AI بالعربي – متابعات
بعد ثلاث سنوات من الصعود السريع الذي أعاد رسم خريطة صناعة التكنولوجيا، تواجه شركة “أوبن إيه آي” مرحلة دقيقة مع احتدام المنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي، ما فتح باب الانتقادات والشكوك حول قدرتها على الحفاظ على موقعها الريادي وتحويل التفوق التقني إلى نموذج ربحي مستدام.
من الصدارة إلى دائرة التساؤل
حقق برنامج “تشات جي بي تي” نجاحًا استثنائيًا مكّن “أوبن إيه آي” من الانتقال السريع إلى مصاف عمالقة التكنولوجيا، بعد أن ارتفع عدد مستخدميه من الصفر تقريبًا في نوفمبر 2022 إلى أكثر من 800 مليون مستخدم أسبوعيًا. كما وصلت القيمة السوقية للشركة إلى نحو 500 مليار دولار، وهو رقم حافظ على ريادتها بفارق كبير لفترة، قبل أن تتجاوزها “سبايس إكس” مؤخرًا.
لكن هذا الصعود لم يمنع تصاعد الشكوك. فقد شبّه المستثمر الشهير مايكل بوري، المعروف بفيلم “ذي بيغ شورت”، الشركة ببوابة “نتسكيب” التي هيمنت في التسعينات على سوق متصفحات الإنترنت ثم تراجعت سريعًا، معتبرًا أن “أوبن إيه آي” قد تواجه مصيرًا مشابهًا.
منافسة محتدمة وضغوط مالية
ويرى غاري ماركوس، أحد أبرز المشككين في نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية، أن فقدان الريادة كان مسألة وقت، في ظل توسع المنافسين وتسارع الابتكار. وتزداد هذه الضغوط مع إعلان “غوغل” أن منصتها “جيميناي” تضم حاليًا نحو 650 مليون مستخدم شهريًا، ما يعكس تقلص الفجوة مع “تشات جي بي تي”.
وفي المقابل، تتوقع “أوبن إيه آي” إنهاء العام بخسائر بمليارات الدولارات، مع تأجيل تحقيق الأرباح إلى ما بعد 2029. كما التزمت الشركة بإنفاق يتجاوز 1.4 تريليون دولار على الرقائق ومراكز البيانات، لتعزيز قدراتها الحاسوبية، وهو ما يثير تساؤلات المستثمرين حول جدوى هذا المسار المالي.
تحركات استراتيجية وتحذيرات داخلية
وأظهر الرئيس التنفيذي سام ألتمان، لأول مرة، علامات قلق علني بشأن هذه الالتزامات الضخمة، محذرًا في رسالة داخلية من “بيئة مضطربة” و”مناخ اقتصادي غير موات”، ومشيرًا إلى تقدم المنافسين، وعلى رأسهم “غوغل”. ودعا ألتمان فرق العمل إلى إعادة تركيز الجهود على “تشات جي بي تي” بوصفه المنتج الأساسي.
وفي محاولة لتعزيز موقعها، كشفت الشركة مؤخرًا عن نموذجها الجديد “جي بي تي 5.2″، المصنف ضمن الأفضل وفق عدة معايير، إلى جانب إعلان شراكة رئيسية مع “ديزني”، في خطوة تعكس سعيها لدمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات ترفيهية وإبداعية أوسع.
تقييمات مرتفعة وأسئلة مفتوحة
ويرى آشيو غارغ، الشريك في شركة “فاونديشن كابيتال”، أن “أوبن إيه آي” تضخ استثمارات ضخمة في تطوير النماذج، لكن العائد الاقتصادي لا يزال غير واضح. فيما يلفت خبراء تقييم الأصول إلى أن التقييمات الحالية تثير تساؤلات حول عائد الاستثمار، في ظل تزايد المنافسة وهيكل رأسمالي معقد.
ورغم ذلك، لا يتوقع معظم المحللين سيناريو انهيار وشيك للشركة. إذ يشير أنجيلو زينو، المحلل في CFRA، إلى أن سباق الذكاء الاصطناعي لن يكون له فائز واحد، بل عدة مزودين رئيسيين، مؤكدًا أن “أوبن إيه آي” قادرة على البقاء لاعبًا أساسيًا حتى إن فقدت الصدارة.
دعم مايكروسوفت ورهان طويل الأمد
ويظل وجود مساهم استراتيجي مثل “مايكروسوفت”، التي تمتلك نحو 27 في المئة من رأس المال، عنصر أمان مهمًا للشركة، إذ تضمن هذه الشراكة تدفقات إيرادات كبيرة ومتكررة، إلى جانب مرونة في الاتفاقيات المتعلقة بالحوسبة السحابية.
وفي ظل هذا المشهد، يتفق محللون على أن سوق الذكاء الاصطناعي سيشهد توسعًا كبيرًا، ما يعني أن “الكعكة” ستكبر، حتى وإن توزعت الحصص بين عدد أكبر من اللاعبين، لتبقى “أوبن إيه آي” أحد أبرز الأسماء في هذا السباق العالمي المتسارع.








