بريق الذكاء الاصطناعي العام

32

د. زياد بن عبدالعزيز آل الشيخ

مع الاهتمام الكبير الذي شهده الذكاء الاصطناعي التوليدي في الآونة الأخيرة، لم نسمع كثيراً عن مساهمة مايكروسوفت باعتبارها إحدى الشركات الأربعة الكبار. رغم أن مايكروسوفت أصدرت كوسموس لمعالجة النصوص والصور بالذكاء التوليدي، لكنها اختارت تطبيقات الذكاء الاصطناعي المفتوح شريكاً لها في تطبيقات سطح المكتب، وهو منتجها الأشهر على الإطلاق.

يبدو اختيار مايكروسوفت صادر عن قناعة تامة في قدرات تطبيقات الذكاء الاصطناعي المفتوح التي أهمها تطبيق تشات (جي بي تي)، يدل لذلك التقرير الذي صدر مؤخراً من باحثين في مايكروسوفت، أجروا فيه تقويماً دقيقاً لقدرات تشات (جي بي تي)، خرجوا منه باستنتاج مثير يلخصه عنوان التقرير: بريق الذكاء الاصطناعي العام.

يصل الباحثون إلى نتيجة مهمة بعد اختبارات عديدة، أن تطبيق تشات (جي بي تي) خطوة مهمة نحو الذكاء الاصطناعي العام، وفي عرف الذكاء الاصطناعي، يعد الوصول إلى القدرات العامة هدفاً بعيد المدى، حيث يصل إلى امتلاك قدرات عامة مثل قدرات الإنسان أو تتفوق عليه، وهو طموح خطير ومدمر في رأي بعضهم.

يسرد التقرير عدداً من الاختبارات التي أجريت لتشات (جي بي تي) في مجالات مختلفة في الرياضيات والرسم والتفاعل مع العالم، من الاختبارات ما هو جاد ينتهي بالطرافة وطريف ينتهي بالجدة، ولعل ما وصل إليه التقرير، كما وصفه رئيس الفريق، أنه الشك الذي يؤدي إلى الدهشة المشوبة بالإحباط والذي ينتهي إلى الخوف ربما، فتفكر: يا للهول من أين يأتي كل هذا؟

في أحد الأمثلة الطريفة يسرد التقرير كيف يساعد التطبيق المستخدم في حل مشكلة تسرب المياه من سقف المطبخ. يجيب التطبيق: تأكد إن كان في الدور الأعلى دورة مياه أو مصدراً آخر للماء، بعد أن يجيب المستخدم أن المطبخ يقع تحت دورة المياه: تفحص دورة المياه بحثاً عن علامات تسرب في الأرض مثل الفقاعات، تقطير من السقف، أو بقع في الجدران. ويستمر التطبيق في إعطاء التعليمات مع الأسئلة حتى يصل المستخدم إلى الحل.

يختبر الباحثون جوانب الرسم مثلاً، فيطلبون من التطبيق أن يرسم شكلاً، فيعود بالمطلوب، وإذا أعطي الرسمة نفسها ناقصة، ويعاد عليه الطلب ثانية، فإنه يكمل الرسمة كما في المرة الأولى، مدللاً أنه يبصر أيضاً، ما يدهش الباحثين هو الانطباع الذي يتركه عند المستخدم أنه يتحدث مع موظف خدمة عملاء، هل هذا الانطباع مبرر أم يسهل على التطبيق خداعنا ببعض العبارات النمطية؟

يذهب الفريق بعيداً في اختبار التطبيق، فقد طلب منه أن يجري حواراً شكسبيرياً بين اثنين حول إثبات أن الأرقام الأولية لا نهاية لها، فإذا جاءت الإجابة كاملة، لم يعد الباحث من شدة دهشته متأكداً مع من يتحدث؟ يصبح الأمر محيراً كما يقول أحدهم: شيء غير معروف يفعل أمراً لا نعرف ما هو.

المصدر: الرياض

اترك رد

Your email address will not be published.