الذكاء الاصطناعي.. ثورة رقمية أم تهديد وجودي للإعلام؟
AI بالعربي – خاص
يُشكل الذكاء الاصطناعي ثورة هائلة تجتاح مختلف القطاعات، ولم يُستثنَ قطاع الإعلام من هذه التغييرات الجذرية. فما هي أبرز تأثيرات هذه التقنية المتطورة على صناعة الإعلام؟ هل تُمثل أداة قوية لتحسين جودة المحتوى وزيادة كفاءة العمل، أم تُشكل تهديدًا لوجود الصحفيين وحرية التعبير؟
تشكيل المشهد
يُقدم الذكاء الاصطناعي أدوات ثورية لجمع المعلومات وتحليلها، حيث يُمكنه استخلاص البيانات من مصادر متعددة، مثل: مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الإخبارية، والوثائق الرسمية؛ لتحديد الأحداث المهمة وتوليد تقارير إخبارية أولية.
ولكن لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على جمع الأخبار، بل يتعداه إلى تحليل كميات هائلة من البيانات للكشف عن أنماط واتجاهات قد لا يستطيع الصحفيون ملاحظتها.
وعلى صعيد المحتوى، يُستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد لتحرير وتنقيح المحتوى الإعلامي، وتصحيح الأخطاء اللغوية والنحوية، وتحديد الأخطاء الواقعية.
ويمتد تأثير الذكاء الاصطناعي إلى تجربة المستخدم، حيث يُمكنه تحليل سلوكيات القراء لتخصيص المحتوى وتقديم تجربة إعلامية شخصية لكل مستخدم.
تحدي التضليل!
يُعد الذكاء الاصطناعي أداة قوية لمكافحة الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة، حيث يمكنه تحليل المحتوى الإعلامي وتحديد علامات تشير إلى عدم دقته أو صدقيته.
ومع ذلك، لا تزال هذه التقنيات قيد التطوير، ولم تثبت فعاليتها بشكل كامل في مكافحة الأخبار المزيفة، خاصة تلك التي يتم صناعتها بعناية لخداع الجمهور.
رهانات وتحديات
أظهرت العديد من الدراسات ازدياد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، وتشير التقديرات إلى أن 80% من المؤسسات الإعلامية العربية تستخدمها في بعض مهامها.
وتباينت آراء الخبراء حول تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل الإعلام، فبينما يرى البعض أنه يُمثل أداة قوية لتحسين جودة المحتوى وزيادة كفاءة العمل، ويخشى آخرون من أن يُشكل تهديدًا لوجود الصحفيين وحرية التعبير.
وفي الوقت الذي يقدم الذكاء الاصطناعي إمكانيات هائلة لتطوير صناعة الإعلام، يطرح في المقابل تحديات تتطلب مواكبة ذكية ومسؤولية أخلاقية من قبل المؤسسات الإعلامية والصحافيين لضمان استخدامه بشكل فاعل وواعٍ.
تجارب تُنذر بمستقبل غامض
يشهد عالم الإعلام ثورة تكنولوجية هائلة بفضل الذكاء الاصطناعي، حيث باتت تقنياته تُستخدم في مختلف المجالات، بما في ذلك مجال التقديم الإذاعي. فمع إمكانية توليد أصوات واقعية تُحاكي أصوات البشر، يُصبح من الممكن استبدال المذيعين الحقيقيين بأصوات اصطناعية مُبرمجة، ممّا يُثير قلقًا كبيرًا في أوساط الإعلاميين.
وقد برزت العديد من التجارب التي تُظهر إمكانيات الذكاء الاصطناعي في مجال التقديم الإذاعي، ونذكر منها، تجربة قناة “بي بي سي“ البريطانية التي قامت بتجربة استخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم نشرة إخبارية، استخدمت من خلالها صوتًا اصطناعيًا يُحاكي صوت المذيع “توم نيكولسون”. وقد أثارت هذه التجربة نقاشًا واسعًا حول إمكانية استبدال المذيعين البشريين بأصوات اصطناعية. كما قامت“شركة مايكروسوفت“ بتطوير تقنية تُسمى “VALL-E” تُمكّن من إنشاء مقاطع فيديو وصور واقعية من خلال كتابة نصوص بسيطة، حيث يمكن استخدام هذه التقنية لإنشاء مقاطع إخبارية وتقارير تلفزيونية دون الحاجة إلى ممثلين أو مخرجين.
تهديدات تواجه المذيعين
تُثير هذه التجارب مخاوف كبيرة في أوساط المذيعين والإعلاميين، حيث يُمكن أن تُؤدي إلى استبدالهم بأصوات اصطناعية مُبرمجة، ممّا يُهدد وظائفهم ومستقبلهم المهني. ومن أهم التهديدات التي تواجه المذيعين فقدان الوظائف، فمع إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم البرامج الإذاعية دون الحاجة إلى مذيعين بشريين، يُمكن أن يُفقد العديد من المذيعين وظائفهم، بالإضافة إلى انخفاض رواتب المذيعين وتغيير طبيعة العمل. فمع ازدياد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، قد ينخفض الطلب على المذيعين البشريين، ممّا قد يُؤدي إلى انخفاض رواتبهم، علاوة على ذلك قد يُصبح دور المذيعين مقصورًا على الإشراف على عمل الذكاء الاصطناعي وتوجيهه، بدلًا من تقديم البرامج بشكل مباشر.
مستقبل غامض
لا تزال تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراحلها الأولى من التطوير، ولا يمكن التنبؤ بشكل دقيق بمستقبلها في مجال التقديم الإذاعي. ولكن من المؤكد أن هذه التقنيات تُشكل تهديدًا حقيقيًا لعمل المذيعين، ممّا يتطلب منهم العمل على تطوير مهاراتهم ومواكبة التطورات التكنولوجية لضمان بقائهم في سوق العمل. ومن المهم أيضًا أن تُعالج الجهات الإعلامية هذه القضية بشكل جاد وتبحث عن حلول تضمن حقوق المذيعين وتُحافظ على مكانتهم في عالم الإعلام.