العلاقات العامة الذكية.. أتمتة التواصل الإداري

15

AI بالعربي – خاص

تعد العلاقات العامة إحدى الوظائف الإدارية الحيوية التي تسهم في تعزيز التواصل الفعّال بين المؤسسات والجمهور، مع التركيز على بناء صورة إيجابية وتحقيق رضا العملاء. في العصر الحديث، تطور مفهوم العلاقات العامة ليأخذ منحى أكثر ذكاءً وتقدماً، حيث اندمجت مع التطورات التكنولوجية والذَّكاء الاصطناعي لتُصبح ما يُعرف بالعلاقات العامة الذكية.

أتمتة العمليات الإدارية

تتميز العلاقات العامة الذَّكية بقدرتها على أتمتة العمليات الإدارية وتعزيز فعالية التواصل باستخدام تقنيات حديثة، مثل أدوات تحليل البيانات الضخمة، والمنصات الرقمية التفاعلية، والروبوتات التي تحاكي التفاعل البشري. هذا التطور لم يقتصر فقط على تغيير الوسائل، بل شمل أيضاً إعادة صياغة الأهداف والاستراتيجيات بحيث تتماشى مع متطلبات العصر الرقمي.

دوافع التحول إلى العلاقات العامة الذكية

شهد العالم سلسلة من التحولات التقنية والاجتماعية التي دفعت المؤسسات إلى تبني نهج العلاقات العامة الذكية كأداة استراتيجية لتحقيق أهدافها. من أبرز العوامل التي ساهمت في هذا التحول:

ثورة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي: أصبح الذكاء الاصطناعي أداة لا غنى عنها لتحليل سلوك العملاء وتوقع احتياجاتهم، مما يمكّن المؤسسات من اتخاذ قرارات استباقية وتحسين استراتيجياتها.

أتمتة العمليات الإدارية: ساهمت الأتمتة في تسريع عمليات التواصل وإدارة المعلومات، مما جعل العلاقة بين المؤسسة وجمهورها أكثر سلاسة وكفاءة.

تطور أدوات التواصل الرقمي: انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الفورية أدى إلى تغيير طرق الاتصال، حيث باتت المؤسسات تعتمد على قنوات مبتكرة للتفاعل مع جمهورها المستهدف.

زيادة وعي المستهلكين وتنوع توقعاتهم: أصبح المستهلكون أكثر إدراكاً لحقوقهم واحتياجاتهم، مما يتطلب استراتيجيات تواصل تعتمد على التخصيص والدقة في الاستجابة لتوقعاتهم.

الحاجة إلى الابتكار والإبداع: يتطلب جذب انتباه العملاء في عالم مزدحم بالمعلومات تبني وسائل مبتكرة تعتمد على التكنولوجيا لإحداث تأثير إيجابي ومستدام.

مبادئ العلاقات العامة الذكية

تقوم العلاقات العامة الذكية على مجموعة من المبادئ التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والإنسانية:

الاعتماد على البيانات الدقيقة: استخدام التحليلات لتحديد احتياجات الجمهور وتصميم حملات تتناسب مع توقعاتهم.

التواصل الشفاف والمصداقية: الحفاظ على الصدق والوضوح في التعامل مع العملاء، مع ضمان حماية خصوصية بياناتهم.

التخصيص والتفاعل اللحظي: تقديم رسائل مخصصة لكل عميل بناءً على احتياجاته وسلوكياته.

الابتكار المستمر: السعي إلى تطوير استراتيجيات جديدة تلائم التحولات التكنولوجية المتسارعة.

بين الفوائد والتحديات: نظرة نحو مستقبل العلاقات العامة الذكية

1) فوائد الذكاء الاصطناعي في العلاقات العامة

تحليل البيانات الضخمة: يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من البيانات بدقة وسرعة، مما يساعد على فهم الجمهور المستهدف وتحديد التوجهات المستقبلية.

إدارة وسائل التواصل الاجتماعي: يوفر أدوات جدولة تلقائية وتحليلات أداء شاملة، ويُمكّن من التفاعل اللحظي مع الجمهور عبر الشات بوتس.

أتمتة المهام الروتينية: تسريع كتابة التقارير والبيانات الصحفية مع تحرير الوقت للتركيز على المهام الاستراتيجية.

تخصيص الحملات الإعلامية: تحليل سلوك الجمهور لتطوير استراتيجيات تواصل مبتكرة تناسب احتياجاته وتفضيلاته.

2) تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في العلاقات العامة

طرحت أ.د/ منى محمود عبد الجليل – أستاذ ورئيس قسم العلاقات العامة بكلية الإعلام بنات بجامعة الأزهر بمصر – رأيها حول التحدِّيَّات التي تواجه ذكاء العلاقات العامة الاصطناعي في النقاط التالية:

القضايا الأخلاقية: تتطلب معالجة قضايا الخصوصية وحماية البيانات لضمان استخدام آمن وأخلاقي للتكنولوجيا.

فقدان اللمسة الإنسانية: يثير القلق بشأن تقليص التفاعل البشري، مما قد يؤثر على عمق العلاقات مع الجمهور.

نقص الكفاءات المتخصصة: تعاني المؤسسات، خاصة في العالم العربي، من نقص الكوادر القادرة على استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية.

تكاليف التطوير والتدريب: يتطلب الاستثمار في بنية تحتية تقنية وإعادة تأهيل الموظفين لمواكبة التطورات.

تناولت دراسة بعنوان “The Ethical and Legal Implications of Using Big Data and Artificial Intelligence for Public Relations Campaigns in the United States”، والمنشورة في مجلة International Journal of Communication and Public Relations، التحديات الأخلاقية والقانونية المرتبطة بدمج البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في حملات العلاقات العامة في الولايات المتحدة. تسلط الدراسة الضوء على قضايا رئيسية مثل احتمالية انتهاك الخصوصية بسبب ممارسات جمع البيانات الواسعة النطاق، ومخاطر التحيز والمعلومات المضللة في المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الحاجة الماسة للامتثال للوائح حماية البيانات، بما في ذلك اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) والقوانين الفيدرالية وقوانين الولايات الأمريكية. ويظل تحقيق التوازن بين فوائد هذه التقنيات التحويلية والمعايير الأخلاقية والمتطلبات القانونية تحدياً كبيراً لصناعة العلاقات العامة.

نُشرت الدراسة في العدد الأول من المجلد التاسع لمجلة International Journal of Communication and Public Relations عام 2024، مما يبرز تعقيد وأهمية معالجة هذه التحديات في وقت أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات العلاقات العامة. تقدم الدراسة منظورًا أساسيًا حول كيفية تمكن الممارسين من التنقل في هذا المشهد المتغير مع الحفاظ على المسؤولية والثقة العامة.

3) مستقبل الذكاء الاصطناعي في العلاقات العامة

إعادة هيكلة التعليم: ضرورة دمج الذكاء الاصطناعي في مناهج العلاقات العامة لتأهيل الطلاب بمهارات العصر الحديث.

تحسين القرارات الاستراتيجية: استخدام تحليلات الذكاء الاصطناعي لتوجيه الحملات بفعالية وتحقيق نتائج مستدامة.

تكامل التكنولوجيا والإنسانية: تعزيز التعاون بين الذكاء الاصطناعي وممارسي العلاقات العامة لتسريع الأداء مع الحفاظ على العنصر الإنساني.

إمكانات غير مستكشفة: استمرار تطوير تطبيقات جديدة للذكاء الاصطناعي سيفتح آفاقاً جديدة لتطوير الأداء في العلاقات العامة.

ختامًا، تُعد العلاقات العامة الذكية نقلة نوعية تُمكّن المؤسسات من تعزيز حضورها في الأسواق المعاصرة، عبر تسخير الإمكانات الهائلة التي توفرها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحقيق التواصل الأكثر فعالية وتأثيراً مع جمهورها.

اترك رد

Your email address will not be published.