الذكاء الاصطناعي اقتصاد الذهب

21

محمد الحيدر

في عام 1993م أسس جنسن هوانج التايواني شركة صغيرة مع اثنين من أصدقائه شركة متخصصة في صيانة الرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة الأميركية، بعد حصوله فيها على الماجستير في الهندسة الكهربائية، برأس مال 40 ألف دولار، أطلق عليها اسم NviDiA، وبعد 30 سنة من هذا التاريخ أصبح بطلاً قومياً في تايوان، وأكثر الشخصيات المؤثرة عالمياً، وفي عام 2023م أصبحت القيمة السوقية لشركته تريليون دولار، بل أصبحت من أهم وأكبر شركات أشباه الموصلات، وكان الداعم الرئيس له الشركة الأكبر عالمياً في تايوان TSMC التي تتحكم في الرقائق الإلكترونية في العالم.

كان هدف هوانج –حتى يكون متفرداً– تحسين معالجة المرئيات المعقدة، وكانت اللحظة الفارقة توصله إلى إنتاج أحدث الرقائق الإلكترونية Nvidia A100 التي وصل سعرها إلى 10 آلاف دولار وتحتوي على 54 مليار ترانزستور، وأسرع بعشرين ضعف من الرقائق السابقة، وحرصت وزارة الطاقة الأميركية على أن تحصل على هذه الرقائق فائقة الدقة.وفي مارس 2022م أثبت هوانج هيمنته على سوق الرقائق الإلكترونية بإنتاج الجيل المتطور من الإصدار السابق الذي أطلق عليه Nvidia H100، وبلغ سعرها 40 ألف دولار، وتحتوي على 80 مليار ترانزستور، ومصممة للعمل في مراكز البيانات وأنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة، ومن تلك اللحظة منعت الولايات المتحدة الأميركية تصدير هذه الرقائق إلى الصين.

أما آخر الإبداعات فأعلنت شركة إنفيديا عن تطبيق الذكاء الاصطناعي روبوت الدردشة الخارق Chat GPT، ويقول الخبراء إن هذا التطبيق احتاج لأكثر من 10 آلاف رقاقة، تم وضعها في كمبيوتر عملاق يستوعب الكم الهائل من البيانات والمعلومات، فأصبح الذكاء الاصطناعي منجم ذهب متجدد المصادر. هذه الشركة التي تم تأسيسها برأس مال يبلغ 40 ألف دولار، باعت رقاقة واحدة بـ40 ألف دولار، وكان سهمها في البورصة العالمية 59 دولاراً، وصل سعر السهم في مايو 2023م 393 دولاراً، وأصبحت القيمة السوقية للشركة خلال 30 سنة من العمل والابتكار تريليون دولار، ومازال العمل جارياً.

إن العالم في حالة تعطش لأشباه الموصلات “الرقائق الإلكترونية”، وهي قطع صغيرة مصنوعة من السيليكون، يتم تغليفها في حاوية (أو جسم) من البلاستيك أو الخزف تسمى الحزمة، وتعمل على تضخيم الإشارات الكهربائية، أو كمفتاح تشغيل/ إيقاف في تطبيقات الحاسب الآلي، ومن الممكن أن تكون الرقاقة عبارة عن ترانزستور واحد، أو دائرة متكاملة تضم مجموعة مترابطة من الترانزستورات، التي تعدّ أهم عنصر في الدائرة الإلكترونية، وتعمل كصمامات تسمح بتدفق التيار في اتجاه واحد، وتتكون الدائرة الإلكترونية من عناصر أخرى بجانب الترانزستورات مثل المكثفات والمقاومات، حيث تعمل المقاومات على توفير كمية محددة من المقاومة للتيار بينما تقوم المكثفات بتخزين الشحنة الكهربائية، وهناك عنصر في الدائرة الإلكترونية يعمل على تخزين الطاقة في شكل مجال مغناطيسي يسمى بالمحرّض، كما تتميز الرقائق الإلكترونية بأنها تحوي مجموعة من الأبواب الكهربائية التي يمكن التحكم فيها للسماح بتدفق التيار الكهربائي أو حجبه.

ورغم هيمنة هوانج على سوق الرقائق، إلاّ أن تايوان (وهي بلده) تمثل نحو 92 % من الإنتاج العالمي لصناعة أشباه الموصلات بدقة أقل من 10 نانومترات، مما يجعلها المزود الرئيس للغالبية العظمى من الرقائق التي تشغل أكثر الأجهزة تقدماً في العالم، بدءاً من هواتف “آيفون” (iPhone) لشركة “آبل” (Apple) والطائرات المقاتلة “إف-35” (F-35)، ونحو 60 % من الرقائق التي تصنعها شركة “تي إس إم سي” -وهي الشركة التايوانية الوطنية إنتاج الرقائق الإلكترونية- لشركات أميركية.

المصدر: الرياض

اترك رد

Your email address will not be published.