لماذا تفشل مشاريع الذكاء الاصطناعي؟

21

أنس عبدالحي

تتباين العوامل التي تحدد نجاح أي مشروع في نفس المجال أو حتى ضمن المشروع نفسه، وهو أمر ينطبق بشكل خاص على الذكاء الاصطناعي الذي يعدّ مجالًا جديداً نسبياً ولكنه يدعم مختلف الأعمال حول العالم وينقل اهتمام المستثمرين إلى الحلول التقنية الأكثر استدامة وأقل تكلفة. يعتبر الذكاء الاصطناعي قوة خارقة صاعدة في عالم الأعمال، وقد استضافت المملكة العربية السعودية القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في أكتوبر 2020 حيث تم الكشف عن استراتيجية موسّعة للذكاء الاصطناعي في الأسواق. تهدف الاستراتيجية إلى تدريب عدد يصل إلى 20,000 خبير في البيانات والذكاء الاصطناعي وإقامة 300 مشروع ناشئ في المجال، مما يتوقع أن يساهم في تحقيق استثمارات بقيمة 20 مليار دولار بحلول العام 2030.

وإن كان من الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتنمية دول بأكملها، فهو بهذا أداة بوسعها تحقيق نقلة حقيقية في أسلوب العمل واتخاذ القرارات في العالم، وهو ما يلاحظه صانعو القرارات بشكل متزايد باعتباره بوابة نحو مستقبل أكثر سلامة واستدامة.

ولهذا فإن الحماس تجاه الانضمام إلى ركب الذكاء الاصطناعي مفهوم بل ومحمود، إلا أن نجاح تلك التقنية يعتمد على طيف متكامل من البيانات التي يتم تسجيلها وتحليلها عبر قاعدة بيانات ضخمة ومن خلال التحليل المستمر للتقارب بين البيانات التنبئية والفعلية. ويعدّ فشل مشاريع الذكاء الاصطناعي في مراحلها المبكرة واحداً من المخاوف الشائعة والمشروعة، فالأرقام الأخيرة تظهر أن حوالي 85% من إجمالي تلك المشاريع تفشل – بل وقبل بدايتها أحياناً، فلماذا؟ في معظم الأحوال، تفتقر تلك المشاريع الكبرى إلى التوافق الضروري مع أولويات الأعمال. وفي عالمنا المعاصر، تهتم العديد من المؤسسات باستمرارية عملياتها التقليدية مما يجعل هذه المشاريع التي تنطوي على التغييرات الملموسة أقل أولوية من غيرها بكثير.

كما أن الذكاء الاصطناعي تقنية مكلفة، حيث سيصل مجموع الإنفاق على مشاريع وحلول الذكاء الاصطناعي إلى 58 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة. وما تقوم به العديد من الشركات هو القفز مباشرة في خضم المعلومات حول الأمر لينتهي بها الأمر بنتيجة واحدة: وهي أن الذكاء الاصطناعي سيخفض التكاليف – وهي حقيقة صحيحة بالفعل إلا أنها تستغرق الوقت وتحتاج إلى المهارة وبذل الجهد، بدءاً من الشراكة مع المزودين المناسبين للحلول وحتى تعيين أفضل المختصين في المجال لإدارة مشاريع الذكاء الاصطناعي.

كما أن الاستراتيجية وحدها لا تكفي في المشاريع القائمة بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي، رغم كونها ركيزة هامة في قطاع الأعمال بشكل عام. فالاستراتيجية المالية دون خبرة تشبه تضييع المال على مشكلة دون إيجاد حل لها، وبالتالي لا يمكن أن تكون فعالة دون خبرة. ونظراً لأن الذكاء الاصطناعي مجال جديد، فإن المهارات المتاحة في المجال قليلة، وهذا أحد الأسباب التي تدفع الحكومات إلى اللجوء للبرامج التدريبية وضخّ رأس المال لتطوير جيل متميز من المهندسين والعلماء ورجال الأعمال المتخصصين بالذكاء الاصطناعي.

يرتبط ذلك بوصف الذكاء الاصطناعي كمجال عمل محفوف بالمخاطرة، حيث يعدّ أداة باهظة الثمن يصعب قياسها وإدامتها. ولكن تطوير الاستراتيجية والنهج الصحيحين يمكنهما وضع الشركات على المسار الصحيح، إذ يجب أن تبدأ بالمشكلة التي تواجهها المؤسسة، وبطرح السؤال الهام: “هل يمكن للذكاء الاصطناعي حل تلك المشكلة؟” يمكن حينها تصميم ووضع الاستراتيجية مع القياس المناسب والدوري للعائد على الاستثمار. ولكن الأمر لا ينتهي هنا: فأحد أسباب عدم الرضا عن نتائج استخدام الذكاء الاصطناعي عادة، والتي تؤدي بالمؤسسات إلى اختيار خيارات أكثر أماناً، يرتبط بالغموض والأفكار المغلوطة التي تحيط بهذه التقنية. فقد بدا الأمر لوقت طويل بمثابة قفزة تقنية مستوحاة من الروايات والأفلام.

لا شك في أن الذكاء الاصطناعي ينطوي على مخاطر عديدة، ولكن المردود المتحقق منها يمكنه أن يساهم في تخفيض التكلفة وتحقيق نجاح الأعمال على المدى الطويل.

 

مساندة" تخطط لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مشاريع البنية التحتية

اترك رد

Your email address will not be published.