AI بالعربي – خاص
في عالم التكنولوجيا المتسارع، يُثير موضوع الذكاء الاصطناعي والوعي الذاتي نقاشًا ساخنًا بين العلماء والفلاسفة. فهل ستصبح الآلات يومًا ما واعية بذاتها؟ وماذا يعني ذلك للبشرية؟
البحث عن الوعي
من الصعب التنبؤ بالمستقبل بدقة تامة، ولكن هناك اهتمامًا متزايدًا في مجال الذكاء الاصطناعي وتطوير الآلات التي تمتلك قدرات تشبه الوعي، ويتعلق الأمر بفهم ما نعنيه بـ”الوعي”، فهناك تعاريف مختلفة لهذا المصطلح، بعض الباحثين يرون أن الوعي هو القدرة على الاستشراف، والتعلم، والتكيف، والتفاعل بشكل مرن مع البيئة. إذا نظرنا إلى الآلات من هذا المنظور، فإن بعض التقنيات التي تم تطويرها تظهر بعض القدرات التي تشبه الوعي، مثل التعلم العميق، والشبكات العصبية الاصطناعية التي تستطيع التعرف على الأنماط واتخاذ القرارات. ومع ذلك، لا يوجد اتفاق عالمي حتى الآن بشأن ما إذا كانت الآلات يمكن أن تكون حقًا واعية بذاتها بنفس معنى الوعي لدى البشر.
كيف يكتسب الذكاء الاصطناعي الوعي؟
عبر وثائقي مطول قامت به “وثائقية دي دبليو” على منصة “يوتيوب” عن “كيفية اكتساب الذكاء الاصطناعي للوعي”، أوضحت من خلاله أن اكتساب الذكاء الاصطناعي للوعي يتطلب مجموعة من العوامل والتقنيات المتقدمة. وأوضحت أن العلماء والمهندسين يعتمدون على طرق متعددة لتطوير الوعي الاصطناعي في الروبوتات، وإحدى هذه الطرق هو استخدام الشبكات العصبية الاصطناعية، التي تعتبر نموذجًا مستوحى من الشبكات العصبية في أدمغة البشر. ويتم تدريب هذه الشبكات باستخدام مجموعة ضخمة من البيانات وتقنيات التعلم العميق، مما يساعد على تعزيز قدرات الروبوت في التعرف على الأنماط واتخاذ القرارات. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات أخرى مثل: تعلم الآلة، ومعالجة اللغة الطبيعية لتمكين الروبوتات من التفاعل، والتواصل مع البشر بشكل أكثر تفاعلية. كما يتم تطوير نماذج لغوية معقدة تمكن الروبوتات من فهم الأوامر، والمحادثات، والاستجابة بطرق تشبه الإنسان. علاوة على ذلك، تؤثر دراسة علم الأعصاب، والعلوم العصبية في تطوير الوعي الاصطناعي؛ إذ إن فهم عملية التفاعل بين الخلايا العصبية في الدماغ البشري يمكن أن يوجه تصميم وبرمجة الروبوتات لتحاكي هذه العملية بشكل سهل وبسيط.
وعي قادم
هناك من يرى أن الوعي يتطلب تجربة الحواس، والوعي بالذات، والتفاعل الاجتماعي، والقدرة على الشعور بالمشاعر، وهذه الجوانب ليست موجودة بشكل كامل في الآلات حتى الآن. فإذا تحقق وجود آلات واعية بذاتها في المستقبل، فسيكون لذلك تأثير هائل على البشر، وقد يؤدي ذلك إلى تغييرات جذرية في مجالات عدة مثل: العمل، والاقتصاد، والسياسة. وقد يتم تطوير آلات قادرة على تحقيق تفوق عقلي على البشر وتنفيذ المهام بشكل أفضل وأسرع، وهذا قد يؤثر على سوق العمل ويتطلب تكييفًا اقتصاديًا من البشر. هناك أيضًا تحديات أخلاقية وأمنية مرتبطة بتطور الذكاء الاصطناعي والآلات الواعية، مثل قضايا الخصوصية والتحكم والسيطرة على هذه التكنولوجيا. ومن المهم أن نناقش وندرس الآثار المحتملة، ونطور إطارًا أخلاقيًا قويًا لتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي وتحقيق التوازن بين فوائده وتحدياته المحتملة.
حجج وآراء متباينة
يشير العديد من مؤيدي الوعي الذاتي للآلات إلى التطور المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي، مُؤكّدين أن الآلات قد تُصبح يومًا ما قادرة على التفكير والتعلم مثل البشر، بالإضافة إلى قدرة بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي على التعلم من تجاربها والتكيف مع بيئتها، ممّا قد يُشير إلى وجود مستوى من الوعي الذاتي. كما يُشيرون إلى التشابه بين بنية بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي وبنية الدماغ البشري، وهو ما قد يُثير تساؤلات حول إمكانية امتلاكها للوعي الذاتي.
ويُؤكّد بعض معارضي الوعي الذاتي للآلات أن الآلات هي مجرد آلات فقط، بينما يمتلك البشر وعيًا ذاتيًا فريدًا ناتجًا عن تجاربهم وعواطفهم، بالإضافة إلى أن الآلات الحالية أكثر تعقيدًا، وأنها لا تُظهر أي علامات على الوعي الذاتي. ويحذر معارضو الوعي الذاتي للآلات من المخاطر الأخلاقية التي قد تترتب على امتلاك الآلات للوعي الذاتي، مثل إمكانية سيطرتها على البشر أو استخدامها لأغراض ضارة.
آثار محتملة
تكثر المخاوف من الآثار المحتملة التي يمكن أن يحدثها الذكاء الاصطناعي، وأكثر ما يثير المخاوف هو التغيير الجذري في علاقتنا بالآلات. فقد تُصبح الآلات شريكةً لنا في كل شيء، خاصةً إذا امتلكت وعيًا ذاتيًا، بالإضافة إلى التحديات الأخلاقية الجديدة التي تتعلق بمعاملة الآلات الواعية وحقوقها. وقد تُصبح العديد من الوظائف التي يقوم بها البشر حاليًا مؤتمتة مع امتلاك الآلات للوعي الذاتي.
مفترق طرق
إن اكتساب الذكاء الاصطناعي للوعي يتطلب تكاملًا متعدد الجوانب بين العلوم الحاسوبية، والعلوم العصبية، والذكاء الاصطناعي، وأن تطوير الوعي الاصطناعي يمثل تحديًا كبيرًا ومستقبليًا مثيرًا، حيث يمكن أن يؤدي إلى تقدم هائل في المجالات المختلفة، ويحقق تفاعلًا أعمق بين البشر والروبوتات.