أي مستقبل لسوق الشغل في ظل زحف الذكاء الاصطناعي؟

7

مصطفى الزياني

عرف الذكاء الاصطناعي خلال الفترة الأخيرة تطورا لافتا وتمكن من فرض نفسه كمحرك رئيسي للتقنيات الحديثة مثل البيانات الضخمة والروبوتات وإنترنت الأشياء، ما جعله يهيمن على جزء كبير من المشهد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي في العالم.

ويعرّف الذكاء الاصطناعي بأنه “الذكاء الذي تبديه الآلات والبرامج بما يحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة”.

ولئن كان التطور السريع للذكاء الاصطناعي قد خلف ارتياحا لدى البعض بحكم الفوائد الجمة التي ستجنيها البشرية من استخدامه في مختلف مجالات الحياة فإن البعض الآخر يرى فيه خطرا حقيقيا.

ويكمن خطر الذكاء الاصطناعي في تهديد مستقبل سوق الشغل، حيث ستحتل الآلة مساحات واسعة على حساب الإنسان، مما يعرض فئات عريضة من الموظفين والعمال للتسريح من العمل والضياع.

 وفي ظل هذا الوضع بدأ الكثير من المهنيين والمستخدمين يشعرون بالقلق إزاء مستقبلهم ويطرحون أسئلة من قبيل “هل مهنتي آمنة؟” و”هل ستأخذ مني الروبوتات وظيفتي؟”.

هذا التخوف يحاول بعض الخبراء تبديده بالقول إن هذه التقنية الجديدة لن تعوض الإنسان في جميع الأعمال والمهن مستقبلا، بل بالعكس سيكون لها تأثير إيجابي من حيث تيسير ظروف العمل وخلق نمو اقتصادي وتخفيض الأسعار.

ويرى الخبراء أنه لمواكبة الوضع الجديد سوف لن يحتاج الناس إلا إلى تطوير أو تغيير أو تعديل مهاراتهم للحفاظ على وظائفهم في المستقبل وحتى لا يتم استبدالهم بتقنيات تقوم بالعمل نفسه اعتمادا على الذكاء الاصطناعي.

 أما المتخوفون من “سطوة الذكاء الاصطناعي” فيحذرون من أن هذه التقنية ستكون لها انعكاسات سلبية على الوظائف، على غرار ما حصل في الماضي القريب حين ولجت الروبوتات والآلات الذكية قطاع الصناعة وحلت مكان البشر ما أدى إلى فقدان الملايين لوظائفهم.

ويرون أن ما يساهم في الاعتماد أكثر على الذكاء الاصطناعي هو الانكماش الاقتصادي في معظم دول العالم، حيث صارت الشركات تعتمد خططا لخفض النفقات وتسريح العمال والاستعاضة عنهم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للقيام بالأعمال التي يؤديها الإنسان.

فضلا عن ذلك فإن الاعتماد على الآلات والروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي من شأنه أن يوفر الكثير من الأموال على الشركات ويقلص نفقاتها، لاسيما في ما يتعلق بالكلفة الاجتماعية للإنسان (الأجور وجرايات التقاعد والتأمين الصحي).

كما أن الآلة العاملة بالذكاء الاصطناعي يمكنها أن تحل مكان العشرات من المستخدمين وأن تعمل على مدار الساعة وبسرعة أكبر من البشر ولا تحتاج إلى الراحة والعطل السنوية وما إلى ذلك.

ويقول مصطفى الزياني أستاذ المعلوميات بكلية العلوم والتقنيات في طنجة المغربية “لئن مثل الذكاء الاصطناعي حقا جوهر القفزة النوعية للثورة الصناعية الرابعة فإنه أثار في نفس الوقت الخوف من أن تحل الروبوتات مكاننا في العمل”.

وأوضح الزياني أن “هذا الخوف يجد سنده في بعض الدراسات التي كشفت أنه بحلول عام 2025 من المتوقع أن تؤدي زيادة استخدام الروبوتات وتوظيف الذكاء الاصطناعي إلى تغيير نمط بعض المهن أو حتى اختفائها تماما، ما يهدد حوالي 5 ملايين وظيفة في أكبر 15 اقتصادا في العالم”.

وأضاف الأستاذ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن “المهن المهددة أكثر هي تلك التي لا تتطلب مهارات كبيرة والتي تعتمد على التكرار، باعتبار أن هذه المهن يمكن للآلة أن تقوم بها بشكل أفضل من الإنسان، ومنها على الخصوص مهن البناء والميكانيك والصيانة والصرافة”.

وأكد على ضرورة دعم هذه المهن والوظائف المهددة لتمكينها من التكيف بشكل أفضل مع التغيرات المتسارعة لعالم التكنولوجيا، خاصة وأن الخوارزميات التي تعتمد عليها الآلات من أجل كسب المهارات تستند إلى التجارب البشرية وتراكم المعلومات.

وأشار إلى أن أي تنبؤ أو توقع لن يخرجا عن الإطار المعرفي والتكنولوجي الذي وصل إليه الإنسان.

ولئن كان من الصعب معرفة إلى أي مدى سيؤثر الذكاء الاصطناعي على سوق العمل فإنه من المؤكد أنه سيدفع في اتجاه إعادة رسم خارطة وظائف المستقبل، ما سينعكس على العديد من القطاعات التي ستتأثر لا محالة ولو بدرجات متفاوتة.

اترك رد

Your email address will not be published.