على غرار الحرب الباردة.. سباق تسلح للذكاء الاصطناعي بين القوتين الكبريين في العالم

45

AI بالعربي – متابعات 

تتعالى الأصوات الغربية المحذرة من تداعيات التقدم التكنولوجي، الذي تحققه الصين، سواء على الصعيد العسكري أو في مجال الاتصالات، وهو ما دفع عديدا من الدول الغربية إلى فرض قيود أو حظر على استخدام معدات شبكات الجيل الخامس للاتصالات التي تنتجها شركة هواوي الصينية في مشاريع البنية التحتية للاتصالات بتلك الدول، وتخشى الدول الغربية من استغلال الصين لهذه المعدات في التجسس عليها.
في المقابل، تسعى الصين إلى استعراض قدراتها في مجال التكنولوجيا وبخاصة الذكاء الاصطناعي، حيث بثت قناة سي.جي.تي.إن التلفزيونية الحكومية الصينية فيلما وثائقيا قصيرا عبر الإنترنت، يعرض كيفية استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التعرف على المطلوبين لأجهزة الأمن، أو المخالفين للقواعد في شوارع مدينة شينشن، والقبض عليهم فورا.
ويرى الكاتب تيم كولبان، المتخصص في شؤون التكنولوجيا أن هذا الفيلم لا يكشف عن قدرات تقنية كبيرة تتيح للصين فرض هيمنتها في الخارج، بقدر ما يظهر قدرتها على السيطرة على مواطنيها في الداخل.
ويمكن القول إن الصين والولايات المتحدة تتحركان كتفا بكتف في مجال الذكاء الاصطناعي من حيث النشر العلمي. فالصين تتفوق على الولايات المتحدة من حيث حجم الاقتباسات من أبحاثها في المجلات العلمية، بفضل غزارة النشر الصيني في هذه المجالات، في حين تتفوق الولايات المتحدة بشدة من حيث نوعية الأبحاث المقدمة إلى المؤتمرات العلمية، بحسب تقرير أخير صادر عن جامعة ستانفورد الأمريكية.
ويقول كولبان في تقرير نشرته وكالة “بلومبيرج” للأنباء إنه رغم أن الصين صاحبة أكبر عدد من السكان في العالم، قوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي، يجب ألا يراهن المستثمرون والمراقبون للصين كثيرا على فكرة أن وضعها لا يمكن التفوق عليه أو أن الولايات المتحدة أضعف منها.
في الوقت نفسه، فإن مبالغة كل من الصين والولايات المتحدة في تقدير نقاط قوة الطرف الآخر يمكن أن تؤدي إلى نوع من سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي على غرار الحرب الباردة في القرن الـ20.
ويقول نيكولاس شايلان، الذي استقال أخيرا من عمله كرئيس لإدارة برامج الكمبيوتر في القوات الجوية الأمريكية بعد ثلاثة أعوام من العمل فيها، إن الصين تتقدم نحو مكانة مسيطرة في العالم بفضل تقدمها في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والأمن السيبراني.
ولكن كولبان يرى أن خبرات الصين في مجال الذكاء الاصطناعي تتركز في نطاق محدود، مقارنة بالقطاعات الفرعية العديدة لهذا المجال، مثل التعلم الآلي، والإنسان الآلي، ومعالجة اللغة الطبيعية، والرؤية الحوسبية.
في حين تمتلك الولايات المتحدة قدرات كبيرة في مختلف تلك المجالات الفرعية بفضل الشركات الكبرى العاملة في هذا المجال مثل جوجل، وأمازون دوت كوم، وفيسبوك، ومايكروسوفت، فإن أغلب خبرات الصين وتقدمها ينحصر في أنظمة المراقبة ومعالجة بيانات المواطنين.
وحسب التقييمات الفنية، التي أجراها المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا الأمريكي في اللوغاريتمات أو الخوارزميات الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي تتفوق بشدة عندما يتعلق الأمر بتحليل بيانات المراقبة مثل التصوير الجنائي التعريفي، وصور مراقبة الحدود وصور تأشيرات الدخول.
كما أن أكثر من نصف الأوراق العلمية الصينية المنشورة في مجال الذكاء الاصطناعي في العام الماضي تركز على الأنظمة، التي تستخدم في المراقبة غالبا، بحسب بيانات جمعتها خدمة “مايكروسوفت أكاديميك جراف”، وحللتها مؤسسة سيكث تون الصينية.
كما أن عدد الأوراق الصينية في مجالات التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية والإنسان الآلي أقل كثيرا من الأوراق، التي نشرتها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والهند.
في الوقت نفسه، فإن أغلب إيرادات شركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الصينية ترتبط بالحكومات وبرغبتها في مراقبة الشعوب. فنحو نصف إيرادات شركة سينس تايم، التي تعتزم طرح أسهمها في بورصة هونج كونج، جاءت من مشروع “سمارت سيتي” الحكومي لتعميم أنظمة المراقبة الذكية في الصين.
كما أن نحو 64 في المائة من إيرادات شركة ميجفي تكنولوجي تأتي من عقودها لتوريد تكنولوجيا المراقبة للحكومات المحلية الصينية.
وأخيرا يقول كولبان إنه إذا أرادت الصين احتلال مكانة لا ينازعها عليها أحد في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فعليها أن تقلل اهتمامها بتقنيات مراقبة الأشخاص، وزيادة الاهتمام بالتقنيات، التي يمكنها أن تحل محل العنصر البشري في العمل بما يضمن زيادة في الكفاءة والفاعلية.

اترك رد

Your email address will not be published.