تكنولوجيات: الذكاء الاصطناعي في صناعة المياه
د. جاسم حاجي
الذكاء الاصطناعي يضع بصمته على صناعة المياه، حيث إنه يعمل على تشغيل العمليات الذكية باستخدام التعلم الآلي لتحسين استخدام الموارد والميزانيات التشغيلية للمؤسسات، بالإضافة إلى تقديم أنظمة مياه ذكية، فيما يلي 10 طرق في كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تغيير صناعة المياه.
ليست فقط المياه التي تتدفق عبر أنابيبنا وصنابيرنا كل يوم، بل تتدفق البيانات التي لا تقدر بثمن بثبات إلى جانبها، ويجري الآن معالجة العديد من أوجه القصور في أنظمة مرافق المياه من الجيل الحالي بشكل مطرد من خلال استخدام أنظمة تحليلية قائمة على الذكاء الاصطناعي مدعومة بأجهزة استشعار إنترنت الأشياء، وهي مجموعة قوية بما يكفي لتتبع مستويات الطلب على المياه والتنبؤ بها والاستجابة لها باستمرار بأكثر الطرق فعالية واستدامة ممكنة.
يشار إلى هذه الأنظمة بشكل متزايد باسم «الإدارة الذكية للمياه» أو مجرد «المياه الرقمية»، وتضع هذه الأنظمة الذكاء الاصطناعي في قلب طريقة جديدة لإدارة المياه. تقوم قوة المعالجة الخام للنظام بتحليل كل ما يحدث عبر النظام بشكل فعال، في حين أن عناصر التعلم الآلي الخاصة به تسمح له بتحسين فهمه باستمرار لأفضل طريقة للاستجابة. مع وجود الذكاء الاصطناعي في الصورة، يمكن للقطاعات العامة ومقدمي الخدمات بناء وتقديم بنية تحتية للمياه يشرف عليها حل إدارة شامل الرؤية لا يتعب أبدا ويمكنه باستمرار تكييف نهجه مع أي موقف أو حالة طوارئ معينة.
ومن خلال رؤية كل جزء من الصورة الأكبر، يمكن لهذه الأنظمة أن تحسن بشكل كبير من فعالية الكلفة واستدامة عمليات المياه الجارية. وبالفعل، تعرض المشاريع التجريبية إمكانيات هذا النهج، كما أظهرت مؤخرا شركتان تم بناء نظامهم التجريبي على رأس البنية التحتية لإنترنت الأشياء الموجودة مسبقا تحسين عمليات مرافق المياه اليومية مع منع المفاجآت غير المرحب بها والحوادث المحتملة. وتتوخى خطوتهم التالية إنشاء أنظمة الذكاء الاصطناعي للإنسان في الحلقة، حيث تتعامل عناصر الذكاء الاصطناعي مع أعمال معالجة البيانات وبالتالي تحرير المشغلين البشريين للتركيز على المزيد من المهام المعرفية، مثل التحقق من صحة تحليل نظام الذكاء الاصطناعي وشرحه.
ينطبق هذا النهج على معالجة المياه وكذلك عمليات الإمداد. في الآونة الأخيرة، كشفت شركة المياه الأسترالية Melbourne Water عن نجاح تجربة منصتها للذكاء الاصطناعي التي تقوم بمعايرة الاستخدام الأمثل لمضخاتها من دون الحاجة إلى تدخل أو إشراف بشري. ويشير البرنامج التجريبي إلى أن النظام يمكن أن يساعد الشركة الأم على تحقيق وفورات في تكاليف الطاقة تزيد على 20%.
بالإضافة إلى التقييم الدقيق للطلب على المياه ومن ثم توفيره، أصبح الذكاء الاصطناعي أداة أساسية في مكافحة هدر المياه. ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة في البلدان التي تعاني من ندرة المياه، مثل الكثير من مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على سبيل المثال، حيث لا يحصل 60% من السكان على مياه الشرب النظيفة إلا قليلا. كل لتر يهدر من خلال التسريبات والأنابيب المنفجرة وغيرها من الحالات الشاذة هو لتر يمكن أن ينقذ الأرواح. هذه ليست مجرد قضية إقليمية بالطبع، إنها قضية عالمية. يشير أحد التقارير الحديثة إلى أن الولايات المتحدة وحدها تهدر 7 مليارات جالون من مياه الشرب يوميا. ومع أخذ حتمية الحد من هذا الهدر الحاد في الاعتبار، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع لتحليل تدفقات المياه في الوقت الفعلي، وإرسال التنبيهات وإغلاق الأنظمة تلقائيا كلما واجهت تسربات وشذوذات. يمنع هذا النهج هدر المياه ويوفر في التكاليف التشغيلية، حيث يتفاعل النظام في جزء صغير من الوقت الذي يستغرقه طاقم الهندسة البشرية لمراقبة المشكلة والعثور عليها وإصلاحها من دون مساعدة.