حرب الذكاء الاصطناعي

4

AI بالعربي – متابعات

منذ عام 2019 بدا واضحا اتباع الصين نهجا جديدا للحرب، يعرف باسم “الحرب الذكية” أو “الحرب القائمة على الذكاء الاصطناعي”.

ويستند هذا النهج إلى تفعيل الذكاء الاصطناعي، وتوظيف المنصات غير المأهولة (الطائرات بدون طيار، على سبيل المثال) بطريقة تحقق هزيمة العدو في نهاية المطاف، دون اللجوء إلى الحرب التقليدية “الساخنة”.

المحللة السياسية جوديث بيرجمان، كشفت في تحليل نشره معهد جيتستون الأمريكي، أن ما يميز سعي الصين وراء “الحرب الذكية” يتمثل في الجوانب المعرفية الخاصة بتلك الحرب، وليس التركيز على الذكاء الاصطناعي، وحشد أسراب الطائرات بدون طيار.

وجاء في التقرير السنوي المقدم للكونجرس الأمريكي في عام 2019، حول “التطورات العسكرية والأمنية الخاصة بالصين”، والذي أعده مكتب وزير الدفاع: “يعمل جيش التحرير الشعبي الصيني على استكشاف مفاهيم عملياتية خاصة بالجيل القادم فيما يتعلق بالحرب القائمة على الذكاء الاصطناعي، مثل حرب الاستنزاف بواسطة الأسراب الذكية، والحرب التي تنتقل عبر مجالات مختلفة، والمواجهات القائمة على الذكاء الاصطناعي، وعمليات السيطرة المعرفية”.

ويرى الجيش الصيني أن الأنظمة غير المأهولة هي تقنيات بالغة الأهمية، ويسعى إلى تحقيق قدر أكبر من الاستقلالية للمركبات الجوية والأرضية، وتلك التي تحت الماء لتمكين التشكيلات الهجين المأهولة وغير المأهولة، والهجمات المكثفة، والدعم اللوجستي الأمثل، والتصنيف الخاص بالاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، ضمن قدرات أخرى.

وتضيف بيرجمان أنه بحسب الكولونيل كويشيرو تاكاجي، من قيادة قوة الدفاع الذاتي البرية باليابان، أوضح المفكرون في الصين علنا أن المفهوم العملياتي الأساسي للحرب الذكية، هو التحكم المباشر في إرادة العدو. وتكمن هذه الفكرة في توظيف الذكاء الاصطناعي للسيطرة المباشرة على إرادة كبار صناع القرار، بما في ذلك الرئيس وأعضاء الكونجرس، والقادة المقاتلين، والمواطنين.

وأوضح تاكاجي أن واضعي النظريات في الصين يعتقدون أن الحرب التقليدية، التي نعرفها، توشك أن تتغير، حيث يقول إنهم “يتطلعون إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يعتقدون أن تطور تكنولوجيا المعلومات وصل إلى أقصى حدوده ، وأن المجال المعرفي سيكون هو ميدان الحروب في المستقبل.”

وكتب بن نون، الباحث المساعد في معهد أمريكان إنتربرايز، والدكتور كريس باسلر، الزميل بـ”مركز التقييمات الاستراتيجية والميزانية”، في سبتمبر/أيلول 2021: “يقول منظرو جيش التحرير الشعبي الصيني إن الذكاء سيركز على الفضاء المعرفي الذي يميز التفكير المعقد والعملية الفعالة لصناعة القرارات. وقد كتبوا، أنه في ساحات المعارك، حيث يسمح الذكاء الاصطناعي المتطور باتخاذ قرارات أفضل، ستكون الصدارة للجانب الذي يستطيع الدمج ما بين الإبداع البشري والحسابات الروبوتية.

وأضاف بن نون وباسلر: “سيهدف الذكاء الاصطناعي، في المقام الأول، إلى تحقيق مزايا في الحرب النفسية. ويصف واضعو النظريات الصينيون (مواجهة معرفية) يهيمن فيها قادة جيش التحرير الشعبي، نفسيا، على القادة المنافسين، من خلال قرارات أفضل وأسرع. ويعتزم جيش التحرير الشعبي توظيف جميع الأدوات المتاحة لتحقيق الهدف الأسمى وهو الحد من إرادة العدو على المقاومة.”

وفي ديسمبر/كانون الثاني عام 2021، فرضت وزارة التجارة الأمريكية عقوبات على 12 من معاهد الأبحاث الصينية ، و22 من مؤسسات التكنولوجيا في الصين، وعلى رأسها الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية العسكرية ومعاهد الأبحاث الأحد عشر التابعة لها، بسبب استخدام هذه الجهات التكنولوجيا الحيوية لدعم الاستخدامات العسكرية الصينية ، بما يشمل أسلحة التحكم في العقول.

وبحسب ثلاثة تقارير أعدها جيش التحرير الشعبي الصيني، تعود لعام 2019، حصلت عليها صحيفة “واشنطن تايمز” الأمريكية، أجرت الصين على مدار عدة سنوات أبحاثا تتعلق بالتحكم في العقول، أو حرب العقول، في إطار مساعيها في مجال تطوير الحرب الذكية.

وجاء في أحد هذه التقارير: “بدأت الحرب في التحول من السعي إلى تدمير الأجسام إلى شل الخصم والسيطرة عليه.. والتركيز هنا يكون على مهاجمة إرادة العدو على المقاومة، وليس الدمار المادي” من أجل أن يصبح “العقل هو الهدف الأساسي للهجوم، والدفاع بالنسبة للأسلحة ذات المفهوم الجديد.. تحقيق الانتصار دون قتال لم يعد أمرا بعيد المنال.”

وأشار الكولونيل الياباني تاكاجي إلى أن مجال الحرب المعرفية يتطلب كميات ضخمة من المعلومات، وأن الصين لديها ذلك بالفعل. فقد جمعت بكين كما هائلا من المعلومات الشخصية عن مسؤولي الحكومة الأمريكية وعن مواطنين أمريكيين عاديين، مما يضمن لها توفر أساس للتأثير على إدراك هؤلاء الأشخاص.

وبهذه الطريقة، تراكمت لدى الصين كميات ضخمة من البيانات على مدار سنوات، ويمكن توظيفها كسلاح في المستقبل. وقد نجحت بكين في تحديد عملاء الاستخبارات المركزية الأمريكية في العديد من دول العالم باستخدام هذه البيانات. وكانت هناك محاولات لاستخدام الوسائل الرقمية بهدف التأثير على العملية الانتخابية في الانتخابات الرئاسية التي جرت في تايوان مؤخرا.

وترى بيرجمان أنه رغم أن معظم الناس ينظرون إلى الحرب المعرفية على أنها تنتمي للخيال العلمي، يحذر خبراء من أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تأخذ هذا التهديد على محمل الجد. ويقول تاكاجي إنه يتعين على “أمريكا وحلفائها تحليل الحرب الذكية لتجنب أي هجمات مفاجئة في حروب المستقبل.” وقد حذر بن نون وباسلر من الأمر نفسه.

وينصح بن نون وباسلر، ضمن أمور أخرى، الجيش الأمريكي بعدم تكرار أخطاء الماضي، عندما تقاعست أمريكا في حين تراكم لدى الصين قدرات تهديدية.

وفي ختام تحليلها اشارت بيرجمان إلى ما كتبه بن نون وباسلر، من أنه “يتعين أن يتسم الجيش الأمريكي بمزيد من العلنية في مناقشاته بشأن جهود جيش التحرير الشعبي في مجال الذكاء الاصطناعي”.

اترك رد

Your email address will not be published.