هل يمكن أن يندمج البشر بشكل كامل مع الذكاء الاصطناعي؟

5

AI بالعربي – متابعات

يُؤمن أنصار الذكاء الاصطناعي بفكرة جوهرية -غالباً ما تُغفل في النقاشات العامة حول هذه التكنولوجيا، مفادها أن الهدف النهائي للذكاء الاصطناعي هو تحقيق الوعي الذاتي والخلود “المعنوي”.

يرى أنصار الذكاء الاصطناعي أن تحقيق تلك الغاية يتطلب نشر شبكات دقيقة من الروبوتات داخل أجسادنا، والتي يمكن أن تُساعد على المدى القصير في الوقاية من العديد من الأمراض ومنها السرطان، وتُحرر نصف القوى العاملة.

لكن لتحقيق أهدافها العظيمة -ألا وهي الخلود، والذكاء الخارق، والقضاء على جميع أمراضنا، يتطلب الأمر دمج ملايين الروبوتات ذاتية التكاثر في دمائنا.

الروبوتات النانوية: ثورة طبية على أعتاب المستقبل

– يجزم رائد الذكاء الاصطناعي راي كورزويل بأن “التفرد”، أيّ تلك اللحظة التي يتخطى فيها الذكاء الاصطناعي قدرات البشر- بات وشيكًا.

يتميز كورزويل بسجله الحافل من التنبؤات الدقيقة، فقد توقع في أواخر الثمانينيات انتشار شبكة المعلومات العالمية، وازدهار الأجهزة المحمولة، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة.

وفي كتابه “التفرد أقرب”، يتوقع كورزويل العديد من التطورات التكنولوجية المذهلة، بما في ذلك ظهور الروبوتات النانوية، والتي يمكن أن تصبح متاحة على حد زعمه خلال السنوات القليلة القادمة.

ستتمكن هذه الروبوتات من أداء المهام الطبية بدقة وكفاءة تفوقان قدرات البشر، مثل إجراء الجراحات المعقدة ووصول الأدوية إلى أدق أماكن الجسم.

ومع ذلك، لا تخلو هذه التكنولوجيا من مخاوف أخلاقية واجتماعية، فما هي الآثار المترتبة على استخدام الروبوتات النانوية في الجراحة؟ ومن سيحدد مسؤولية الأخطاء الطبية؟ وكيف ستؤثر هذه الروبوتات على وظائف العاملين في المجال الطبي؟

اندماج البشر بالكامل مع الذكاء الاصطناعي بحلول 2040

يتصور كورزويل أنه خلال عقد من الزمن، سنتمكن من حقن روبوتات النانو في مجرى الدم، ستسافر هذه الروبوتات المجهرية عبر أوردتنا لتصل إلى أدمغتنا، حيث ستقوم بربط قشرتنا الدماغية الحديثة بالسحابة الرقمية، وستُتيح لنا هذه الروابط توسيع قدراتنا الذهنية بملايين الأضعاف.

ستُتيح لنا روبوتات النانو التفاعل مباشرة مع العوالم الافتراضية، فيصبح تسلق جبل إيفرست، أو حضور الأوبرا، أو حتى الاستمتاع بقضاء عطلة افتراضية غنية بالتجارب الحسيّة لجميع أفراد الأسرة، أمورًا ممكنة دون مغادرة منازلنا.

ويتوقع المؤلف أنه بحلول عام 2040، قد تصبح الروبوتات النانوية شفاءً لمعظم الأمراض، بل قد توقف عجلة الشيخوخة تمامًا.

وأنه سيكون بإمكان البشر استنساخ أنفسهم، وستُتيح لنا تكنولوجيا النانو التحكم بأجسادنا بشكل لا مثيل له، مما يسمح لنا بالجري بسرعة أكبر ولفترات أطول، والسباحة والتنفس تحت الماء كأننا أسماك، بل وحتى امتلاك أجنحة للطيران!

في السياق ذاته، يُؤكّد كورزويل على أنّ جيل الشباب المولود اليوم سيتزامن تخرّجه من الجامعة مع حدوث “تفرد تقني” هائل.

سيشهد هذا العصر ثورة هائلة في مجال تكنولوجيا النانو، ممّا سيُتيح إمكانية توسيع قدراتنا العقلية بشكلٍ مباشر من خلال دمج أدمغتنا مع طبقات من الخلايا العصبية الافتراضية.

هل تسير الأمور وفقًا للتوقعات؟

يطرح كورزويل تساؤلات عميقة حول مسار التطورات التكنولوجية وتأثيرها على مستقبل البشرية، بينما يميل إلى الربط بين التوقعات المتفائلة بتأكيدات مشروطة واسعة النطاق.

يُشير كورزويل إلى أنه إذا تمكنا من مواجهة التحديات العلمية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية التي تفرضها هذه التطورات، فسنقوم بتحويل الحياة على الأرض بشكل عميق نحو الأفضل.

لكن كلمة “إذا” هذه تُخفي وراءها مجلدات من الأسئلة الأخلاقية والقضايا الثورية وآراء المحكمة العليا.

ومع ذلك، عندما يصل التفاؤل إلى ذروته دون قيود، قد يتحول إلى قدرة جامحة، متجاهلاً التعقيدات والتحديات التي قد تواجه البشرية في مسارها التكنولوجي.

نظرة المؤلف الدونية للبشر

قد تجذب تنبؤات كورزويل المستثمرين وروّاد الخيال العلمي “على الأقل إلى أن يحلّ الذكاء الاصطناعي محلهم خلال خمس سنوات”، لكن تكمن القيمة الحقيقية لكتاب “التفرد أقرب” في التعبير الجريء عن وجهة النظر تجاه البشرية.

يعتقد كورزويل أن الفن المُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي سيكون “أكثر ثراءً بكثير” لقدرته على إيصال الأفكار “الشخصية والعشوائية وغير اللفظية” “مباشرة إلى أدمغتنا”.

كما يُقلل كورزويل من قيمة الفن البصري، معتبرًا إياه مجرد زخرفة على الجدران، ويُساويه بنسخ اللوحات عالية الجودة، كما ينتقص من قيمة الروايات، مُعتبرًا إياها ناجحة فقط إذا كانت “تفطر القلب”.

يتجاهل كورزويل في هذا الطرح جانباً هاماً من الفن، ألا وهو الذاتية، فالفن هو تجربة شخصية تتشاركها الذات مع العمل الفني عبر الزمان والمكان، ولا يمكن اختزاله في تقييمات موضوعية.

اترك رد

Your email address will not be published.