برازيلي يستخدم الذكاء الاصطناعي لسماع صوت والده الراحل

AI بالعربي – متابعات

لم يتخيل دييغو فيليكس دوس سانتوس أن يسمع صوت والده الراحل مجدداً، لكن الذكاء الاصطناعي منحه هذه الفرصة. وصف تجربته قائلاً: “نبرة الصوت مثالية للغاية، كما لو أنه هنا تقريباً”. توفي والده بشكل مفاجئ العام الماضي، وبعد عودته إلى منزله في إدنبره باسكتلندا شعر أنه لا يملك شيئاً يذكّره بوالده سوى رسالة صوتية قصيرة سجّلها الأخير من سرير المستشفى.

كيف ساعده الذكاء الاصطناعي

في يوليو الماضي لجأ دوس سانتوس إلى منصة “إليفن لابز” ElevenLabs، التي تأسست عام 2022 لتوليد الأصوات عبر الذكاء الاصطناعي. حمّل الرسالة الصوتية وأنشأ عبرها مقاطع جديدة بصوت والده، تمكن من خلالها من محاكاة محادثات لم تُجرَ في الواقع، مقابل اشتراك شهري يبلغ 22 دولاراً. كان الصوت يخرج من التطبيق تماماً كما اعتاد سماعه في مكالماتهما الأسبوعية، بصوت يقول: “مرحباً يا بني، كيف حالك؟” ويضيف: “أرسل لك قبلاتي. أحبك يا متسلط”، وهو اللقب الذي كان والده يطلقه عليه في طفولته.

الموقف العائلي والجدل الأخلاقي

في البداية أبدت عائلة دوس سانتوس المتديّنة تحفظاً على استخدام هذه التقنية للتواصل مع والده الراحل، لكنهم وافقوا لاحقاً على قراره. هذه التجربة تفتح الباب أمام نقاش متصاعد حول استخدام الذكاء الاصطناعي لمحاكاة الموتى، وهو ما يثير تساؤلات عاطفية وأخلاقية عميقة تتعلق بالخصوصية، بالموافقة، وبكيفية التعامل مع إرث الراحلين.

تكنولوجيا الحزن واتساع سوقها

ما بات يُعرف باسم “تكنولوجيا الحزن” يشهد نمواً متسارعاً خلال السنوات الأخيرة. شركات ناشئة أميركية مثل “ستوري فايل” StoryFile تقدم أدوات لتسجيل مقاطع فيديو بالذكاء الاصطناعي تُعرض بعد وفاة الشخص، بينما يقدّم تطبيق “هير أفتر إيه.آي” HereAfter AI صوراً تفاعلية تعتمد على الصوت. تُسوّق هذه التقنيات باعتبارها وسيلة لمساعدة الناس على التعايش مع فقدان الأحبة، وربما الوقاية من الصدمات النفسية المرافقة لذلك.

شركات ناشئة وتجارب شخصية

أسس روبرت لوكاسيو عام 2024 شركة “إتيرنوس” Eternos في بالو ألتو بعد وفاة والده، وتساعد منصته الناس على تطوير “توأم رقمي” بالذكاء الاصطناعي، مقابل اشتراكات تبدأ من 25 دولاراً. منذ تأسيسها أنشأ أكثر من 400 شخص نسخاً تفاعلية لأنفسهم لتبقى قصص حياتهم متاحة بعد رحيلهم. من أوائل مستخدمي المنصة المهندس مايكل بومر الذي قرر إنشاء نسخة رقمية من نفسه بعد اكتشاف إصابته بالسرطان في مراحله الأخيرة. وبعد وفاته، قالت زوجته “أنت” المقيمة في برلين إن النسخة الرقمية “تجسد جوهر شخصيته جيداً”، مضيفة أنها تشعر بقربه من خلال هذه التقنية لأنها كانت آخر مشروع عبّر به عن قلبه.

المخاطر والآثار العاطفية

رغم جاذبية هذه الابتكارات، يثير خبراء الحزن تساؤلات حول تأثيرها النفسي. يقول آندي لانغفورد، مدير جمعية “كروز” البريطانية المعنية بمواساة من فقدوا أحبتهم، إن من المبكر الحكم على آثار الذكاء الاصطناعي في معالجة الحزن، لكنه يحذر من أن بعض المستخدمين قد “يعلقون” في حالة فقدان لا تنتهي. ويشدد على أن التوازن مطلوب قائلاً: “نحن بحاجة إلى الاثنين معاً – الحزن والحياة”.

مستقبل الذكاء الاصطناعي والعلاقات الإنسانية

تجربة دوس سانتوس تسلط الضوء على جانب جديد من الذكاء الاصطناعي، حيث لا يقتصر دوره على ابتكار شخصيات رقمية أو تحسين الخدمات التكنولوجية، بل يمتد إلى إعادة إحياء أصوات وصور من رحلوا. وبينما يرى البعض في هذه التطبيقات فرصة للتعافي، يراها آخرون مخاطرة قد تغيّر طريقة تعامل الإنسان مع الفقدان. وفي كل الأحوال يبقى الجدل قائماً حول حدود الذكاء الاصطناعي في العلاقة بين الذكرى والواقع.