مخاوف الذكاء الاصطناعي “المشروعة”

11

علاء المنشاوي

رغم قدم الذكاء الاصطناعي في العالم وبالتحديد منذ العام عام 1950 والذي شملته ورقة بحثية بعنوان “آلات الحوسبة والذكاء”، التي قدمها آلان تورنج حول مدى إمكانية قيام الآلات بالتفكير، حينها صاغ أول مرة المصطلح الذكاء الاصطناعي وعرضه كمفهوم نظري وفلسفي، إلا أن الحديث عن المخاوف التي يشكلها على البشرية تكاد لا تنقطع، ويؤججها فريق ربما له أهدافه الخاصة.

وحتى لو سلمنا بوجود هذه الأهداف الخاصة من بث الرعب من الذكاء الاصطناعي، إلا أنه يجب تحليل المخاوف التي يجري الحديث عنها بمنطق وواقعية بعيدا عن التحيز.

لعل ما يجدد هذه المخاوف ويثيرها التطور الذي شهدته تقنيات الذكاء الاصطناعي مؤخرا. في العام الماضي 2023 تطورت أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر من أي وقت مضى، وبدأت تدخل هذه الأدوات في الحياة اليومية للأفراد، وبات نسبة لا بأس بها تستفيد من تقنياته وأدواته.

تطور الذكاء الاصطناعي لتحقيق هذه المكاسب استغرق عقودا، فمنذ ورقة آلات تورنج في 1950، وبالتحديد بين عامي 1957 و1974، سمحت التطورات في الحوسبة لأجهزة الكمبيوتر بتخزين المزيد من البيانات ومعالجتها بشكل أسرع، وخلال هذه الفترة، طوّر العلماء خوارزميات تعلّم الآلة.

في الثمانينيات من القرن العشرين، شهد الذكاء الاصطناعي عمليات تطوير مكنت من التوسع في الأدوات الخوارزمية التي يستخدمها. في العقد الأخير من القرن الماضي تم تحقيق العديد من أهداف الذكاء الاصطناعي مثل تحقيق الفوز على بطل العالم في الشطرنج. وحينها لم تكن المخاوف من الذكاء الاصطناعي تأخذ منحى فرديا.

بالتأكيد المخاوف تتجدد مع توسع أدوات الذكاء الاصطناعي وتغلغله في الحياة اليومية.

تشمل أبرز المخاوف من الذكاء الاصطناعي، التحيز والتمييز، إذ قد تُنشئ أنظمة الذكاء الاصطناعي انحيازات غير مقصودة في قراراتها، مما يؤدي إلى التمييز ضد مجموعات معينة من الناس.

فقدان الوظائف، تعتبر أبرز المخاوف، إذ قد تؤدي أتمتة الوظائف بفعل الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف، خاصة في الوظائف الروتينية. وقد لا يتمتع الجميع بالمهارات اللازمة للتكيف مع الوظائف الجديدة التي سيخلقها الذكاء الاصطناعي ما يعني فقدان ملايين الوظائف وانتشار البطالة وارتفاع معدلاتها حتى في الدول المتقدمة.

كما تثير إمكانية فقدان السيطرة على الذكاء الاصطناعي الكثير من المخاوف، إذ قد تُصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي قوية للغاية يصعب التحكم بها، مما قد يُشكل خطرًا على البشرية، وقد تُصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي ذاتية التشغيل، مما يجعل من الصعب التنبؤ بسلوكها أو التحكم بها.

أيضا يجري الحديث عن مخاطر متعلقة بالأمان، إذ قد تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في هجمات إلكترونية أو حرب إلكترونية، أو نشر معلومات مضللة أو دعاية. هذا إضافة إلى المخاطر الأخلاقية المتعلقة بفقدان الخصوصية أو باستخدام تقنياتها في مجالات مثل الحرب أو الطب أو الهندسة الوراثية.

وكما أن الذكاء الاصطناعي منحنا حلولا وأدوات مبتكرة، إلا أنه يتم الحديث أيضا عن مخاطر غير متوقعة، إذ قد تُنشئ أنظمة الذكاء الاصطناعي مخاطر جديدة غير متوقعة لم نفكر فيها بعد، قد تُصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً من البشر، مما قد يُشكل خطرًا على وجودنا.

كما توجد أيضا مخاطر نفسية من أن تُؤدي أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الشعور بالوحدة أو العزلة لدى البشر، أو إلى الإدمان أو اضطرابات نفسية أخرى.

كل هذه المخاوف تبقى مشروعة ويوظفها من هم ضد تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أنه لا يمكن إغفال المكاسب الـ”هائلة”، وللحديث بقية.

المصدر: العربية

اترك رد

Your email address will not be published.