كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد البشر في البحث عن حياة فضائية ذكية؟

16

AI بالعربي – خاص

منذ حوالي 540 مليون سنة، بدأت أشكال الحياة المتنوعة في الظهور فجأة من أرضيات المحيط الموحلة لكوكب الأرض، وتُعرف هذه الفترة باسم «الانفجار الكمبري»، تعود للحضارات المائية لأسلافنا القدماء.

والتي تدعي بأن كل أشكال الحياة المعقدة على هذه الأرض، هي من كائنات كانت موجودة تحت الماء، ويعتقد العلماء أن الأمر لم يتطلب سوى زيادة طفيفة، في مستويات الأكسجين في المحيطات فوق عتبة معينة.

والآن ريما في خضم انفجار كامبري للذكاء الاصطناعي (AI)، في السنوات القليلة الماضية، حيث أظهرت سلسلة من برمجيات الذكاء الاصطناعي ذات القدرات المذهلة، مثل «Midjourney» و«DALL-E 2» و«ChatGPT»، عن التقدم السريع الذي تم احرازه في التعلم الآلي.

والآن يستخدم الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات والعلوم تقريبًا، لتساعد الباحثين في مهام التصنيف الروتينية، كما أنها تساعد فريق علماء الفلك الراديوي في توسيع نطاق البحث عن حياة خارج كوكب الأرض، وحتى الآن النتائج واعدة.

اكتشاف إشارات الكائنات الفضائية باستخدام الذكاء الاصطناعي

بينما يبحث العلماء عن دليل يثبت وجود حياة ذكية خارج الأرض، فإننا ابتكرنا نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بنا، وبالخوارزميات الكلاسيكية في مهام اكتشاف الإشارات، وتم تدريب الذكاء الاصطناعي لدينا على البحث في البيانات، من التلسكوبات الراديوية، عن الإشارات التي لا يمكن إنشاؤها بواسطة العمليات الفيزيائية الفلكية الطبيعية.

عندما قام العلماء، بتغذية الذكاء الاصطناعي الخاص بهم بمجموعة بيانات تمت دراستها مسبقًا، فإنهم اكتشفوا 8 إشارات مهمة كانت فائتة على الخوارزمية الكلاسيكية، وحتى نكون صريحين فمن المحتمل، فهذه الإشارات هي لذكاء اصطناعي آخر من خارج الأرض، في سابقة فريدة من نوعها لما يعرف بالتداخل اللاسلكي.

ومع ذلك فما توصلوا إليه من نتائج والتي نُشرت في مجلة «Nature Astronomy»، تؤكد أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستلعب دورًا مستمرًا في البحث عن ذكاء اصطناعي قادم من خارج كوكب الأرض.

ليس ذكيًا جدًا

خوارزميات الذكاء الاصطناعي لا “تفهم” أو “تفكر” في التعرف على الأنماط، كنا أثبتوا بأنهم مفيدون للغاية في مهام مثل التصنيف، لكن ليس غير على حل المشكلات، بل انهم يقومون بمهام محددة تم تدريبهم عليها.

لذا فإن اكتشاف ذكاء اصطناعي من خارج كوكب الأرض، تبدو كأنها حبكة من رواية خيال علمي مثيرة، وحتى والآن فإن برمجيات الذكاء الاصطناعي ليست ذكية، والبحث عن ذكاء من خارج كوكب الأرض لن تتحقق إلا بعد العثور على دليل مباشر عليها.

بدلاً من ذلك، فإن علماء الفلك الراديوي يبحثون عن بصمات للتقنية الراديوية، وتشير هذه الإشارات إلى فرضية وجود مجتمع كانت لديه القدرة على تسخير التكنولوجيا في الاتصال.

من أجل أبحاثنا تم إنشاء خوارزمية تستخدم أساليب الذكاء الاصطناعي، لتصنيف الإشارات على أنها إما تداخل لاسلكي، أو مرشح حقيقي للتوقيع التقني، وهي طريقة تعمل بشكل أفضل مما كنا نأمل.

ما الذي تفعله خوارزمية الذكاء الاصطناعي لنا

تم تشبيه عملية بصمة التكنلوجيا، بالبحث عن إبرة في كومة قش كونية، فالتلسكوبات الراديوية تنتج كميات هائلة من البيانات، وبها كميات هائلة من التداخلات لمصادر مثل الهواتف والواي فاي والأقمار الصناعية.

يجب أن تكون خوارزميات البحث قادرة على فرز تواقيعات التقنيات الحقيقية من الزائفة”، والقيام بذلك بسرعة باستخدام الذكاء الاصطناعي، بطريقة “بيتر ما” وهو طالب بجامعة تورنتو، وهو المؤلف الرئيسي للورقة البحثية لإنشاء مجموعة من بيانات التدريب، حيث أدخل بيتر إشارات محاكاة لبيانات حقيقية، ثم استخدم تلك البيانات في تدريب هذه الخوارزمية التي تدعى “المشفر التلقائي”، وذلك أثناء معالجة وحدة التشفير التلقائي للبيانات، كما أنها “تعلمت” تحديد الميزات البارزة بتلك البيانات.

في الخطوة الثانية، تم تغذية هذا الميزات، في خوارزمية تدعى بمصنف الغابة العشوائية، وهي تنشئ قرارًا لتحديد ما إذا كانت تلك الإشارة جديرة بالملاحظة، أم أنها مجرد تداخل لاسلكي أساسي، تقوم بفصل “إبر” التوقيع التقني عن كومة القش.

بعد تدريب خوارزمية الذكاء الاصطناعي الخاصة بنا، قمنا بتزويدها بأكثر من 150 تيرابايت من البيانات ما يعادل ساعة واحدة من مراقبة التلسكوب في “جرين بانك” في فيرجينيا الغربية، والتي حددت عام 2015 إشارة اهتمام وكان علينا فحصها يدويًا، ومن بين هذه الإشارات كانت هناك 8 إشارات تتمتع بخصائص التوقيعات التقنية، لا يمكننا نسبها للتداخل الراديوي.

8 إشارات لإعادة الاكتشاف

لمحاولة التحقق من هذه الإشارات، عدنا للتلسكوب في مراقبة جميع الإشارات الـ 8 الهامة، ولسوء الحظ فلم نتمكن من إعادة اكتشاف أي منها في ملاحظات المتابعة الخاصة بنا.

لقد مررنا بمواقف مماثلة من قبل عام 2020، حينما اكتشفنا إشارة تبين أنها تداخل لاسلكي ضار، لذا فإننا سنراقب المرشحين الـ 8 الجدد، والتفسير الأكثر ترجيحًا حتى الآن هو أنها طفرة ناتجة من داخل الراديو، وليست قادمة من كائنات فضائية أخرى، وللأسف فإن قضية التداخل اللاسلكي لن تذهب إلى أي مكان، لكننا سنكون أفضل استعدادًا للتعامل معها مع ظهور تقنيات جديدة تأتي من الخارج.

تضييق البحث

قام فريق العلماء مؤخرًا بنشر معالج إشارة قوي، على تلسكوب “MeerKAT” في جنوب إفريقيا، وكانت “MeerKAT” تستخدم تقنية تُسمى قياس التداخل، وهي تجمع بين طبقاتها البالغ عددها 64 والتي تعمل كتلسكوب واحد، وهي تقنية قادرة بشكل أفضل على تحديد المكان الذي تأتي منه الإشارة من السماء، مما يقلل بشكل كبير من التوقعات الخاطئة من التداخلات اللاسلكية.

إذا تمكن علماء الفلك من اكتشاف توقيع تقني لا يمكن تفسيره على أنه تداخل، فذلك يشير بقوة لكون البشر ليس المبتكرون الوحيدون للتكنولوجيا التي بداخل المجرة، وسيكون هذا أحد أكثر الاكتشافات عمقًا التي يمكن تخيلها.

وفي الوقت نفسه إذا لم نكتشف شيئًا، فهذا لا يعني بالضرورة أننا النوع الوحيد صاحب القدرة التكنولوجية أو والذكي، كما يعني عدم الاكتشاف أيضًا أننا لم نبحث أصلًا عن النوع الصحيح من الإشارات، أو أن تلسكوباتنا ليست حساسة بشكلٍ كاف حتى الآن، لتكتشف الإرسال الخافت من الكواكب الخارجية البعيدة.

ريما نحتاج أن تخطي عتبة الحساسية، قبل التمكن من تحقيق اكتشافات حول “الانفجار الكمبري”، وبدلًا من التفكير عما إذا كنا حقًا بمفردنا يجب علينا التفكير في جمال الكون الفريد وفي هشاشة الحياة هنا على هذه الأرض.

اترك رد

Your email address will not be published.