AI بالعربي – متابعات
أعلنت هيئة محاسبية بريطانية كبرى وقف الامتحانات عن بُعد، بعد تصاعد حالات الغش باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. ويأتي القرار في ظل مخاوف متزايدة بشأن نزاهة الاختبارات المهنية، التي تشكّل أساسًا لاعتماد المحاسبين حول العالم.
القرار يعكس تحوّلًا لافتًا في سياسات التقييم المهني، مع تسارع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل ChatGPT وتقنيات OpenAI، التي باتت قادرة على تقديم إجابات فورية يصعب رصدها تقنيًا.
لماذا أوقفت الهيئة البريطانية الامتحانات الإلكترونية؟
أعلنت جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين ACCA، أكبر هيئة محاسبية في العالم، وقف الامتحانات عبر الإنترنت اعتبارًا من مارس المقبل.
وأوضحت الجمعية، التي تضم نحو 260 ألف عضو وأكثر من نصف مليون طالب، أن الامتحانات عن بُعد ستقتصر على حالات استثنائية فقط.
وقالت الرئيسة التنفيذية للجمعية هيلين براند إن أنظمة الغش تطورت بسرعة تفوق قدرات أدوات المراقبة الحالية.
وأضافت أن الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد اللعبة في مجال النزاهة الأكاديمية.
الامتحانات عن بُعد إرث الجائحة
اعتمدت ACCA نظام الامتحانات الإلكترونية خلال جائحة كوفيد 19، لضمان استمرارية التأهيل المهني.
وساعد هذا النظام آلاف الطلاب حول العالم على استكمال مساراتهم المهنية، رغم قيود الإغلاق.
لكن ما كان حلًا مؤقتًا تحوّل إلى تحدٍ دائم، مع صعود أدوات ذكية قادرة على محاكاة التفكير البشري. وبات التمييز بين أداء الطالب الحقيقي والمساعدة الآلية أمرًا بالغ الصعوبة.
الذكاء الاصطناعي يغيّر مشهد الغش الأكاديمي
تشير الهيئة إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي أصبحت متاحة على نطاق واسع وبسهولة غير مسبوقة. ويمكن للطلاب استخدام هذه الأدوات دون ترك آثار تقنية واضحة، ما يعقّد مهام المراقبة.
وترى ACCA أن استمرار الامتحانات عن بُعد يهدد مصداقية المؤهلات المهنية عالميًا. ولهذا فضّلت العودة إلى الامتحانات الحضورية كخيار أكثر أمانًا.
الغش في الشركات الكبرى تحت المجهر
لا يقتصر القلق على الطلاب فقط، بل يمتد إلى كبرى شركات المحاسبة والتدقيق. ففي عام 2022، أكد مجلس التقارير المالية البريطاني FRC أن الغش في الامتحانات المهنية مشكلة قائمة.
وأشار المجلس إلى تورط موظفين في شركات كبرى في ممارسات مخالفة لقواعد النزاهة. وأدى ذلك إلى فرض غرامات بملايين الدولارات على عدد من الشركات العالمية.
قضية EY تكشف حجم الأزمة
في عام 2022، وافقت شركة إرنست ويونج EY على دفع غرامة قياسية بلغت 100 مليون دولار. وجاءت الغرامة بعد اتهامات بتورط عشرات الموظفين في الغش بامتحان أخلاقيات المهنة.
كما واجهت الشركة اتهامات بتضليل المحققين خلال التحقيقات. وأثارت القضية جدلًا واسعًا حول ثقافة الامتثال داخل المؤسسات المهنية.
نقطة تحول في التقييم المهني
ترى هيلين براند أن الذكاء الاصطناعي دفع مشكلة الغش إلى نقطة تحول حاسمة. وأكدت أن من يسعون إلى الغش يتحركون بوتيرة أسرع من أنظمة المكافحة.
وأضافت أن الاستثمار في المراقبة التقنية لم يعد كافيًا وحده. وشددت على ضرورة إعادة تصميم منظومة التقييم بالكامل.
مواقف متباينة داخل القطاع
رغم قرار ACCA، لا يزال معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز ICAEW يسمح ببعض الامتحانات الإلكترونية. لكن المعهد أقر بارتفاع بلاغات الغش خلال العام الماضي.
ويعكس هذا التباين حالة الجدل داخل القطاع المهني حول أفضل السبل لمواجهة التحدي. بين من يفضّل الحلول التقنية، ومن يرى العودة إلى القاعات خيارًا حتميًا.








