قبول الذكاء الاصطناعي في المجتمع
د. جاسم حاجي
لقد كان الذكاء الاصطناعي كموضوع حاضرًا جدًا في مساحة وسائلنا الإعلامية والوسائل العالمية أيضًا لبعض من الوقت الآن، ولا يبدو أن شدته تتناقص. من ناحية، لدينا تنبؤات، مثل تلك التي قدمها إيلون ماسك “Elon Musk”، بأن الذكاء الاصطناعي سوف يصبح متفوقًا على الذكاء البشري في غضون خمس سنوات، ومن ناحية أخرى هنالك التوقعات الأكثر تحفظًا والتي تحذر من وجود نوع من انكماش فقاعة الذكاء الاصطناعي، بالنظر إلى العديد من المشاريع التي لم تسفر عن النتائج المتوقعة منها والتحولات النوعية التي لم تحدث حتى الآن.
يقترح بعض الباحثين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون “تكنولوجيا للأغراض العامة” جديدة، واحدة من تلك التكنولوجيات التي سوف تقوم بتغيير العالم، وهي تعمل في جميع القطاعات تقريبًا. التكنولوجيات السابقة التي يعتبر أنه كان لديها مثل هذا التأثير هي اختراع المحرك البخاري والاستخدام الشامل له، تليها الكهرباء، وأخيرا تكنولوجيا المعلومات. إذا ما تحققت هذه التوقعات فانه تنتظرنا تغييرات اجتماعية كبيرة. وعلى عكس الثورات التكنولوجية الأولية، فإن الثورات الأخيرة تحدث بشكل أسرع وأسرع وسوف يكون من المثير للاهتمام متابعة إمكانية التكيف، بالنسبة للأشخاص على المستوى الفردي وأيضًا بالنسبة إلى الهياكل الاجتماعية التي نعيش فيها. وفي سيناريو أكثر إيجابية يمكننا أن نأمل في أن يصبح الذكاء الاصطناعي، نظرًا إلى انتشاره العالي وتكلفته المنخفضة، شيئًا يستخدمه الجميع مثل الكهرباء، بدلاً من أن يصبح أداة تمييز تنافسية.
تطوير التعليم والمعرفة
ان تحديات تطوير الذكاء الاصطناعي عديدة. حيث يشارك عدد كبير من المهندسين والخبراء التقنيين في التطوير نفسه، ولكن عدد الخبراء من المهن الأخرى، علماء الأخلاق، والفلاسفة، وما إلى ذلك يتزايد أيضًا. يعتبر قبول الذكاء الاصطناعي في المجتمع قضية نفسية واجتماعية معقدة ولها علاقة بالثقة العامة والمعلومات من بين أمور أخرى. آخر مشروع مثير للاهتمام يأتي من فنلندا. عناصر الذكاء الاصطناعي عبارة عن تعليم مصمم خصيصًا لعامة الناس من أجل الإجابة عن الأسئلة الرئيسية: كيف يمكن أن يقوم الذكاء الاصطناعي بالتأثير على وظيفتك أو على حياتك؟ ما هو الذكاء الاصطناعي حقًا وكيف يتم إنشاؤه؟ كيف سوف يتطور الذكاء الاصطناعي ويؤثر علينا في السنوات القادمة؟ الهدف العام هو إزالة الغموض عن الذكاء الاصطناعي وعن جميع التحيزات والصور النمطية التي قد تكون لدى شخص ما حوله. انه من الجميل أن نرى أن العديد من الشخصيات العامة الكرواتية قد شاركت في الترويج لمشروع تعليمي، الهدف الأول منه هو تثقيف 1% من المواطنين.
تُظهر العديد من الأبحاث والبيانات مدى أهمية التفاعل بأسرع ما يمكن في القطاع التعليمي. يترك عدد كبير من الأساتذة الكليات ويتوجهون إلى القطاع الخاص. تتمثل إحدى النتائج لهذا الأمر انه بعد فترة من الزمن يتم إنشاء عدد أقل من الشركات الناشئة من قبل طلاب هذه الجامعات. تخطط جامعة أيندهوفن الهولندية للقيام باستثمار مبلغ قدره 100 مليون يورو، وبالتالي “شراء” 50 أستاذًا وتركيز معهدها على تطوير الخوارزميات الذكية وعلى الروبوتات والمركبات ذاتية القيادة. كما يجري أيضًا تحقيق التنبؤات حول مؤسسات التعليم العالي الأولى التي تم إنشاؤها مع هدف محدد ألا وهو خلق الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وهكذا، تم إنشاء أول “أكاديمية ذكاء اصطناعي” في أبوظبي جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBUZAI). بالفعل للدفعة الأولى، تلقوا طلبات من 2223 متقدمًا من 97 دولة. ومن بين كوادرها خبراء بارزون من أكسفورد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجوجل.
“فهم العالم من حولك دون فهم الذكاء الاصطناعي لن يكون ممكنًا بعد الآن. شارك في الوقت المناسب، هذه فرصتك”.