الذكاء الاصطناعي يبحث عن لمسة بشرية

19

AI بالعربي – متابعات

بالنسبة إلى كثيرين خارج عالم التكنولوجيا، البيانات تعني أرقاما بلا روح. ربما تسبب لهم الشعور بالملل. بينما بالنسبة إلى علماء الكمبيوتر، تعني صفوفا على صفوف من المواد الخام الغنية، التي يمكن التلاعب بها.
مع ذلك، كان النداء الجاذب بشأن “البيانات الكبيرة” أكثر هدوءا في الآونة الأخيرة. هناك اعتراف واضح بأن البيانات، في التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي، تساوي البشر.
تؤثر الخوارزميات التي يحركها الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد في حياتنا اليومية. إنها تساعد على اتخاذ القرارات عبر طيف يراوح من إعلان المنتجات إلى تشخيص الحالات الطبية. من الواضح بالفعل أن تأثير مثل هذه الأنظمة لا يمكن فهمه ببساطة عن طريق فحص الكود الأساس، أو حتى البيانات المستخدمة في بنائها. في النهاية يجب أن نلجأ إلى البشر للحصول على إجابات.
دراستان حديثتان تفعلان ذلك بالضبط. الأولى، استطلاع أجرته شركة إيبسوس موري لأبحاث السوق، شمل أكثر من 190 ألف شخص في 28 دولة حول المواقف العامة للذكاء الاصطناعي. والثانية، دراسة لجامعة طوكيو تبحث في آراء اليابانيين حول الأخلاق والسلوكيات المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي. من خلال دعوة أولئك الذين لديهم تجارب عايشوها، تسجل الدراستان الحالة المزاجية بين أولئك الذين يبحثون عن تأثير الذكاء الاصطناعي.
وجد استطلاع “إيبسوس موري” أن 60 في المائة من البالغين يتوقعون أن المنتجات والخدمات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي ستغير حياتهم اليومية بشكل كبير في الأعوام الثلاثة إلى الخمسة المقبلة. يعتقد الأمريكيون اللاتينيون على وجه الخصوص أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى تغييرات في الاحتياجات الاجتماعية، مثل التعليم والتوظيف، بينما يعتقد المستجيبون الصينيون على الأرجح أنه سيغير وسائل النقل ومنازلهم.
الاختلافات الجغرافية والديموغرافية في كلا المسحين تكشف ذلك. على الصعيد العالمي، قال نصف المستجيبين تقريبا إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لها فوائد أكثر من المساوئ، بينما شعر ثلثاهم بالتشاؤم بشأن تأثيرها في حريتهم الفردية وحقوقهم القانونية. لكن الأرقام المتعلقة بمختلف الدول تظهر انقساما كبيرا حيال هذا الموضوع. كان المواطنون من “الجنوب العالمي”، وهو مصطلح شامل للدول غير الغربية، أكثر ميلا إلى “الحصول على نظرة إيجابية لتأثير المنتجات والخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في حياتهم”. قالت أغلبية كبيرة في الصين “76 في المائة” والهند “68 في المائة” إنها تثق في شركات الذكاء الاصطناعي. بالمقابل، في المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة أعرب 35 في المائة فقط عن ثقة مماثلة.
في دراسة جامعة طوكيو، اكتشف الباحثون أن النساء وكبار السن ومن لديهم معرفة أكبر بالموضوع كانوا أكثر حذرا من مخاطر الذكاء الاصطناعي، وربما يكون ذلك مؤشرا على تجاربهم الخاصة مع هذه الأنظمة. مثلا، كتبت عالمة الرياضيات اليابانية، نوريكو أراي، عن الصور النمطية الجنسية والجندرية المشفرة المدمجة في روبوتات “أنثوية” في مجالات مثل تقديم الرعاية والاستقبال في اليابان.
تؤكد الاستطلاعات أهمية إدراك مصممي الذكاء الاصطناعي أننا لا ننتمي جميعا إلى مجموعة متجانسة من السكان، لديها المفهوم نفسه للعالم. لكنهم أقل دراية بشأن سبب وجود الاختلافات. “هذا بالفعل أمر من الضروري فهمه بسبب الفجوة الموجودة في الأغلب بين التركيبة السكانية التي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي وتلك التي تتأثر به”، كما تقول ريما باتل، رئيسة قسم المشاركة التداولية في “إيبسوس موري”.
إنها تلمح إلى حقيقة أن الابتكار الحديث في التكنولوجيا كان إلى حد كبير قرارا يتخذه أصحاب السلطة، وأن أنظمة الذكاء الاصطناعي يتم تصميمها من قبل علماء الكمبيوتر الذكور في وادي السيليكون والصين. لتحديد الأضرار وتحسين الفوائد، تقول باتيل إن المطورين وواضعي السياسات بحاجة إلى التفكير أكثر في كيفية إشراك الناس في تصميم ودورة الخوارزميات.
تابيثا غولدستوب، رئيسة مجلس الذكاء الاصطناعي التابع للحكومة البريطانية، تشير إلى أن الدراسات هي “دعوة إلى اتخاذ إجراءات” تجاه الشركات والحكومات التي تبني أنظمة الذكاء الاصطناعي. قالت لي، “يحتاج مصممو الذكاء الاصطناعي إلى فهم ما يريده الناس على المستوى الإنساني الأساس، وليس فقط ما يعتقدون أنهم بحاجة إليه”.
أتساءل كيف يمكن أن يبدو النهج الذي يركز على المواطن، فأجد إجابة واحدة. في 1982 تم تعيين الفيلسوفة البريطانية، ماري وارنوك، لقيادة لجنة أخلاقية تناقش الآثار المترتبة على تكنولوجيا العصر الأكثر مستقبلية، عملية الإخصاب في المختبر.
في توصياتها التي تضمنت وجهات نظر شخصية ودينية وأخلاقية لأكثر من 600 فرد من الجمهور ومئات من مجموعات المواطنين، كتبت، “المشاعر بين الجمهور بشكل عام عالية جدا في هذه الأمور (…) لا يتعارض العقل والمشاعر مع بعضهما بعضا في هذا المجال (…) لذلك كان علينا أن نأخذ على محمل الجد المشاعر التي تم التعبير عنها في الأدلة”.
أدت إرشادات وارنوك إلى إنشاء أول هيئة تشريعية مستقلة من نوعها، هي هيئة الإخصاب البشري وعلم الأجنة. لا تزال هذه الهيئة موجودة حتى اليوم رمزا لقوة الشعب.

اترك رد

Your email address will not be published.