3 خرافات تُقوّض نجاح الذكاء الاصطناعي في المؤسسات

3 خرافات تُقوّض نجاح الذكاء الاصطناعي في المؤسسات

AI بالعربي – متابعات

تُظهر التجارب أن قصة الذكاء الاصطناعي في المؤسسات ليست مجرد مسألة خوارزميات متقدمة، بل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالثقافة السائدة والعادات التنظيمية. فالروتين اليومي والأنماط القديمة يمكن أن يُقوّضا أي محاولة لتبني الذكاء الاصطناعي، مهما كانت الأدوات مبشرة أو مبتكرة.

الخرافة الأولى: وحدات الابتكار قادرة على إنقاذ المؤسسات

تظن بعض الشركات أن إنشاء “وحدة ابتكار” سيكون كافيًا لإحداث التغيير. لكن الواقع يثبت العكس. فبعد النجاحات الأولى، غالبًا ما تفقد هذه الوحدات زخمها عندما تتوقف القيادة العليا عن حمايتها أو عندما تبدأ “الأجسام المضادة التنظيمية” في إعادة فرض الثقافة التقليدية.

التجربة البريطانية في “خدمة الحكومة الرقمية” (Government Digital Service) مثال واضح؛ حيث أحدثت ثورة رقمية منذ تأسيسها عام 2011، لكنها تراجعت تدريجيًا بعد عام 2020، رغم إشادتها عالميًا في البداية.

الدرس الأساسي أن وحدات الابتكار لا يجب أن تكون حلاً دائمًا، بل مجرد محفزات تُطلق الشرارة الأولى، بينما يجب أن يتكامل معها تغيير ثقافي واسع يضمن استدامة التحول.

الخرافة الثانية: التدريب وحده يكفي لاعتماد الذكاء الاصطناعي

تنفق الشركات ملايين الدولارات على تدريب موظفيها لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، لكنها تفاجأ بأن النتائج محدودة. السبب أن المشكلة ليست في المهارات فقط، بل في الخيال والإبداع المطلوبين لتوظيف هذه الأدوات بفاعلية.

التحدي الحقيقي يكمن في تغيير الذهنية من اعتبار الذكاء الاصطناعي “أداة” إلى اعتباره “شريكًا فكريًا”. أظهرت تجارب حديثة أن المبرمجين الذين يُعتقد أنهم استخدموا الذكاء الاصطناعي يُقيَّمون بأقلية رغم أن جودة عملهم متطابقة، مما يعكس ثقافة تُثبط الحماس بدل أن تدعمه.

الخرافة الثالثة: الذكاء الاصطناعي وسيلة لتقليص القوى العاملة واحدة من أكثر الأفكار الخاطئة انتشارًا هي أن القيمة الكبرى للذكاء الاصطناعي تكمن في الاستغناء عن الموظفين. لكن التجربة تُظهر أن الأتمتة المفرطة قد تُقوّض الهياكل الاجتماعية داخل بيئة العمل وتُفقد المؤسسات قادة المستقبل الذين يتدرجون عبر الوظائف الروتينية.

تجربة شركة “كلارنا” (Klarna) توضح الصورة؛ إذ اعتمدت بشكل واسع على مساعد الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء، لكنها عادت لاحقًا إلى تعزيز الوجود البشري بعدما تبيّن أن التجربة الآلية وحدها غير كافية لضمان رضا العملاء.

تصحيح الخرافات: نحو ثقافة عمل متوازنة
لكي تنجح المؤسسات في اعتماد الذكاء الاصطناعي، لا بد من الجمع بين المسارين: الابتكار السريع عبر وحدات مخصصة، وتغيير الثقافة الأوسع في الوقت نفسه.

ويتمثل ذلك في ثلاث خطوات رئيسية:

  • تنفيذ تحولات موازية تجمع بين مكاسب وحدات الابتكار وإعداد الثقافة الرئيسية لاستيعابها.
  • تمكين المدراء المتوسطين باعتبارهم حراس الثقافة، مع إعطائهم حرية للتجربة والابتكار.
  • بناء مسارات تعلم بديلة تُحافظ على تطوير مهارات الموظفين، مثل المحاكاة عالية الدقة وأيام العمل من دون الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي.

الخلاصة

تغيير الثقافة أصعب بكثير من شراء أدوات جديدة أو إنشاء مختبرات ابتكار. لكنه الخيار الذي يمنح المؤسسات أفضلية تنافسية حقيقية. فالشركات التي تختار المسار الصعب – التحول الثقافي المتكامل مع الأتمتة – ستصبح أكثر قدرة على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي ليس فقط كأداة، بل كجزء من هويتها المؤسسية.

  • Related Posts

    مهن المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي.. وظائف وُلدت من رحم الثورة التقنية

    AI بالعربي – متابعات يُعيد الذكاء الاصطناعي رسم خريطة العمل عالميًا. فمع تسارع التحول الرقمي، بدأت شركات كبرى مثل “وولمارت” “Walmart” و”كيه بي إم جي” “KPMG” بطرح وظائف جديدة كليًا…

    صناعة الندم الآلي.. هل يُعيد الذكاء الاصطناعي تقييم قراراته؟

    AI بالعربي – متابعات في حياة الإنسان، يُعدّ الندم شعورًا نادرًا ومعقدًا، علامة على الوعي والضمير، على إدراك الفارق بين ما كان وما كان ينبغي أن يكون. لكن ماذا لو…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    مقالات

    “تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

    • أكتوبر 30, 2025
    • 81 views
    “تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

    الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

    • أكتوبر 12, 2025
    • 237 views
    الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

    حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

    • أكتوبر 1, 2025
    • 325 views
    حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

    الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

    • سبتمبر 29, 2025
    • 334 views
    الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

    تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتساؤلات البشر

    • سبتمبر 26, 2025
    • 288 views
    تطبيقات الذكاء الاصطناعي.. وتساؤلات البشر

    كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟

    • سبتمبر 24, 2025
    • 327 views
    كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟