الذكاء الاصطناعي يتوقع النزاعات المستقبلية

40

AI بالعربي – متابعات

أظهر الذكاء الاصطناعي إمكانيات هائلة في مجالات الحياة المختلفة، وتحول إلى أداة تقنية قوية تساعد في مواجهة العديد من التحديات التي تواجه عالم اليوم، وفي الآونة الأخيرة، برز الحديث أيضا عن قدراته الواعدة في التنبؤ بالصراعات والأزمات المستقبلية.

واحتضنت مدينة نيويورك، الأسبوع الماضي، اجتماعا وزاريا خصص لبحث سبل استخدام الذكاء الاصطناعي للدفع من أجل بلوغ أهداف التنمية المستدامة وتعزيز السلم العالمي، بمشاركة ممثلين عن شركات التكنولوجيا العملاقة، إلى جانب مسؤولين عن مجموعة من الدول التي تحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة, وفقا لتقرير نشرته الحرة.

وخلال الحدث، استعرض ممثلون عن شركات أمازون، وغوغل ومايكروسوفت وأوبن إيه آي، وآي بي إم.. تطبيقات ملموسة للإمكانات والفرص الكبيرة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي لتطوير قطاعات الصحة والتعليم والطاقة والأمن الغذائي.

وفي أعقاب الاجتماع، تعهدت بريطانيا التي تستضيف قمة عن “سلامة استخدامات الذكاء الاصطناعي”، نوفمبر المقبل، بدعم صندوق مركز تحليلات المخاطر المعقدة (CRAFD)، وهو المؤسسة الأولى من نوعها التي تعمل على تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي لمساعدة الدول والمنظمات العالمية في توقع الصراعات والأزمات الإنسانية قبل حدوثها.

ويقول المركز إن عمله مدفوع بقناعة مفادها بأن بيانات وتحليلات الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تساعد شركائها العالميين على توقع المخاطر المعقدة التي تواجه البشرية في لحظات الأزمة، علاوة على الاستجابة لها بشكل أفضل.

الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، بول سمعان، يقول إن إحدى أهم خصائص الذكاء الاصطناعي تتمثل في قدراته التحليلية الكبيرة والتي تساعد في قراءة مختلف البيانات والمعلومات، سواء الديمغرافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والتي يمكن أن تعطينا تصورا ونظرة لاحتمالات اندلاع النزاعات.

ويوضح سمعان في تصريح لموقع “الحرة”، أنه من خلال استعمال الذكاء الاصطناعي لتحليل منشورات على وسائط التواصل الاجتماعي والتعليقات عليها، يمكن أن نحصل مثلا على مؤشرات واحتمالات حدوث نزاع، وذلك بالاعتماد على ما رصدته خوارزمياته عن تصاعد للخطاب المتطرف أو العنيف بين جماعات معينة.

وأكد تقرير سابق لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على أن في مقابل الصعوبات التي تعترض عمل المنظمات والخبراء الدوليين في تحليل وإدارة الكميات الهائلة والمعقدة من البيانات الخاصة بحالات الصراع التي يعرفها العالم اليوم، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد على فهم أعمق للأزمات بل وتوقع حدوثها وتطورها.

ويضيف الخبير اللبناني أنه من بين النماذج المحتملة أيضا لاستعمال الذكاء الاصطناعي تحليل صور الأقمار الاصطناعية والتي يمكن أن تساعد على رصد التغيرات الميدانية والعسكرية المفاجئة التي قد تشهدها حدود بلدين متنازعين مثلا.

ويوضح سمعان أن من قدرات الذكاء الاصطناعي أيضا تحديد الأنماط والعلاقات المتبادلة التي قد لا تكون واضحة على الفور للمحللين البشريين، خاصة، فيما يتعلق بتحليل البيانات التاريخية أو الاستخباراتية الضخمة من عدة مصادر.

وتتزايد الأبحاث العلمية الهادفة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالحروب المستقبلية، بحسبما أوضحته مقالة لمؤسسة “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية“، وهي شركة استشارات عامة متخصصة في المجال الرقمي..

وتبرز المؤسسة أنه من خلال إنشاء قواعد بيانات ضخمة تضم معلومات تفصيلية عن الدول وتاريخها ودرجة تسلحها.. يمكن الاستعانة بقدرات الذكاء الاصطناعي في توقع الحروب والصراعات.

وأشار المصدر ذاته إلى أنه “يتم حاليا استخدام الذكاء الصناعي في المجالات العسكرية لوضع سيناريوهات محددة في زمن وجغرافيا محددين” لحالات اندلاع حروب.

ولغت إلى  أنه “بناء على توافر معطيات يتم ضبط حدودها للخوارزميات التي يعملها بها هذا الذكاء يمكن الوقوف على  إمكانية التنبؤ بالحروب قبل وقوعها”.

حدود قدرات الذكاء الاصطناعي

الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي، رولان أبي نجم، يرى  أيضا أن قدرات “الإي آي”، يمكن أن تساعد بشكل كبير على مستوى القراءة والتحليل لإصدار تنبؤات وتوقعات خاصة باندلاع الصراعات، غير أنه يشير إلى أن اعتماده على بيانات موجودة سابقا، يشكل واحدا من أوجه القصور العديد التي قد تعترض فعالية عمله.

ويضيف أبي نجم في تصريح لموقع “الحرة” إلى أن نجاح خوارزميات الذكاء الاصطناعي أو فشلها في تقديم تنبؤات وقراءات صحيحة رهين بجودة البيانات التي يتم تدريبها عليها.

وأشار إلى أنه إذا كانت بيانات التدريب متحيزة أو خاطئة، فقد تؤدي إلى نتائج غير دقيقة، وربما تؤدي إلى تفاقم النزاعات، ما يمثل إشكالية كبيرة.

وتطرقت مؤسسة “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية”، في مقال لها، إلى أن توثيق جرائم الحروب العسكرية والصراعات المسلح، أضحى واحدة من الوظائف التي يمكن أن يساعد فيها الذكاء الاصطناعي من أجل محاولة إنهاء النزاعات.

وأوضحت المؤسسة أنه “من خلال الاعتماد على صور الأقمار الاصطناعية وعدد من التقنيات، أمكن الكشف عن وجود مقابر جماعية في بعض المناطق في كل من أوكرانيا وسوريا، على سبيل المثال”.

ويعد تطبيق “eyeWitness to Atrocities” الذي يسمح للمنظمات غير الحكومية في مناطق النزاع بجمع الأدلة وتوثيق جرائم الفظائع الجماعية، أحد نماذج استخدام التكنولوجيا المتطورة لتوثيق الجرائم والفظائع الجماعية.

في هذا الجانب، يلفت الخبير الرقمي إلى أن ندرة أو عدم موثوقية البيانات والمعلومات في بعض مناطق النزاع، واحدة من عديد التحديات الأخرى التي يمكن أن تعترض قدرات الذكاء الاصطناعي في العمل أو في إجراء تنبؤات دقيقة في هذا المجال.

غير أن أبي نجم يشير إلى أن مع التعلم المستمر من البيانات وتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي يمكن الحصول على نتائج في الوقت المناسب تساعد صناع القرار  ومنظمات حفظ السلام الدولية لتفادي اندلاع الصراعات.

وبخصوص مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على المساعدة في حلحلة النزاعات، يشير سمعان إلى أن تعقيدات سياسية واجتماعية كبيرة ترتبط بمثل هذه الأزمات الإنسانية، لكنه لا ينفي أن باستطاعته يساهم في إعداد إستراتيجيات للتفاوض وتحليل مثلا نقاط الالتقاء والاختلاف بين الأطراف المختلفة للوصول إلى أرضية مشتركة للحوار.

اترك رد

Your email address will not be published.