الذكاء الاصطناعي
الجازي طارق السنافي
انتشر مصطلح الذكاء الاصطناعي في مجتمعاتنا في الآونة الأخيرة بصورة كبيرة، حيث حقق التطور التكنولوجي طفرة جديدة في عالمنا، إذ يعرف الذكاء الاصطناعي، وبالانجليزية Artificial Intelligence على أنه خوارزميات يمكنها أن تجمع البيانات بشكل أسرع وأكثر دقة لتجاري الذكاء البشري، بل ويمكن لهذه الخوارزميات كذلك، والمتمثلة في بعض التطبيقات، واتخاذ قرارات وإبداء رأي معين تجاه موضوع معين، وعمل بعض المهام والاعمال والإجابة عن الأسئلة والاستفسارات، وحل مسائل رياضية معقدة، وكذلك يمكنها كتابة مواضيع ومقالات متنوعة “ليس من ضمنها هذا المقال!”، ويمكنها كذلك عمل البحوث والدراسات بناء على جمع المعلومات وغيرها من المواضيع العملية والعلمية.
مما لا شك فيه أن الذكاء الاصطناعي بدأ يغزو عالمنا بشكل كبير ومخيف في ذات الوقت، حيث أقحمت البرمجة الاصطناعية في في مجالات “محرم” على الآلات الاقتراب منها، أولها “الكتابة”.
راودني تساؤل حول إمكانية الذكاء الاصطناعي أن يقضي على الغباء البشري الذي بدأ يزداد مع تطور التكنولوجيا، ومع اعتمادنا بشكل كبير على التقنيات الحديثة وتطبيقات الهاتف الذكي التي بدأت تخدمنا بكل شيء وتنسينا أمورًا بسيطة ومهام يومية أخرى.
نعود للسؤال: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقضي على الغباء البشري؟ وأتتني الاجابة بعد أيام من تساؤلي حيث وردني اتصال لقراءة نص مترجم، وبعد قراءتي للنص وجدت أن النص والترجمة يفتقران الى العديد من الأسس البسيطة والأساسية للكتابة.
قمت بالتواصل مع كاتب النص وأبلغته بأنني أرغب في التواصل مع المترجم لاستيضاح أمور عديدة، وكان الرد: بأن المترجم هو روبوت لبرنامج ذكاء اصطناعي ChatGPT! وقد تمت الاستعانة بالروبوت للترجمة دون التدقيق خلف الروبوت “الذكي”، الذي اتضح أنه ليس ذكيًا بما يكفي للقيام بمهمة سهلة، فاليوم أصبح الاعتماد على هذه الخوارزميات والبرامج يغني عن التفكير “البسيط” بل ويجعلنا نعيش في عالم أكثر غباء من أي وقت مضى، لكن ماذا لو تطور الأمر؟ هل سيحل الروبوت والذكاء الاصطناعي محل العامل والموظف والمفكر والكاتب والمصمم والممثل؟ هل سيجعلنا نعتمد عليه بشكل كلي حتى ننسى في النهاية كيف نفكر كبشر بشكل طبيعي ونعمل بشكل طبيعي ونعيش بشكل طبيعي؟
تطور التقنيات يزداد مع تطور الوقت، وهذا أمر طبيعي، لكن كثرتها ستؤدي الى خلق غباء بشري أكبر، وهذا هو الخطر الحقيقي الذي سنواجهه في المستقبل، حيث إن الاعتماد عليها سينسينا أبسط مهامنا، حيث كنا في السابق نعتمد على الحفظ، حفظ رقم الهواتف والعناوين، وحفظ الوصفات وحفظ المعلومات، وحفظ المواعيد وغيرها، أما اليوم فكل ذلك تفعله ذاكرة الهاتف بدلًا من ذاكرتنا.
خلاصة القول: لا يمكن للآلة أن تشعر كما نشعر حتى وإن أمكنها إبداء رأيها المجرد، ولا يمكنها أن تقرر وفق منطق بشري ونظرة بشرية وعاطفة إنسانية، لا يمكنها أن تلامس المشاعر لأنها ببساطة لا تشعر، لهذه التطبيقات إيجابياتها لكنها كذلك لها سلبياتها، أولاها: سترفع من معدلات البطالة، وتخلق محدودية للإبداع، وزيادة الكسل على الصعيدين العقلي والجسدي وهذا الحاصل في العمل والجامعات والمدارس.. إلخ. التطور ليس بالضرورة حميدا، قد يبدو كذلك لك ويروج له بأنه “منقذ الإنسان” لكن الواقع شيء آخر.
المصدر: الأنباء