الذكاء الاصطناعي رهان المستقبل

الذكاء الاصطناعي رهان المستقبل

فاطمة سرور

أحدثت الثورة الصناعية الرابعة قفزة تكنولوجية، جمعت الشعوب والمجتمعات في عالم رقمي، نتفاعل معه يومياً، ونتداول أخباره بين أيدينا بضغطة زر، فتغيرت طريقة التواصل والعمل التي اعتدنا عليها. فدمجت العوالم المادية بالرقمية والبيولوجية، مما أدى إلى نظام جديد مبني على أسس الخوارزميات المبتكرة، نشأت بها المدن الذكية، وأصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من المجتمع الذي نعيش فيه.

لذا عد الذكاء الاصطناعي من التكنولوجيا الواعدة التي ستفتح آفاقاً جديدة تمهد الطريق لعدة مجالات واسعة تحمل فرصاً ليس لها حدود، وقد أحدث طفرات رقمية متتالية ساهمت في نهوض صناعات جديدة، وميلاد ديناميكية في مختلف القطاعات الحيوية، مما ساعد على دمج المعلومات، وتحليل البيانات بصورة أسرع، إضافة إلى استخدام الأفكار الناتجة لتحسين عملية صنع القرار بكفاءة وفاعلية.

تدور الماهية الاصطناعية في فلك قدرة الآلات على التعامل مع المهام والتفاعل معها، بحيث تحاكي منطق التفكير عند البشر، ويندرج ضمنها تكنولوجيا تعلم الآلات المتعلق باستخدام الخوارزميات التي تتمتع بالقدرة على اكتشاف الأنماط، وتحليلها بناءً على الأفكار المطروحة، ويعتبر تعلم الآلات المجال الأوسع في الذكاء الاصطناعي حيث يدعم التنبؤ بالمستقبل واتخاذ القرار.

أتاح تعلم الآلات عمل العنصر البشري جنباً إلى جنب العنصر التكنولوجي، فأصبح من الممكن تشخيص الاكتئاب باستخدام الأنماط الصوتية المقترنة بالذبذبات الصوتية للحروف المتحركة، كما يعد تحليل الجينوم لشريحة أكبر بشكل أسرع أحد التطبيقات المهمة لتعلم الآلات، حيث تقوم الخوارزميات بالبحث في جميع المتغيرات في كل جينوم في مجموعة البيانات قبل تحديث نموذجها لتوصيف مجموعات الأسلاف وكيفية تأثيرها على الجينوم الخاص بالفرد.

لم يتوقف نمو الذكاء الاصطناعي عند تعلم الآلات فقط، وإنما توغل ليصل إلى مستويات أكثر تعقيداً مما أدى إلى ظهور علم جديد أكثر تطوراً أو ما يسمى بـ«التعلم العميق»، الذي يحاكي قدرة الإنسان على التعلم وتحليل الأمور، حتى وإن كانت البيانات المتاحة غير كافية أو مفقودة.

تقدم الذكاء الاصطناعي خلف وراءه مخاوف كثيرة حول استحواذ التكنولوجيا على وظائف البشر، ولا تزال بعض المجتمعات ترفض الخوض في هذه التطورات خشية بطالة المجتمع ولغموض نتائجها، على الرغم من كل تلك التكهنات، أثبت الذكاء الاصطناعي كفاءته في أداء مهامه كونه داعماً للإنسان لأداء عمله بصورة أفضل وأكثر فعالية، وأثبتت دراسة من المنتدى الاقتصادي العالمي، أن توظيف الذكاء الاصطناعي سيخفض الطلب على 85 مليون وظيفة، ولكنه في الجهة المقابلة سيرتفع الطلب على 97 مليون وظيفة أخرى منها مختصو الإنترنت والبيانات الضخمة، والتحول الرقمي.

الخوض في عوالم الذكاء الاصطناعي لم يعد خياراً بل أصبح ضرورة، كي لا نتخلف عن الركب وستساهم هذه التكنولوجيا الواعدة في تحسين حياة المجتمع، وفي هذا الصدد رسخت الحكومات استراتيجيات وخططاً لإعداد وتمكين الإنسان، التي تهدف إلى التأقلم مع تطورات العصر، لتكون سباقة في قيادة عجلة التقدم للعلوم الحديثة.

Related Posts

موسكو تعزز الذكاء الاصطناعي المحلي ردًا على القيود الغربية والتحديات التقنية

أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي بنفسه، بينما يعتمد عليها فريقه في الأعمال اليومية. وأوضح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن هذه الأدوات ساعدت…

الذكاء الاصطناعي يدفع أرباح “إنفيديا” إلى مستويات قياسية غير مسبوقة

الترند العربي – متابعات أعلنت شركة إنفيديا الأميركية عن نتائج مالية قوية للربع الثالث من سنتها المالية. وأكدت الشركة أن الطلب على رقائق الذكاء الاصطناعي يواصل الارتفاع بشكل متسارع. وقفز…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات

الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

  • نوفمبر 10, 2025
  • 128 views
الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

  • نوفمبر 8, 2025
  • 124 views
في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

  • أكتوبر 30, 2025
  • 152 views
“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

  • أكتوبر 12, 2025
  • 302 views
الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

  • أكتوبر 1, 2025
  • 384 views
حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”

  • سبتمبر 29, 2025
  • 395 views
الإعلام.. و”حُثالة الذكاء الاصطناعي”