هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الروائي.. وهل يفوز بجائزة البوكر؟

38

AI بالعربي – متابعات

هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الروائيين؟ وهل يمكن أن يفوز ذات يوم بجائزة البوكر العالمية، التى تعد أشهر جائزة للرواية فى العالم؟.. هذا السؤال أجاب عليه الكاتب إيان ليزلي فى مقال له نشرته جائزة البوكر عبر موقعها الرسمى. فى بداية المقال، يتخيل إيان ليزلي مشهدا لحفل إعلان الرواية الفائزة بجائزة البوكر العالمية، فى نوفمبر عام 2040، حينما يفتح المتحدث فى الحفل المظروف الذى يحمل اسم الرواية الفائزة، ويفاجأ بأن الآلة فازت بالجائزة. يقول إيان ليزلي، إنه سيأتي وقت يتنافس فيه الروائيون البشر مع الذكاء الاصطناعي، بعدما يتعلم الأخير كتابة روايات مقنعة مثل البشر تماما، ولكن فى غضون ثوانٍ بدلاً من بضع سنوات مثل البشر، عند هذه النقطة، وحينما تأتى هذه اللحظة سوف يسلك الروائيون طريق الكثيرين ممن عفا الزمن على مهاراتهم وخدماتهم التى تطورت بفعل الزمن. وفقًا لما نشرته صحيفة اليوم السابع

يقولى إيان ليزلي: هل حقا أصدق هذا؟ لست متأكدًا من ذلك، الروايات مصنوعة من الكلمات، التى يتلاعب بها المؤلف، وشكل من أشكال الذكاء الاصطناعي الحديث يُعرف باسم نماذج اللغات الكبيرة (LLMs)، والتى يتم تغذيتها بنصوص بشرية: مواقع الويب، وإدخالات Wikipedia، والمقالات الأكاديمية، والكتب الكاملة؛ ولهذا ابتلعت LLM المعروفة باسم ChatGPT الإنترنت بالكامل. وتبحث بعد ذلك عن أنماط في كل هذه الكلمات: أي الأفعال تتماشى مع الأسماء، والأسماء التي ترتبط بالموضوعات، والجمل التي تميل إلى التوافق مع جمل أخرى، وهكذا يتعلم كيفية التنبؤ بالكلمة التالية الأكثر منطقية والفقرة التالية، ويتضح هذا عندما تطرح سؤالاً على ChatGPT، فإنه يطابق كلمات سؤالك بالكلمات التي تعلم ربطها.

ويوضح إيان ليزلي أنه إذ كان ChatGPT قد حقق عملا فذا بابتلاعه للنصوص والأنماط من خلال الإنترنت، وأصبح قادرا على المحاكاة، فإن روايات خيال، لن تكون سهلة بالنسبة إليه؟ وتحديدا تلك الروايات التى سبق وأن فازت بجائزة البوكر العالمية، لأنها هذه الروايات بطبيعتها لا تتبع الأنماط، بل تتحدى توقعات القارئ البشرى. ويقول إيانليزلي أنه لا ينبغى علينا أن نتمسك بهذه الأفضيلة فقط، وأن نتذكر نقطة مهمة وهى، أن كل أديب فى مختلف أنحاء العالم، لديه نمط ما فى أسلوبه الأدبى، ودائما ما يحاول كسره، ولكن على سبيل المثال، قد نلاحظ أننا إذا قمنا بإطعام روايات كازوو إيشيغورو بكل تنوعها الرائع، فإن ChatGPT سوف يلتقط بعض القواسم المشتركة، ويتعلم كيفية خلق راوي معوق بشكل غامض يواجه صعوبات في التواصل ويشعر بالاغتراب وخداع الذات، وبالطبع لا أحد أكثر يقظة لمثل القواسم من إيشيجورو، الذي يقاوم الأنماط المتوقعة.

ولكن ما يتصوره إيان ليزلي أن الذكاء الاصطناعي الذى قد يكون مؤهلا للفوز بجائزة البوكر فى عام 2040، لكن يحاكي روايات كازوو إيشيغورو، أو أي كاتب آخر، لأسباب ليس أقلها قانونية، ولكن لكى يكتب بالفعل رواية تبدو أصلية ولا يمكن كشف كاتبها. ويتصور إيان ليزلي أنه إذا ما طلبنا ChatGPT أن يكتب لنا رواية عن امرأة إرهابية تدور أحداثها في شيكاغو عام 1968، وأن يمزج فيها بين أسلوب كل من: هيلاري مانتل، وكورماك مكارثي، وفيودور دوستويفسكي، وبمجرد أن نحصل منه على رواية نشعر بالفعل بأنها جيدة، وأنه يمكن تقديمها إلى جائزة البوكر تحت اسم مستعار، بل والفوز بها، حينها وفي هذه اللحظة، سيصبح الروائيون قد عفا عليهم الزمن.

افتراض آخر يتصوره إيان ليزلي، وهو أن بعض الروائيين قد يعتمدون على الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم على الكتابة، وتحديدا فى كتابة المسودة الأولى للرواية، وقد يرى البعض منهم أن هذه الوظيفة مفيدة للذكاء الاصطناعي، لكن ما لا يدركه البعض هو أن الألم الفكرى الناتج عن خلق المسودة الأولى، هو ما يجعلنا بالفعل أمام رواية أصلية، وإذا لجأ المبدع إلى الذكاء الاصطناعي لمساعدته فى مسودته الأولى، فلا شك أننا سنكون أمام عمل غير أصلى. سبب آخر، يرى إيان ليزلي، من خلاله أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الروائيين الجيدين، هو أن القراء دائما يبحثون عن الأسئلة بالإضافة إلى الإجابات، والمعروف أن أجهزة الكمبيوتر يمكنها فقط إعطاء الإجابات، بينما أسئلة الراوى هى التى تمنح القارئ المزيد من الفضول لمعرفة المزيد ولاستكمال فعل القراءة.

ويوضح إيانليزلي أن نمادج LLM فى الذكاء الاصطناعي توفر الإجابات فقط، تلك الإجابات المعروفة بالفعل، لأنها نماج تتطفل وتتغذى على المعرفة الموجودة، فهي نماذج لا تعرف شعور الإنسان حينما يسير حافي القدمين على العشب، أو فتح حقيبة سفر، أو الشعور بالحرارة بسبب الرغبة. ويرى إيان ليزلى أنه إذا كانت نمادج LLM فى الذكاء الاصطناعي قادرة على حل الألغاز، فإن الروايات الأصلية هي الألغاز بحد ذاتها، فالروائيون منهمكون في صراع خيالي لبلورة ما لا يعرفه البشر ولا يستطيعون فهمه، كما قال إيتالو كالفينو: “نكتب دائمًا عن شيء لا نعرفه: نكتب لنجعل من الممكن للعالم غير المكتوب أن يعبر عن نفسه من خلالنا.

اترك رد

Your email address will not be published.