طب الذكاء الاصطناعى والتحديات الأخلاقية والإنسانية

25
الدكتور محمد محيي الدين

لاشك أن الذكاء الاصطناعى فى مجال الطب يشهد تطورات فائقة السرعة وواعدة للغاية، مما يضمن إحداث نقلة نوعية فى الرعاية الصحية. فالذكاء الاصطناعى لديه القدرة على إحداث قفزة عملاقة، من خلال تحسين التشخيص، وتخصيص العلاج وتسريع اكتشاف الأدوية، وتحسين رعاية المرضى، مما يدفعنا لسرعة دراسة الأبعاد الإنسانية والتحديات الأخلاقية، وضمان أن تكون الأنظمة الذكية موثوقة وآمنة للاستخدام الطبى.

وقد أحدثت تطبيقات الذكاء الاصطناعى ثورة فى رعاية المريض فى مرحلة ما بعد الجراحة. فمن خلال تحليل بيانات المرضى، يمكن للذكاء الاصطناعى تطوير خطط إعادة تأهيل مخصصة تعمل على تحسين وقت التعافى وتقليل مخاطر حدوث مضاعفات، مما يضمن سرعة شفاء المريض وعودته لحياته الطبيعية فى أسرع وقت ممكن وأمان تام.

أما أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعى أهمية من وجهة نظرى، فهى ما يطلق عليه «جراحة الواقع الافتراضى». ولك أن تتخيل عالمًا يستطيع فيه الجراحون ممارسة العمليات المعقدة فى بيئة افتراضية، لصقل مهاراتهم دون المخاطرة بإيذاء المريض. ويجعل الذكاء الاصطناعى هذا ممكنًا، من خلال إنشاء غرف محاكاة للعمليات الجراحية واقعية للغاية، مثل غرف محاكاة قيادة الطائرات والصواريخ الفضائية، مما يوفر تدريبات متعددة، تؤدى إلى زيادة الدقة وتقليل المضاعفات فى العالم الحقيقى.

ولكن على الرغم من هذا التقدم التكنولوجى، يظل البعد الإنسانى أمرًا لا غنى عنه فى المجال الطبى. فالأطباء ليسوا مجرد مشغلين للتكنولوجيا، بل هم أيضًا مستشارون ومعالجون يقدمون الرعاية والدعم النفسى للمرضى وعائلاتهم. إن القدرة على فهم الشعور الإنسانى وتقديم الرعاية الشخصية تظل أساسية لتحسين جودة الحياة للمرضى، ومساعدتهم على الشفاء.

ومن خلال التحالف بين الوجود البشرى والذكاء الاصطناعى، يمكن تحقيق تقدم هائل فى مجال الطب، حيث يمكن تحسين تشخيص الأمراض وتحديد العلاجات المناسبة بسرعة ودقة أكبر، مما يعزز فرص الشفاء ويقلل من المضاعفات الصحية.

ومن المؤكد أن الوجود البشرى سيظل له دور حيوى فى الطب، حيث يمكن أن يتحالف مع التكنولوجيا الحديثة لتحقيق أقصى فائدة للمريض، مع تقديم الدعم النفسى وإدراك الاحتياجات العاطفية للمريض وأسرته، ومنح الثقة فى الشفاء، وهى كلها قدرات لا تستطيع الآلات تطبيقها.. كما أن الالتزام الأخلاقى تجاه المهنة والمضى يبقى صفة إنسانية خالصة.. وبتحقيق التوازن الصحيح بين العنصر الإنسانى والتكنولوجى، سنجد مفتاح تطوير مستقبل الرعاية الصحية وتحسين جودة الحياة للجميع.

المصدر: المصري اليوم

اترك رد

Your email address will not be published.