AI بالعربي – متابعات
خلال السنوات الأخيرة، انتشر مصطلح “تعفن الدماغ” بين العلماء وخبراء الصحة للإشارة إلى حالة يعاني فيها البشر من تراجع القدرة على التركيز، وتشوهات في الذاكرة، وزيادة التوتر والاكتئاب. وتُعزى هذه الحالة إلى الإفراط في استهلاك محتوى منخفض الجودة، خاصة المنشورات القصيرة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
الآن، يؤكد باحثون أن الظاهرة نفسها قد تصيب نماذج الذكاء الاصطناعي، وفق ما نقلته مجلة “فورتشن”، مشيرين إلى أن نماذج اللغة الكبيرة قد تعاني من تدهور إدراكي شبيه بما يحدث للبشر.
تجارب تثبت تدهور القدرات الإدراكية للنماذج الذكية
بحسب الدراسة الجديدة التي لم تُنشر بعد، فإن التعرّض المستمر لمنشورات التواصل الاجتماعي القصيرة والمنتشرة على نطاق واسع يؤدي إلى ما وصفه العلماء بأنه “تدهور إدراكي دائم” في أداء نماذج اللغة الكبيرة.
ولإثبات ذلك، قام الباحثون بتدريب النماذج الذكية على محتوى قصير ومنخفض الجودة من موقع “إكس” (تويتر سابقاً). ووجدوا أن “هذا التدريب السام تسبب في تراجع واضح في قدرة النماذج على التفكير وفهم السياقات الطويلة”، نتيجة لما أطلقوا عليه “تخطي الأفكار”، أي تجاهل النماذج لخطوات منطقية أثناء توليد الإجابات أو التحليل.
الذكاء الاصطناعي يفقد قدرته على التفكير المنطقي
ووفقاً للدراسة، فإن النماذج المصابة بتعفن الدماغ بدأت تفشل في وضع خطة للإجابة على الأسئلة، وتغفل أجزاء من عملية التفكير التحليلي، أو تتجاوزها بالكامل. ويشير الباحثون إلى أن هذه المشكلة لا تتعلق فقط بالدقة، بل تمسّ القدرة الإدراكية الأساسية التي تجعل الذكاء الاصطناعي قادراً على محاكاة التفكير البشري.
العلاج لا يعيد القدرات المفقودة بالكامل
في محاولة لمعالجة هذه الحالة، قام الباحثون بإعادة تدريب النماذج المصابة باستخدام بيانات عالية الجودة مكتوبة بشرياً. ورغم التحسّن الطفيف، إلا أن النتائج كشفت استمرار وجود فجوة كبيرة بين أداء النماذج قبل التدريب على المحتوى الرديء وبعده.
وأوضح العلماء أن “تأثير تعفن الدماغ تم استيعابه بعمق داخل النموذج”، وأن التدهور الإدراكي الناتج عنه قد يكون طويل الأمد أو دائماً في بعض الحالات.
خطر حتمي يهدد مستقبل الذكاء الاصطناعي
وحذّر الباحثون من أن نماذج الذكاء الاصطناعي تُدرّب عادة على تريليونات البيانات المنتشرة في الإنترنت، ما يجعلها تتعرض باستمرار لمحتوى منخفض الجودة أو مكرر أو متحيّز، تماماً كما يتأثر البشر بالمحتوى السطحي والمشتت.
وأشاروا إلى أن هذا التعرض المستمر قد يُشكّل خطراً حقيقياً على مستقبل الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن أن يؤدي إلى تراجع أدائه بمرور الوقت وتضاؤل قدرته على التفكير المنطقي والتحليل المعمّق.
تشابه مقلق بين الإنسان والآلة
ترى الدراسة أن ما يحدث للنماذج الذكية يعكس تشابهاً مقلقاً بين آلية التعلم لدى البشر والذكاء الاصطناعي، فكما أن الاستهلاك المفرط للمحتوى السطحي يضعف القدرات العقلية لدى الإنسان، فإن الاعتماد على بيانات رقمية سطحية يضعف إدراك النماذج الاصطناعية أيضاً.
ويؤكد الباحثون أن ضمان جودة البيانات ومصادرها سيصبح من أهم التحديات في تطوير الجيل القادم من الذكاء الاصطناعي، لتجنّب إصابته بـ”تعفن الدماغ الرقمي”.








