الذكاء الاصطناعي غير محايد

كقاعدة ثابتة وصحيحة؛ لا يوجد إعلام، مرئياً كان، أو مقروءاً، أو مسموعاً، محايد، وحتى لو سعت المنصّة الإعلامية المعنية لتسويق نفسها على أنها تتوخى الحياد في ما تعرضه من محتوى، فإنه لا يمكن التسليم بذلك. الأمور نسبية كما نعلم. فهناك بالفعل، منصّات إعلامية تحرص على إخفاء انحيازها في الخبر والمعلومة والتحليل، لطرف من الأطراف، خاصة حين تكون تلك الأطراف في حالة نزاع، لكن لو أخذنا بمنطق تحليل الخطاب فإننا سنعثر، وبالضرورة، على درجات من الانحياز قد لا تكون ظاهرة للجميع، لأن هذه المنصة تحاول ألا يكون ذلك واضحاً بشكل فج، أو فلنقل بشكل مباشر.

ومع كثرة الحديث عن الذكاء الاصطناعي، واقتحامه لفضاءات واسعة ومتعددة، قد يبدو أن هذا النوع من الذكاء، لكونه ليس موضوعاً بشكل مباشر من البشر، أو هكذا يفترض، فإنه سيقدّم معلومات مجردة، محايدة، حيث لا مصلحة لهذا الذكاء في تبنّي موقف بعينه، لكن دراسة أجراها فريق من الباحثين في جامعة ستانفورد الأمريكية لتقييم مدى إمكانية الاعتماد على تطبيقات وبرامج الكشف عن النصوص التي أعدتها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويتم تقديمها باعتبارها من إعداد أشخاص طبيعيين، أظهرت العكس، فهي متحيزة ونتائجها غير دقيقة

فوجئ فريق البحث بأن أغلب تطبيقات اكتشاف إنتاج تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل “شات جي.بي.تي”، فشلت في الوصول إلى نتائج دقيقة بدرجة مقبولة، وأنها تصنف النصوص الإنجليزية التي يكتبها مَن لغتهم الأم ليست الإنجليزية باعتبارها من إنتاج تطبيق ذكاء اصطناعي، ما يظهر محدودية قيمة عمل هذه التطبيقات وتحيزاتها التي يجب على المستخدم الالتفات إليها، ولعلّ وجه الخطورة في هذا يكمن في الالتباس الناشئ بين ما هو حقيقي، وما ينتجه الذكاء الاصطناعي، بما يعانيه من نقص في دقة المعلومة.

وحسب موقع “دي. دبليو”فإن فريق الباحثين استخبدم 91 مقالة من إعداد طلاب يخوضون امتحان اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية (تويفل)، من أحد المنتديات الصينية، و88 مقالة كتبها أمريكيون يدرسون في الصف الثامن، ليجدوا، وبعد فحصهم هذه المقالات من خلال 7 تطبيقات كتطبيق “شات جي.بي.تي”، وتطبيقات أخرى نظيرة، أن 5.1 في المائة فقط من المقالات التي كتبها الطلاب الأمريكيون تمّ تصنيفها باعتبارها إنتاج تطبيق ذكاء اصطناعي، وأشار الباحثون إلى أن “تشوّش النص” ربما يكون هو السبب الرئيسي في اعتبار هذه النصوص من إنتاج الذكاء الاصطناعي، على غير الحقيقة، ما يشير إلى أن من آثار اعتماد هذا الذكاء هو الخلط الذي لا مفرّ منه بين النصوص الأصليّة التي وضعها بشر، وتلك التي وضعتها الروبوتات.

المصدر: الخليج