في خدمة الإنسانية.. كيف تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تمكين ذوي الإعاقة البصرية؟
AI بالعربي – متابعات
يشهد العالم ثورة تكنولوجية هائلة تهدف إلى تحسين جودة الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، حيث تتطور الابتكارات بشكل مستمر لتلبية احتياجاتهم. ومن أبرز هذه الابتكارات، بطاقات الدفع “الناطقة” التي تمكّن المستخدمين من إتمام المعاملات المالية بسهولة وأمان، وتقنيات تحويل النصوص إلى برايل عبر الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI). هذه الحلول ليست مجرد وسائل تقنية، بل هي أدوات حيوية تمنح الأشخاص ذوي الإعاقة استقلالية أكبر في حياتهم اليومية وتقلل من التحديات التي يواجهونها.
إحصاء يدفع بالاستمرارية
ومع تزايد الحاجة إلى الأدوات المساعدة، تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك نحو 1.3 مليار شخص يعانون نوعًا من الإعاقة حول العالم، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 3.5 مليار بحلول عام 2050. هذا الارتفاع يعكس أهمية الاستمرار في تطوير التكنولوجيا التي تساعد على دمج الأفراد ذوي الإعاقة بشكل أكبر في المجتمع، وتمكينهم من المشاركة الكاملة في الحياة اليومية.
ابتكار تكنولوجيا الصوت: بطاقة الدفع الناطقة
تعتبر تكنولوجيا المساعدات الصوتية من أهم الابتكارات التي تسهم في تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، حيث تتيح لهم الاعتماد على أنفسهم في أداء المهام اليومية. أحد أبرز هذه الابتكارات هو بطاقة الدفع الناطقة التي أطلقها بنك Itau Unibanco في البرازيل في أغسطس 2024. تتميز هذه البطاقة بقدرتها على التواصل مع الهاتف الذكي عبر تقنية البلوتوث، حيث يقوم التطبيق المخصص بقراءة مبلغ الدفع بصوت عالٍ قبل إتمام المعاملة، مما يضمن للمستخدمين تحكمًا أكبر في عملياتهم المالية.
هذا الابتكار يوفر حلاً عمليًا وآمنًا للمستخدمين، خصوصًا في مواجهة المخاطر المتعلقة بالاحتيال المالي، التي يتعرض لها 89% من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية. من خلال هذا النظام الصوتي المدمج، يمكن للمستخدمين إدارة مدفوعاتهم اليومية بسهولة وأمان، مما يعزز من استقلاليتهم ويمنحهم شعورًا أكبر بالثقة والراحة في التعاملات المالية.
مساعد شخصي على مدار الساعة
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي تعد من أكثر الابتكارات الواعدة في هذا المجال، حيث تعزز من قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية على الاعتماد على أنفسهم. وتطبيق “Be My Eyes”، الذي يربط بين المستخدمين والمساعدين المرئيين، قد أدخل الذكاء الاصطناعي ليقدم مساعدًا رقميًا يمكنه تحليل الصور والإجابة عن استفسارات المستخدمين. يعتقد الرئيس التنفيذي للتطبيق أن هذه التقنية ستجعل المستخدمين أكثر استقلالية في حياتهم اليومية.
برايل الرقمي
إلى جانب التطورات في تكنولوجيا الصوت، يواصل برايل الرقمي تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية من خلال شاشات برايل الرقمية القابلة للتحديث. هذه الشاشات تحول النصوص الرقمية إلى برايل يمكن قراءته باللمس، مما يمكّن المستخدمين من الوصول إلى النصوص الإلكترونية بكل سهولة. علاوة على ذلك، يقدم الذكاء الاصطناعي إمكانيات جديدة مثل تحويل النصوص إلى برايل في الوقت الفعلي وتحليل الصور لتحويلها إلى رسومات ملموسة.
اسمع العالم
باستخدام كاميرا وزوج من السماعات فقط، يمكن الآن تحويل الصور إلى كلمات وتحليل المشاهد لاكتشاف المخاطر، مما يسهل على ضعاف البصر التنقل بأمان. هذا الابتكار الثوري هو نتاج جهود باحثين في مختبر معالجة اللغات الطبيعية بجامعة فودان في شنغهاي، حيث طوروا تطبيقًا مبتكرًا يسمى “اسمع العالم”. يعتمد هذا التطبيق على نموذج “فودان – موسي” متعدد الوسائط، الذي يهدف إلى تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية من خلال توفير وسيلة عملية للتنقل والتفاعل مع البيئة المحيطة.
تطبيق “اسمع العالم” يقدم ثلاث خدمات رئيسية موجهة لضعاف البصر: الإرشاد أثناء المشي في الشوارع، والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالبيئة المحيطة، والمساعدة في البحث عن الأشياء. ويعتمد التطبيق على الذكاء الاصطناعي لتحليل حالة الطريق والكشف عن المخاطر المحتملة، مما يساعد المستخدمين على التنقل بأمان. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتطبيق وصف المشاهد المحيطة للمستخدمين بصوت واضح، مما يوفر لهم تجربة أكثر شمولية وتفاعلًا مع العالم.
البروفيسور تشانغ تشي، من جامعة فودان، أشار إلى أن التكنولوجيا يجب أن تكون أداة لتغيير حياة الجميع، وخاصة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي، يأمل فريق الباحثين أن يساهم تطبيق “موسي” في تمكين ضعاف البصر من التنقل بحرية خارج منازلهم، مما يمنحهم درجة أعلى من الاستقلالية في حياتهم اليومية.
ختامًا، هكذا تسعى – ولم تزل – تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للإسهام بما لديها من إمكانات تطويرية في أن تكون جزءًا حيويًا من واقع مستقبلي، يلقي ببوادر الأمل في تغيير نمط الحياة لذوي الإعاقة البصرية والمكفوفين.