الذكاء الاصطناعي لن يكتب عنك واجباتك

الذكاء الاصطناعي لن يكتب عنك واجباتك

رويحة عبدالرب

في أحد مقرراتي الجامعية، كلفّني الأستاذ بتلخيص كتاب طويل، فاستعنتُ بالآلة «جيني» (Genie) لتلخّص لي الكتاب. «جيني» مدعومة بنموذج من الذكاء الاصطناعي يُسمّى «جي بي تي-ثري» (GPT-3)، وهو شبيه للنموذج الذي يدعم الآلة الشهيرة «تشات جي بي تي» (ChatGPT).

كتبتُ عنوان الكتاب واسم المؤلّف داخل التطبيق وطلبت منه التلخيص، وحصلت منه على فقرة قصيرة عن الكتاب. أردتُ تلخيصًا لا يقل عن 1800 كلمة، فعُدتُ للمحادثة لأشرح لـ«جيني» أن تقدّم لي تلخيصًا أطول، مقسّمًا حسب فصول الكتاب. ردّت الآلة ثانيةً بتلخيص لا يطابق فصول الكتاب، واستمرّت المحاولات حتى استسلمتُ وعُدت لقراءة الكتاب بنفسي، نادمةً أن محاولتي للاستعانة (أو الغش) باءت بالفشل.

منذ أسابيع، و«تشات جي بي تي» محور أحاديث الإنترنت، إذ خطف الأنظار بقدرته على استخراج المعلومات بسرعة فائقة، وكتابة نصوص وفقًا للطلب، وتصميم مواقع إلكترونية متكاملة، مع إمكانية كتابة شفرة البرمجة نفسها. لكن تلك المزايا لم تجعل منه كاتبًا مُبدعًا.

فجميع النصوص التي أنتجتها الآلة خلال أسبوع من استعمالي عكست مستوى متدنيًا من الإبداع، أو من اللمسة البشرية إن صحّ التعبير. إذ استطاعت «جيني» تلبية جميع طلباتي، لكنها كانت أدنى من تلك الجودة التي يمكن لشخص حقيقي تنفيذها.

فحين طلبتُ من التطبيق كتابة محتوى إنفوقرافيك، عجز عن الإتيان بمصادر المعلومات التي طرحها هو ذاته. ولأن التطبيق أخّرني عن تسليم تلخيصي، استكتبتُ رسالةً لأستاذي تطلب مهلةً للتسليم، لتصلني الرسالة من «جيني» جافة، وتفتقد لأي لمحة تشير إلى أني كاتبتها.

بعد التجربة، أقف أمام تساؤل مهم فيما يخص الواجبات الدراسية؛ هل بإمكان آلة مثل «تشات جي بي تي» أن تُقنع أستاذًا بأن الطالب أنشأ نصًّا إبداعيًّا أصليًّا؟

على الرغم من نجاح الآلة في تنفيذ عمليات مذهلة، فإنها لم تستطع إقناعي أن كتابتها أصلية ومبدعة، وغالبًا لن يقتنع الأستاذ كذلك. فحينما سألتها عن الكتابة الإبداعية، أجابت: «تُعد الكتابة الإبداعية نوعًا من الكتابة… للتعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة غير عادية وتتميز بالتميز والتميز».

لا أنكر فوائد الذكاء الاصطناعي في مهام معينة، فعلى الرغم من استفادتنا من أتمتة جزء كبير من الكتابة المملة والمتكررة، فإن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه أن يحل محل الكتّاب البشر، وإن كان سيمنح الكاتب أدوات أكثر فاعليةً يستعين بها.

لا أعرف ما سيحمله المستقبل للكتابة في ظل الذكاء الاصطناعي، وهل هو مجرّد «ترند» أم سيُكتب له الخلود؟ لكني أتوقع أن الكتابة التي ينتجها الإنسان ستصبح «حرفة» وذات قيمة متميزة مع تسليع كتابة الذكاء الاصطناعي، كقيمة الملابس المطرزة يدويًّا مقارنةً بالموضة السريعة.

فقد أثبت الذكاء الاصطناعي أنه خير مُعين في المهام السريعة، أمَّا الكتابة البشرية الإبداعية، فأراها صنعة لا يمكن تقليدها.

Related Posts

دراما الذكاء الاصطناعي تغزو “الصين” وتُعيد رسم ملامح صناعة المسلسلات

AI بالعربي – متابعات تشهد الصين طفرةً غير مسبوقة في إنتاج المسلسلات باستخدام الذكاء الاصطناعي، إذ باتت الأعمال الجديدة تحاكي المسلسلات التقليدية في تنوّع الشخصيات وتعقيد الحبكات وثراء المؤثرات البصرية.…

“Loudly” أداة فعالة لتوليد موسيقى احترافية باستخدام الذكاء الاصطناعي

AI بالعربي – خاص تساعد أداة الذكاء الاصطناعي “Loudly” المستخدمين في توليد مقاطع موسيقية احترافية مخصّصة وفقًا لنوع المحتوى والمزاج المطلوب، وتعتمد الأداة على خوارزميات تحليل صوتي متقدمة تفهم الإيقاع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات

الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

  • نوفمبر 10, 2025
  • 68 views
الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

  • نوفمبر 8, 2025
  • 72 views
في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

  • أكتوبر 30, 2025
  • 103 views
“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

  • أكتوبر 12, 2025
  • 254 views
الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

  • أكتوبر 1, 2025
  • 344 views
حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

  • سبتمبر 29, 2025
  • 354 views
الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”