الذكاء الاصطناعي وكرة القدم
أ. د. عصام عبدالعزيز العمار
أصبح الذكاء الاصطناعي أحد التطورات العالمية التي أخذت بعدا متقدما لكثير من الصناعات التحويلية والقطاعات مثل الكهرباء والمياه والطيران المدني والاتصالات والنقل والموانئ والدواء والغذاء وغيرها. إن الذكاء الاصطناعي مجموعة من التقنيات التي تمكن أجهزة الحاسوب من أداء سلسلة متنوعة من الوظائف المتقدمة، بما في ذلك القدرة على رؤية وفهم وترجمة اللغة المنطوقة والمكتوبة وتحليل البيانات وتقديم التوصيات. وبالتالي تستطيع هذه التقنية أداء المهام المعقدة التي لم لا يستطيع الإنسان العادي أداءها والقيام بها، وعلى سبيل المثال التفكير المتقدم أو اتخاذ القرارات أو حل المشكلات.
في عالم كرة القدم مثلا، أضحى الذكاء الاصطناعي لغة مستخدمة في عديد من المباريات، وكانت موجودة في بطولة كأس العالم التي أقيمت في قطر عام 2022 وبطولة أوروبا التي أقيمت في ألمانيا 2024. ويستطيع الذكاء الاصطناعي باستخدام الرؤية الحاسوبية وخوارزميات تعلم الآلة، تتبع حركة اللاعبين والكرة في الوقت الفعلي، ما يوفر بيانات قيمة حول تمركز اللاعب وسرعته والمسافة المقطوعة.
ويدعي البعض أن بإمكان الذكاء الاصطناعي التوليدي التنبؤ بنتائج المباريات في كرة القدم، حيث تستخدم خوارزميات تعلم الآلة لتحليل البيانات التاريخية والاتجاهات الحالية لاستقراء والتنبؤ بالنتائج. ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في كرة القدم بطرق مختلفة، بما في ذلك تحسين أداء اللاعب وتحليل لقطات المباراة ومساعدة الحكام في اتخاذ القرارات الصائبة وتعزيز تجربة المشاهد. ولكن لن تكون توقعات الذكاء الاصطناعي مضمونة ودقيقة وصحيحة إلا مع التدريب والاستخدام المكثف للبيانات، ويظل الذكاء الاصطناعي التنبؤي مساعدًا في الاستعداد للمباريات ومعرفة جوانب القوة والضعف لدى الفرق المنافسة.
لقد أصبح فريق ليفربول لكرة القدم إحدى الفرق الأولى في العالم التي تستخدم نظام الذكاء الاصطناعي لتكتيكات كرة القدم في الركلات الركنية، والمعروف بـ TacticAI. الجدير بالذكر أن الاتحاد الدولي لكرة القدم يستخدم أيضا الذكاء الاصطناعي في جوانب مختلفة بما في ذلك تحليل اللعبة وإدارة المباريات واستكشاف اللاعبين. ولقد واجه الحكم المساعد بالفيديو المعروف بـ VAR رد فعل عنيف أخيرا مع انتشار عدد من الأخطاء الرئيسة، وسيقدم الدوري الإنجليزي الممتاز هذه التقنية شبه الأوتوماتيكية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، على غرار النظام المستخدم في كأس العالم لكرة القدم في قطر.
ويعتقد بعض الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي أنه يمكن استبدال الحكام بالروبوتات خلال الـ20 إلى الـ 30 عاما القادمة، حيث يبرز الذكاء الاصطناعي مساعدا في مجال التحكيم، مع استخدام تقنية VAR وتقنية خط المرمى. ومع توافر مزيد من البيانات عالية الدقة والجودة فقد يمكن إدارة المباريات بواسطة آلة تعمل بالذكاء الاصطناعي، ما يلغي الحاجة إلى حكم بشري على أرض الملعب، خصوصا مع وجود الرؤية الحاسوبية بصورة أكثر فعالية في السنوات المقبلة وزيادة عدد الكاميرات الموجودة على أرض الملعب.
وهذا سيقدم بيانات ضخمة مع دور الذكاء الاصطناعي للتحليل وتقديم قرارات بصورة فورية، ما يلغي الأخطاء من قبل الحكام البشر التي بعضها قد تكون كارثية في بعض الأحايين. ومع زيادة حجم البيانات وجودة النماذج التي يتم تدريبها وزرع حساسات متناهية الصغر في ملاعب كرة القدم، ستكون نماذج الذكاء الاصطناعي التي يمكنها اتخاذ قرارات التحكيم على ضوء ما يرونه من أحداث على أرض الملعب. وقد نصل إلى نتيجة لا نحتاج فيها إلى حكم بشري على الإطلاق، وسيكون لدينا بدلا من ذلك حكم آلي وذكي بمعنى الكلمة.
وقبل الوصول إلى هذا المرحلة، قد نرى حكما بشريا يتصل بمساعد افتراضي يعمل بالذكاء الاصطناعي ليرشده إلى اتخاذ قرارات أفضل وتنبيه إلى جوانب قانونية أو استرشادية. وفي نهاية المطاف، قد نرى الحكم مجرد آلة وذكاء اصطناعي في المستقبل.
المصدر: الاقتصادية