الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء
د.جاسم حاجي
إن تنفيذ استراتيجية خدمة العملاء ذات القنوات المتعددة المتكاملة (Omnichannel) لا يقتصر فقط بالتواجد على كل قناة، حيث يتطلب الأمر من جميع القنوات تكوين تجربة علامة تجارية موحدة وسلسة، مع حصول ممثلي خدمة العملاء على رؤية كاملة عبر القنوات لكل تفاعل مع العملاء في جميع الأوقات. غالبًا ما يكون تنفيذ هذه الاستراتيجية الفعالة صعب، حيث يعتقد 13% فقط من العملاء أن الشركات تصل إلى إمكاناتها الكاملة في تقديم خدماتها على منصات متعددة.
تلجأ العديد من المنظمات إلى الذكاء الاصطناعي والتقنيات العصرية الأخرى لحل هذه المشكلة. تكمن المشكلة في هذا النهج في أن الذكاء الاصطناعي ليس سوى أداة وليس حلاً مستقلاً. لا يمكن للمؤسسات استخدام الذكاء الاصطناعي للتعويض عن استراتيجية تجربة العملاء ذات قنوات متعددة متكاملة ضعيفة أو غير موجودة. من خلال جعل الذكاء الاصطناعي جزءًا داعمًا من استراتيجية القنوات المتعددة المتكاملة السليمة، يمكن للمؤسسات التأكد من أنها لا تطبق الذكاء الاصطناعي لمجرد امتلاك تكنولوجيا حديثة في ترسانتها. عند اتباع هذا النهج، يمكن إطلاق العنان لجميع قوى الذكاء الاصطناعي، مع كل الفوائد المترتبة على ذلك.
من الأخطاء الشائعة التي ترتكبها المؤسسات عند استخدام الذكاء الاصطناعي كجزء من استراتيجيتها ذات القنوات المتعددة المتكاملة هو التركيز على جانب واحد فقط من التفاعل. يمكن للذكاء الاصطناعي الذي يواجه العملاء، مثل الـ(Chatbots)، تحسين تجربة العميل بشكل إيجابي، لكن استخدام الذكاء الاصطناعي وحده لا يمكن أن يخلق تجربة سلسة خالية من الاحتكاك عبر جميع القنوات. لذلك، يجب على المنظمات أن تنظر إلى الداخل وتطبق الذكاء الاصطناعي بطريقة تساعد وكلاءها.
فيما يلي بعض الطرق التي يمكن للذكاء الاصطناعي المواجه للوكيل (Agent-facing AI) أن يقوم بها لتحسين تجربة العملاء عبر القنوات ومساعدة العلامات التجارية في تنفيذ استراتيجية ذات قنوات متعددة متكاملة حقيقية.
مساعدة الوكلاء أثناء التفاعلات الرقمية
بالنسبة إلى التفاعلات التي تحدث عبر الهاتف قد يكون من الخطورة محاولة حل أي مشكلة بواسطة الذكاء الاصطناعي الذي يواجه العملاء (Customer-facing AI). يعد توجيه المتصلين بقوائم رقمية آلية أمرًا شائعًا، ولكنه محبط للعملاء. نظرًا إلى أن قدرات تقنية الصوت غالبًا ما تكون ناقصة وغير جيدة عندما يتعلق الأمر باللهجات والمفردات، فقد يكون من الصعب على الروبوت القائم على الصوت فهم النبرة والكلمات المنطوقة. يمكن أن تؤدي العيوب إلى سوء التواصل، مما يؤدي إلى الإحباط أو نتائج غير مرغوب فيها. هناك خيار أسهل وأقل خطورة عندما يتعلق الأمر بتطبيق الذكاء الاصطناعي في مركز الاتصال. يجب أن تنظر المنظمات في جلب الذكاء الاصطناعي مباشرة إلى الوكلاء للمساعدة في المحادثات الاجتماعية والدردشة والمراسلة والبريد الإلكتروني. هنا، “يستمع” الذكاء الاصطناعي للمحادثة، ويحدد موضوع الاستعلام ويساعد الوكيل على تقديم إجابات أكثر كفاءة. يمكن أن تقترح تطبيقات “مساعدة الوكيل” هذه ردود للوكيل، بما في ذلك المقالات أو المستندات أو صفحات الويب التي تم إنشاؤها مسبقًا حول المشكلة المطروحة، ويمكن للوكيل تصفية أو اختيار الردود الأنسب للعميل. نظرًا إلى أن الوكيل يرى الردود الموصى بها قبل أن تذهب إلى العميل، فيمكنه تعديلها حسب الحاجة، وتجنب سوء التواصل والنتائج السلبية، والتحكم الكامل في المحادثة.
تسهيل الاستجابة السريعة وبناء الموارد
تعمل تقنية الذكاء الاصطناعي التي تواجه الوكيل على تسريع أوقات الاستجابة على المدى القصير والطويل. حيث يمكنها إنشاء ردود بسيطة للوكيل على الفور باستخدام أتمتة العمليات الروبوتية (RPA)، مثل أرصدة الحسابات أو سجل المعاملات. لا يفيد هذا الأمر العميل فحسب، بل إنه يوفر أيضًا الوقت للوكيل للتركيز أكثر على الأسئلة المتعمقة، بدلاً من الشعور بالملل من تكرار نفس المهام العادية مرارًا وتكرارًا.
على المدى الطويل، لكي يعمل الذكاء الاصطناعي المواجه للوكيل أو العميل بشكل أفضل فإنه يحتاج إلى مصدر معرفة قوي يمكن من خلاله الحصول على الإجابات. قد يكون إنشاء هذا المورد هو التحدي الأكبر للمؤسسات. غالبًا ما تكون المعلومات مبعثرة في ملفات PDF أو على ملصقاتها أو مخفية في دفاتر الملاحظات أو في خوادم قديمة وقد يكون تنظيمها جميعًا أمرًا مربكًا.