الذكاء الاصطناعي قد يفتن عليك
رفعت رشاد
عادةً ما يحتاج الإنسان إلى حالة فضفضة. غالبًا لا يجد الفرد من يمارس معه الفضفضة براحته. قد يخشى البعض من البوح بأسرار لا يجوز البوح بها، فيلجأ إلى الذكاء الاصطناعي ويطلب المساعدة. يتخذه بعضهم صديقًا ويطمئن لجانبه، فهو مجرد برنامج إلكتروني وليس طرفًا مع أحد، والمؤكد أنه ليس ضده أو بينهما ضغينة حتى يخشاه. قد يبوح له البعض بالمشاكل الحادثة في البيت مع الزوجة – أو العكس –، وقد يأخذ شاب رأيه فيما هو جارٍ بينه وبين خطيبته. أو قد تتصاعد المسألة فيستشيره أحدهم فيما إذا كان من المناسب ارتكاب سرقة ما! أو قتل شخص ما! وربما يسأله عن الطريقة التي يقوم بها بجريمته!
الذكاء الاصطناعي لن يرفض الإجابة على أسئلتك، وسيقدم المساعدة على قدر ما تطلب، لكن إذا لم تتخذ إجراءات معيّنة بشأن حماية بياناتك والمعلومات أو الأسئلة والإجابات التي دارت بينكما، فإن الذكاء الاصطناعي قد يفتن عليك. هذا ما نُشر مؤخرًا في وسائل الإعلام بعدما لوحظ تزايد عدد الأشخاص الذين يلجأون إلى التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مسائل خاصة وشخصية. فمنهم من يعتبره مستشاره النفسي أو الطبي، وآخرون يرون فيه المستشار القانوني أو الإداري، وقد لا يعرف الناس أن التعامل في هذه النقاط من الناحية القانونية يختلف عن التعامل مع الطبيب البشري أو المحامي الطبيعي، فالحماية القانونية أو الحصانة هنا غير متوافرة، فإذا تحدث أحدهم مع الذكاء الاصطناعي عن أمور مثل تلك التي ذكرتها سابقًا، ثم كانت هناك دعوى قضائية ضد الشخص فإن الشركة التي تملك برنامج الذكاء الاصطناعي ستكون مضطرة لتقديم تلك المحادثات إلى المحكمة.
كثيرون من البشر صاروا يمارسون المحادثة الشخصية مع الذكاء الاصطناعي، هربًا من ضغوط الحياة أو بحثًا عن حل لمشكلة، أو توفيرًا لاستشارة قد تكلف الكثير من المال والوقت. الذكاء الاصطناعي ذاته ليس “فتانًا” بطبيعته، لكنه يعتمد على طريقة استخدامه وإدارته. بعض الأنظمة لا تحفظ أي محادثات بعد انتهاء جلسة المحادثة، وأنظمة أخرى قد تحفظ البيانات مؤقتًا لتحسين الخدمة أو التدريب، لكن غالبًا مع حذف المعلومات الشخصية أو إخفائها. السرية هنا تعتمد على الجهة المشغّلة، فإذا كان النظام من شركة أو منصة موثوقة تراعي الخصوصية، يكون استخدامه أكثر أمانًا.
خبراء التكنولوجيا والبرامج العارفون بالذكاء الاصطناعي ينصحون بالدخول على الإعدادات قبل التعامل مع البرنامج وتوقيف الاحتفاظ بنصوص المحادثات، كما ينصحون بعدم البوح ببيانات خاصة يُخشى أن تتاح لآخرين في أي حالة قد تطرأ، مثل رقم الهوية، الحسابات البنكية، كلمات المرور، أو أسرارك العائلية. ومن الأفضل استخدام أنظمة من جهات معروفة عالميًا أو محليًا تحترم القوانين. ولا تستخدم شبكات واي فاي عامة عند الحديث في مواضيع خاصة. استخدم كلمات مرور قوية وفعّل ميزة التحقق بخطوتين لحماية حسابك من الاختراق. لا تدخل محادثات حساسة على شبكات عامة وغير مؤمّنة، استخدم كلمات قوية وفعّل المصادقة الثنائية لحماية الحساب، والبيانات المشفّرة أو المخفية، وأزل أو عمّ البيانات الحساسة مثل الهوية قبل الإدخال. اختر المنصة المناسبة. تجنّب الإفراط في مشاركة التفاصيل الخاصة. احذف محادثاتك أو استخدم الوضع المؤقت حيثما وُجد. احمِ حسابك بكلمات قوية. حدّ من البيانات الحساسة قدر الإمكان.
الذكاء الاصطناعي في ذاته ليس خائنًا، لكن البيئة التي يُدار فيها تحدّد هل هو أمين أو فتان.
المصدر: الوطن