هل يعيد الذكاء الاصطناعي رسم ملامح صناعة النشر والتأليف؟

هل يعيد الذكاء الاصطناعي رسم ملامح صناعة النشر والتأليف؟

AI بالعربي – متابعات

في زمن الذكاء الاصطناعي، لم يعد الكاتب وحده في ساحة الإبداع. آلاف الكتب تُنشر يوميًا من إنتاج الآلة، أو بتعاون بشري-آلي، بينما يحاول الكتّاب الحقيقيون التمسك بمكانتهم في مشهد بات يعجّ بالرداءة والغموض. كثير من هذه الكتب تصدر بأسماء مستعارة، وتُباع بحرّية على منصات النشر، فيما القارئ العادي يجد صعوبة في التمييز بين النصوص الأصلية والمولدة.

إنتاج بلا ضوابط

تتزايد أعداد الكتب التي تُنتج بالكامل بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، بعضها يُنجز في ساعات قليلة. الكاتب الأميركي تيم بوشيه، على سبيل المثال، ألّف قرابة 100 كتاب في أقل من عام مستخدمًا أدوات توليد نصوص. ويفتخر بتحقيق أرباح كبيرة، ويؤكد أن الأمر لا يتطلب سوى القليل من الجهد والكثير من التقنية. هذا النموذج من الإنتاج الصناعي يُدخل الكتابة الأدبية مرحلة من التكرار والتسليع، تفقد فيه كثيرًا من معناها الإبداعي.

سرقة محتوى وانتحال أدبي

الأخطر أن بعض أدوات الذكاء الاصطناعي تعيد توليد نصوص مأخوذة من كتب حقيقية بأسلوب مختلف، مما يفتح الباب أمام نوع جديد من الانتحال لا يمكن ملاحقته قانونيًا بسهولة. وقد عرضت دور نشر كبرى مثل “هاربر كولينز” على بعض مؤلفيها بيع حقوق استخدام كتبهم لتدريب نماذج ذكاء اصطناعي مقابل مبالغ متواضعة، مما أثار احتجاجات واسعة في أوساط الكتّاب.

الكتاب يتحول إلى “بائع بيانات”

أمام هذا الواقع، يجد المؤلف نفسه محاصرًا: إما أن يبيع إنتاجه ليُستخدم في تدريب الآلة، أو يُخاطر بأن يُستغل دون علمه. شركات التكنولوجيا استنفدت النصوص المجانية، وتبحث عن محتوى مدفوع، ما جعل بعض الكتّاب يصفون أنفسهم بـ”باعة البيانات”.

حتى الصحافة لم تسلم

الصحافة بدورها ليست بمنأى عن التأثير. فقد بدأت بعض المؤسسات الإعلامية تعتمد على الذكاء الاصطناعي في إعداد التقارير وصياغة العناوين، فيما لجأت صحيفة نيويورك تايمز إلى مقاضاة “OpenAI” و”مايكروسوفت” بتهمة انتهاك حقوق النشر لاستخدام موادها في تدريب نماذج لغوية دون إذن.

قضاة لا يدركون عمق التحول

الأحكام القضائية الصادرة مؤخرًا تصب غالبًا في صالح الشركات التقنية، بحجة أن استخدام النصوص يتم “بشكل تحويلي”. وقد انتقدت مجلة أتلانتيك هذا المنطق، واعتبرت أن القضاة لا يفقهون حقيقة الذكاء الاصطناعي بما يكفي لإصدار أحكام عادلة.

الكتاب يرفعون الصوت

أكثر من 70 كاتبًا أميركيًا بارزًا وقّعوا رسالة مفتوحة تطالب دور النشر برفض التعامل مع محتوى من إنتاج الذكاء الاصطناعي، مؤكدين أن “الإبداع الإنساني لا يُستبدل”. لكن مع نفوذ الشركات التقنية، يبدو أن المعركة لا تزال في بدايتها.