استخدام المعلومات الحساسة، وأخيراً، فإن تعقيد أنظمة الذكاء الاصطناعي يجعل من الصعب على الجمهور فهم كيفية اتخاذ القرارات، مما يثير القلق بشأن الشفافية والمساءلة.
وتفعيل دور الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي لا يأتي دون معوقات، فتبنّيه يتطلب قوة عاملة مؤهلة قادرة على إدارة ونشر وصيانة الأنظمة، وغالباً ما تواجه الحكومات صعوبة في جذب والاحتفاظ بالمواهب في مجال الذكاء الاصطناعي بسبب المنافسة من القطاع الخاص، كما تعد التحديات التنظيمية والأخلاقية أيضاً أحد العوائق الأساسية، ويتعين على الحكومات -كما تُلزم هي القطاع الخاص- وضع لوائح واضحة وإرشادات أخلاقية خاصة بها لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بمسؤولية، وهي كذلك ملزمة بتحقيق التوازن بين الابتكار وحماية حقوق المواطنين، كما أن كسب ثقة الجمهور في دور الذكاء الاصطناعي هو أيضاً تحدٍ مهم، وللوصول إلى ذلك قد يتعين على الحكومات التأكد من أن أنظمة الذكاء الاصطناعي شفافة وقابلة للتفسير وخاضعة للمساءلة.
إن من الصعب التشكيك بالدور الثوري الذي أحدثه وسيحدثه الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات، وإيمان الحكومات بهذا الدور ضروري للغاية لتمكّن جميع القطاعات من تبني هذه القدرة لإحداث ثورة في كيفية عمل الحكومات، مما يعزز الكفاءة والإنتاجية وتقديم الخدمات. ومع ذلك، يتطلب تنفيذه الناجح معالجة المخاطر والتحديات المرتبطة بالخصوصية والشفافية والتحيز، والحكومات كما تشجع القطاع الخاص لتفعيل دور أدوات الذكاء الاصطناعي، فقد يتعيّن عليها فعل المثل، ويخضع ذلك لمعايير كثيرة، منها أن هذه الأدوات قد تُغني عن مئات الموظفين الحكوميين، وهو أمر إن رغبت فيه بعض الحكومات، فإن البعض الآخر لا يحبذه.
المصدر: الشرق الأوسط