أسباب معاناة اليابان في إنتاج الذكاء الاصطناعي
AI بالعربي – متابعات
يُعد الذكاء الاصطناعي التوليدي موضوعاً ساخناً في الوقت الحالي، حيث يحتدم التنافس بين البلدان في جميع أنحاء العالم، من أجل التفوق في هذا المجال الجديد، وفقًا لموقع سكاي نيوز عربية.
والذكاء الاصطناعي التوليدي، هو تكنولوجيا محورية تهدف إلى تعزيز القدرات البشرية وتحسين الأداء في مختلف المجالات، وبشكل عام، ما زالت معظم البلدان في مرحلتها الأولية في استخدام هذه التكنولوجيا، وهي تأمل باعتمادها بهدف تحفيز الاقتصاد بالدرجة الأولى، حيث تمتلك الإنجازات التي قد يتم تحقيقها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، القدرة على زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بنسبة 7 بالمئة، أو ما يقرب من 7 تريليونات دولار، خلال العقد المقبل، وفقاً لأبحاث غولدمان ساكس.
وفي وقت تخطو فيه العديد من الدول مثل أميركا والصين وكوريا الجنوبية وأوروبا، خطوات كبيرة في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي التوليدي، لم تستطع اليابان ورغم كونها من الدول المتقدمة تكنولوجياً، من مجاراة بقية الدول في إنتاج الذكاء الاصطناعي، وذلك بسبب معاناتها من عدة نقاط ضعف أساسية، تتعلق بخوارزميات “نماذج اللغات الكبيرة” والمهارات والكفاءات.
ويقول خبير التحول الرقمي رولان أبي نجم، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن موقع اليابان المتأخر في انتاج الذكاء الاصطناعي التوليدي، يعود إلى حد كبير تخلفها في تطوير خوارزميات “نماذج اللغات الكبيرة” أو (Large Language Models)، وهي الخوارزميات المسؤولة عن جعل الذكاء الاصطناعي التوليدي، يقوم بمجموعة متنوعة من المهام، بما في ذلك إنشاء النصوص والصور، والإجابة عن الأسئلة بطريقة محادثة، والتنبؤ بالكلمات وصياغة الجمل مشابهة لطريقة البشر، إضافة الى ترجمة النصوص.
نقص في الحواسيب العملاقة
ويشرح أبي نجم، إن سبب عدم قدرة اليابان على تطوير خوارزميات “نماذج اللغات الكبيرة”، يعود لعدم امتلاك الشركات الخاصة في البلاد لعدد كاف من “الحواسيب العملاقة” المتخصصة في عملية تدريب هذه الخوارزميات، لافتاً الى أن هذه الحواسيب تعتبر العمود الفقري في تطوير الذكاء الاصطناعي، كونها الوحيدة القادرة على تدريب الخوارزميات، وجعلها تتعرف على أنماط لغة البشر، وكيفية استخدامها لتلبية ما يُطلب منها.
والحاسوب الفائق أو العملاق هو حاسوب ذو إمكانيات هائلة، يستخدم لمعالجة كم هائل جداً من البيانات، وهو لا يصلح للاستخدام الشخصي أو على مستوى مؤسسة محدودة، إنما يستخدم على نطاق دولي، حيث يمكنه ربط شبكة حواسيب ضخمة ببعضها.
ولا توجد شركة خاصة في اليابان، تمتلك حاسوباً فائقاً أو عملاقاً وذات مستوى عالمي، بعكس أميركا والصين وأوروبا.
ويضيف أبي نجم إن اليابان تواجه أيضاً تحدياً آخراً في عملية انتاج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهذا التحدي مرتبط بنقص المهارات والكفاءات ومهندسي البرمجيات، الذين تحتاجهم لتطوير البنية التحتية والتطبيقات الضرورية لصناعة الذكاء الاصطناعي، لافتاً الى أن وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، أعلنت أن البلاد ستواجه عجزاً قدره 789 ألف مهندس برمجيات بحلول عام 2030.
ضوابط متشددة
وبحسب أبي نجم، فإن القوانين اليابانية فيما يتعلق بضوابط استخدام وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن وصفها بالمتشددة، حيث لا يمكن لأي كان الولوج الى البيانات واستخدامها في تطوير منتجات الذكاء الاصطناعي، مشيراً أيضاً الى سبب آخر يمنع اليابان من التفوق في هذا المجال، وهو صعوبة اللغة اليابانية التي ستخلق إشكالية كبيرة في عملية تدريب البرمجيات، إضافة الى طبيعة وثقافة الشعب الياباني الذي لا يسارع الى تبني التكنولوجيات الجديدة.
من جهته يكشف مهندس الاتصالات محمد شامي، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن أجهزة الكمبيوتر العملاقة الموجودة في اليابان، التي تحمل مفتاح الحل بالنسبة لتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي هي أجهزة تابعة للحكومة، التي قامت مؤخراً بفتح باب التعاون والإعلان عن خطط مع القطاع الخاص بهذا الشأن، مشيراً الى أن الحكومة اليابانية، تخطط ايضاً الى استثمار نحو 48.2 مليون دولار، في بناء حاسوب عملاق جديد مخصص، لتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي بهدف تعزيز دور البلاد في هذه التكنولوجيا.
ويكشف شامي أنه اذا أرادت اليابان أن تكون في موقع الريادة في ثورة الذكاء الاصطناعي، عليها التحول من “وضع الدفاع” إلى “وضع الهجوم” وتكثيف تركيزها على الاستثمارات الخاصة في هذا المجال، حيث أن التفوق الأميركي في الذكاء الاصطناعي التوليدي، تقوده الشركات الخاصة مثل “أوبن إي أي” و”غوغل”و”مايكروسوفت”، معتبراً أن خطوة تخصيص أجهزة الكمبيوتر العملاقة التابعة للدولة، لتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي، لن تغير كثيراً بالمشهد لناحية انتاج اليابان للذكاء الاصطناعي التوليدي، خاصة أن منافسيها أصبحوا في مكان متقدم جداً في هذا المجال.
التخلص من نقاط الضعف
وشدد شامي على أن اليابان تلعب دوراً كبيراً في صناعة الرقائق الالكترونية، المرتبطة في تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهي معروفة بمنتجاتها ذات الجودة العالية، ولكنها في الوقت عينه، تعاني من ضعف في انتاج البرامج المرتبطة بهذه التكنولوجيا، وبالتالي يجب عليها الاستفادة من ورقة القوة التي تمتلكها، للتخلص من نقاط ضعفها في هذا المجال، حيث يكون ذلك بخطط لجذب وتشجيع الشركات الخاصة، على الاستثمار بقوة في هذه المنافسة، وإغرائها بالمكاسب التي يمكنها تحقيقها في حال اعتماد البلاد، كنقطة لتطوير اعمالها المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، مشيراً الى أنه في حال لم تقم اليابان بذلك الآن فإنها لن تستطيع أن تلحق بالمنافسين.