1.5 تريليون دولار مساهمة «الميتافيرس» سنويًا.. هل سيغير الاقتصاد العالمي؟
AI بالعربي – متابعات
هل ستصاب بالصدمة إذا أخبرتك – نقلًا عن شركة الخدمات المالية العالمية Citi – بأن عدد “سكان ميتافيرس” سيصل إلى خمسة مليارات نسمة، باقتصاد يراوح بين ثمانية و13 تريليون دولار بحلول 2030؟ وفقا لما تقول الشركة “إنه تعريف واسع لميتافيرس”.
هل تشعر بأن هذا التقدير مبالغ فيه.. ربما، لكن عليك أن تعرف أن الناتج المحلي الإجمالي للعالم كله بلغ في 2020 نحو 84.7 تريليون دولار، وأن الرقم الذي حدده الخبراء لاقتصاد ميتافيرس تم من خلال النظر في توقعات الناتج المحلي الإجمالي العالمي لـ2030، وحساب النسبة المئوية للاقتصاد الرقمي من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وإذا أخذنا في الحسبان أن طبيعة المال ستختلف في اقتصاد المستقبل، وستشمل بشكل كبير الأصول المالية الرقمية مثل العملات المشفرة وNFT وغيرها من مشاريع البلوك تشين المستقبلية، فإن الرقم المقدر لاقتصاد ميتافيرس 2030 لن يكون غريبا.
هل لا تزال تشك في الرقم؟.. حسنا، دعنا نأخذ أقل التقديرات المتاحة وأدناها، وتعود إلى مؤسسة بي دبليو سي الدولية وأي دي سي ونيو زو، إذ قدرت المؤسسات الثلاث إيرادات ميتافيرس في 2020 بنحو 500 مليار دولار وسترتفع إلى 800 مليار دولار 2024.
بحلول 2030 ستبلغ المساهمة الاقتصادية السنوية لميتافيرس تريليون ونصف تريليون دولار.. لا يزال الرقم ضخما وكبيرا، ويدفعنا إلى التساؤل هل سيغير ميتافيرس الاقتصاد العالمي؟
أيا كانت الأرقام المتاحة عن مساهمة ميتافيرس في الاقتصاد والتجارة الدوليين، فإن الإجابة باختصار، نعم سيغير ميتافيرس الاقتصاد الدولي وآليات التعامل.
لكن قبل المضي قدما لاستكشاف تلك الآليات التي سيغير بها ميتافيرس الصورة النمطية للاقتصاد الدولي، دعونا نسأل ما هذا الميتافيرس؟
إذا كنت مهتما بالتكنولوجيا فمن المرجح أنك سمعت كلمة ميتافيرس، عندما أعلن مارك زوكربيرج مؤسس موقع فيسبوك أنه يعيد تسمية شركته إلى “ميتا” لتلائم طموحه في بناء ميتافيرس.
من جانبه، يقول لـ”الاقتصادية” الدكتور استون سام أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة جلاسكو، “إن الكلمة مكونة من شقين، كلمة ميتا وتعني غير موجود، وكلمة فيرس وتعني بالإنجليزية العالم، وبالتالي هي وصف لعالم افتراضي غير موجود على أرض الواقع، باختصار يمكن اعتبار المصطلح وصفا للعالم الرقمي على غرار فيلم ماتريكس. ففي هذا العالم يمكن أن تكون موجودا في المكان الذي تريد أن تكون فيه، دون أن تكون موجودا جسديا، وفي هذا العالم سيتفاعل المستخدمون معه عبر بيئة ثلاثية الأبعاد، هذا العالم الافتراضي هو مستقبل الإنترنت، وسيتم الولوج إليه باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR.
إذا كان هذا هو مفهوم الميتافيرس، فكيف يرى رجال الأعمال المساهمة المستقبلية لميتافيرس في الاقتصاد العالمي.
وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن 71 في المائة من رجال الأعمال المشاركين في استطلاع بهذا الشأن، يرون أنه سيكون له تأثير إيجابي في الأعمال، بينما يرى 42 في المائة أنه سيكون بمنزلة “اختراق” أو “تحويل” لعالم الأعمال، إذ يتوقع أن يتسلل الميتافيرس إلى كل القطاعات الاقتصادية بلا استثناء في الأعوام المقبلة، وسط تأكيدات من مارك زوكربيرج بأنه سيمثل أكبر فرصة للأعمال التجارية منذ إنشاء الإنترنت.
بدوره، يشرح كيلي نيك الباحث الاقتصادي، الكيفية التي سيغير بها الميتافيرس وجه الاقتصاد العالمي، إذ يوضح لـ”الاقتصادية” أنه “قبل 15 عاما تقريبا أثارت البرامج المتعلقة بالتخزين السحابي تحولا مهما في المسار الاقتصادي، ما أدى إلى ارتفاع قيمة بعض الشركات وفتح آفاق اقتصادية جديدة لمجموعة من اللاعبين، وبالنسبة إلى الشركات التي اقتنصت الفرصة تغير مسار نموها إلى الأبد”.
وأضاف نيك “ميتافيرس بالمثل يفتح آفاقا جديدة، إذ سيكون في قدرة العملاء استكشاف المواقع وتجربة منتجات جديدة دون الحاجة للذهاب إلى المتجر، وهناك فرص عمل جديدة سيتم استكشافها، وسيكون في قدرة الشركات من مختلف المواقع المادية المشاركة في اقتصاد سوق واحدة دون حواجز تجارية، وستكون هناك بورصات وأسواق تداول كاملة في ميتافيرس مفتوحة للجميع”.
لكن ما الذي يمكن أن يقدمه هذا الاقتصاد الافتراضي للاقتصاد الحقيقي؟
من جانبه، يرى اليسون هانتر الخبير الاستثماري، أن الصورة غير مكتملة بعد، لكن لا شك أن ميتافيرس ستكون له متطلبات إنتاج وخدمات خاصة به، وسيقدم فرصا هائلة للأشخاص لزيادة مهاراتهم عبر التعليم والتدريب، حيث سيكون أكثر عمقا وشمولا من الوسائل المتاحة حاليا، وهذا التدريب سيؤدي إلى حصول الموظفين على رواتب أعلى، وفي كثير من الحالات تعني الأجور المرتفعة ضرائب أعلى، ومزيدا من الفرص لنمو الاقتصادات المحلية”.
ويستدرك هانتر في حديثه لـ”الاقتصادية”، قائلا “ميتافيرس يمكن أن يعزز بشكل كبير فكرة العمل عن بعد، التي نمت نتيجة جائحة كورونا، ويمكن للعمالة الماهرة التقدم لشغل الوظائف دون الحاجة إلى مغادرة دولها، وهذا يعني أن العمال يولدون الأموال ويوجهونها إلى اقتصاداتهم الوطنية، ما يسهم في تنميتها، وسيمكن ميتافيرس منصات العمل عن بعد من النمو بشكل كبير، وسيكون في قدرة المستخدمين الوصول إلى مكاتبهم والتفاعل مع زملائهم بغض النظر عن الموقع، وسيؤدي هذا التقدم إلى توسيع خيارات التوظيف بشكل كبير، وستكون مردوداته على سوق العمل أكثر إيجابية”.
لكن أبرز المجالات التي ستستفيد على وجه الخصوص من ميتافيرس هي البنية التحتية الرقمية، فهناك حاجة إلى مشاريع بنية تحتية رقمية ضخمة للحفاظ على نظام ميتافيرس البيئي قائما على قدميه وتطويره، وربما أكثر المجالات جذبا للاستثمارات سيكون من منظور البيانات، حيث يتوقع وجود طلب عالمي هائل على مراكز البيانات واسعة النطاق للاحتفاظ بالحجم الهائل من البيانات التي سيتم إنشاؤها في هذا النظام.
وسيتطلب ذلك من مصنعي الرقائق الإلكترونية تلبية هذا الطلب الضخم، وكذلك مطورو الكومبيوتر والأجهزة الأخرى، فإمكانية وجود عالم افتراضي بديل يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ويمكن للمستخدمين الدخول والخروج منه في أي وقت، لا يمكن أن يعمل بالكفاءة المطلوبة دون أن تلبي البنية التحتية هذه الاحتياجات.
وهنا يذكر لـ”الاقتصادية” مورجان بوبوسك الباحث الاقتصادي، أن “الرهانات المتزايدة من قبل شركات التكنولوجيا على أن هناك مستقبلا مشرقا لاقتصاد ميتافيرس يدفعها إلى ضخ استثمارات ضخمة في هذا النطاق التكنولوجي، وينبع هذا من الاعتقاد بأن العالم الافتراضي الناشئ سيطلق العنان للأموال في العالم الحقيقي”.
وأضاف “بالطبع الجميع يدرك أن ذلك العالم سيتطلب وقتا طويلا لبنائه، لكنهم يراهنون على أنه سيتطلب خلال عملية البناء تصنيع أجهزة ملائمة لاحتياجاته وبيعها وتصميم البرامج اللازمة للوصول إلى عالم ميتافيرس، ويترافق ذلك مع ضرورة إمداد بيئة ميتافيرس بعديد من السلع والخدمات والإعلانات الافتراضية داخل العالم الرقمي، وبالنسبة إلى قادة التكنولوجيا يظهر ميتافيرس كتغير ثوري في التفاعلات الرقمية والتجارة، وسيكون له تأثيرعميق في الحياة اليومية والاقتصادية وأنماط جديدة من التجارة والتبادل، حيث يقدم طرقا جديدة للتسوق من شأنها أن تحفز المبيعات”.
ويختتم مورجان بوبوسك تعليقه بالقول، “من الصعب فهم العدد الهائل من الفرص لتوليد الدخل في ميتافيرس، لكن ما لا شك فيه أن الاقتصاد العالمي ينمو باطراد، والجزء الأفضل أنه في العالم الافتراضي لا توجد حدود للنمو”.