تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحيوان.. إلى أي مدى؟

9

AI بالعربي – متابعات

 جاز لنا مع الذكاء الاصطناعي أن نوجِّه عددًا من الاستفسارات على صعيد العديد من المجالات المختلفة، التي تتصل بحياة الإنسان في كل منحى واتجاه. لكنّ واقع هذه التساؤلات امتد إلى الكائنات ومنها الحيوان. وهذا الأمر لا يعد ترفًا، بل يساهم في تغيير طبيعة تعاملنا مع النظام الحيواني، الذي يشمل ثروات ومخلوقات تشاركنا الحياة في الطبيعة.

 

نظام مراقبة الماشية القائم على الذكاء الاصطناعي

  • جهاز استشعار ذكي حول عنق الماشية

يعتبر جهاز الاستشعار الذي يتم تثبيته حول عنق البقرة أداة متقدمة مصممة لمراقبة نشاط الحيوان على مدار الساعة. هذا الجهاز يعتمد على الذكاء الاصطناعي ويحتوي على مقياس تسارع دقيق يساعد في تحليل الحركات بشكل مستمر. بفضل التصميم المريح والتكنولوجيا المتطورة، يمكن للجهاز تتبع نشاط الحيوان دون التسبب في إزعاج، مما يتيح للمربين الحصول على صورة دقيقة عن حالة الماشية في أي وقت، ويزيد من فرص الكشف المبكر عن أي تغيرات صحية.

  • جمع وتحليل البيانات بدقة وسرعة

يمكن للجهاز جمع بيانات دقيقة عن كل حركة فردية تقوم بها الماشية، سواء كانت تتعلق بأنماط الأكل أو الشرب أو الاستلقاء أو المشي. هذه البيانات لا تبقى مجرد أرقام، بل يتم تحليلها بواسطة نظام الذكاء الاصطناعي لتحويلها إلى مؤشرات واضحة حول نشاط الحيوان وحالته العامة. ويتضمن التحليل المتقدم للجهاز القدرة على رصد السلوك غير الطبيعي للحيوان، ما يسهم في الكشف المبكر عن المشكلات الصحية أو التغيرات السلوكية، ويوفر رؤية أعمق تساعد في اتخاذ قرارات مدروسة لتحسين صحة الحيوان.

  • نقل البيانات مباشرة إلى السحابة أو الهاتف الذكي

يمتاز هذا النظام بقدرته على نقل النتائج إلى السحابة أو الهاتف الذكي للمربي مباشرة، مما يمنحه سهولة الوصول إلى البيانات من أي مكان وفي أي وقت. من خلال هذا الربط السحابي، يمكن للمربين متابعة الماشية حتى وإن كانوا بعيدين عن المزرعة. عند حدوث أي تغيير ملحوظ في نشاط الحيوان، يقوم النظام بإرسال إشعارات فورية إلى الهاتف الذكي، ما يتيح للمربي مراقبة حالة الحيوان باستمرار، سواء كان يأكل أو يشرب أو يستلقي، والتفاعل السريع مع هذه المعلومات لضمان رعاية أفضل للماشية.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الثروة الحيوانية

  • الثروة الحيوانية وفوائد إنترنت الأشياء

تحتاج العديد من الحيوانات إلى عناية خاصة ومراقبة دائمة للحصول على منتجات ذات جودة عالية مثل اللحوم والحليب. يعتبر إنترنت الأشياء أداة فعّالة لدعم ومساعدة المربين في مراقبة الحيوانات واكتشاف الحالات المرضية، مما يسمح بإجراء عمليات وقاية سريعة تمنع انتشار الأمراض داخل الحظائر. هذا النظام يسهم بشكل رئيسي في تجنب الأوبئة والأمراض التي قد تؤدي إلى خسائر كبيرة في الثروة الحيوانية، وبالتالي تفادي كوارث اقتصادية قد تصيب المربين. يمكن لتقنيات إنترنت الأشياء أن تحسن طرق العناية الصحية من خلال عزل الحالات المرضية، مما يحافظ على سلامة الحيوانات ويساهم في تعزيز الإنتاجية.

  • طريقة عمل إنترنت الأشياء مع الثروة الحيوانية

يعتمد إنترنت الأشياء على أجهزة استشعار تعمل على مراقبة معدل ضربات القلب، والتنفس، وضغط الدم، وعملية الهضم، والعناصر الحيوية الأخرى للحيوانات. يساهم هذا النظام في الحد من مشاكل التغذية ويقدم مراقبة دقيقة للدورة الإنجابية، بما في ذلك درجة الحرارة ومستوى الإجهاد الحراري للأبقار، إلى جانب مراقبة الحالات التي تحتاج إلى رعاية خاصة مثل مرحلة المخاض. يساعد أيضًا في تتبع موقع الأبقار، خاصة تلك التي تكون شاردة أو تظهر عليها علامات المرض، لتحديد أماكنها وإعادتها إلى القطيع في الوقت المناسب.

  • سجلات الحيوانات وأهميتها

تعد سجلات الحيوانات أحد التطبيقات الهامة التي تحافظ على بيانات دقيقة تتعلق بالحيوانات لأشهر أو سنوات، حيث يمكنها توثيق الحالة الإنتاجية، وأعمار الحيوانات، ونسبها، مما يساعد في اتخاذ القرارات البيطرية والزراعية. وتساعد هذه السجلات في تخطيط التربية، وتحديد الحيوانات التي ينبغي استخدامها للإنتاج، أو بيعها، أو استغلالها تجاريًا. وتفيد أيضًا في مراقبة الجودة، وتحديد التكاليف، ومدى جودة العمالة داخل المزارع، حيث يمكن للمربين من خلالها تنظيم عملية الاستغلال الغذائي للحيوانات وتحليل الأوضاع المالية للمزرعة بدقة.

  • استخدام الطائرات الدرون في تربية ومراقبة الماشية

توفر الطائرات الدرون للمزارعين أداة فعّالة لمراقبة الماشية عن بُعد في الحقول المفتوحة، حيث يمكنها مسح مساحات واسعة من الأراضي لتحديد مواقع الحيوانات وتحديد حالتها الصحية. باستخدام كاميرات دقيقة وأجهزة استشعار، تسهم الطائرات الدرون في تسهيل عمليات البحث عن الحيوانات المفقودة، كما تساعد في التعرف على التجمعات الحيوانية وتحديد أماكن الرعي المثالية. يُعد هذا النظام مفيدًا بشكل خاص في مراقبة سلوكيات الحيوانات والتأكد من سلامتها في بيئتها الطبيعية.

  • البلوكتشين والثروة الحيوانية

يمكن لتكنولوجيا البلوكتشين أن تؤدي دورًا هامًا في تحسين عمليات الثروة الحيوانية، حيث توفر نظامًا آمنًا وشفافًا لتسجيل معلومات حول الحيوانات. من خلال استخدام البلوكتشين، يمكن تسجيل بيانات دقيقة حول صحة الحيوانات، ومراحل نموها، وعمليات البيع والشراء، مما يعزز من الشفافية ويسهم في تتبع المنتجات الحيوانية من المزرعة حتى المستهلك. يضمن هذا النظام مصداقية المعلومات ويساعد في تحسين إدارة العمليات الزراعية.

  • البيانات الضخمة وتطوير الذكاء الاصطناعي في دراسة الثروة الحيوانية

كلما زاد حجم البيانات المتاحة حول الثروة الحيوانية، أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر قدرة على فهم وتحليل السلوكيات الحيوانية. يعمل الذكاء الاصطناعي على معالجة كميات ضخمة من البيانات المستخلصة من أجهزة الاستشعار والسجلات، مما يمكنه من تحسين دقة التنبؤات واتخاذ القرارات. بفضل البيانات الضخمة، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي محاكاة عمليات التفكير البشري لتحسين أساليب إدارة الثروة الحيوانية، وتعزيز الإنتاجية والاستدامة البيئية في المزارع.

نتيجة لهذا البحث المنشور بعنوان The Influence of Artificial Intelligence Technology on the Management of Livestock Farms في International Journal of Distributed Sensor Networks في 8 يناير 2024، تبين أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد أثرت بشكل كبير على إدارة مزارع الثروة الحيوانية. حيث قدمت هذه التقنيات دعمًا غير مسبوق للمزارعين من خلال تقليل استخدام الموارد، وتحسين استدامة أنماط التغذية، وزيادة الإنتاجية. كما ساهمت في تقليل البصمة الكربونية وتقليل الأخطاء البشرية، على الرغم من التحديات التي تتعلق بتكاليف التطوير واحتياجات البنية التحتية المتقدمة.

التواصل الثنائي: الذكاء الاصطناعي وفك شفرة الاتصالات

يعمل الباحثون على استخدام الذكاء الاصطناعي لفهم وتحليل طرق تواصل الحيوانات، بهدف فك رموز لغاتها ومعرفة المعاني التي تحملها. من خلال تقنيات التعلم الآلي، يسعى مشروع Earth Species Project (ESP)، بقيادة كاتي زاكاريان، لتحقيق تواصل ثنائي الاتجاه بين البشر والحيوانات. وتعمل المنظمة على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تحليل الأنماط السلوكية للاتصالات الحيوانية، مما يعزز فرص التفاهم بين الأنواع ويدعم الجهود البيئية للحفاظ على التنوع الأحيائي.

يعتمد تحليل الذكاء الاصطناعي على مجموعات ضخمة من البيانات التي تتضمن أشكالًا متعددة من التواصل الحيواني، مثل الإشارات الصوتية والحركية. يعمل فريق ESP على تحديد اللحظات التي تقوم فيها الحيوانات بإصدار إشارات معينة واستجابة الحيوانات الأخرى لها، وذلك باستخدام أجهزة استشعار متقدمة تسجل حتى في البيئات التي يصعب الوصول إليها، مثل أعماق البحار. يساعد هذا التحليل في التعرف على تفاعلات معينة بين الحيوانات، مما يوفر فهمًا أعمق لسلوكها في بيئاتها الطبيعية ويساعد على وضع أسس لمزيد من الاكتشافات.

تُظهر الأبحاث أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي دورًا رئيسيًا في حماية البيئة من خلال فك شيفرة التواصل الحيواني. على سبيل المثال، ساعد الذكاء الاصطناعي في اكتشاف نوع جديد من الحيتان الزرقاء في المحيط الهندي، ما يعكس دقة النظام في التمييز بين الإشارات الصوتية للحيوانات المختلفة. كما يتم استخدام تسجيلات الاتصال لتقييم صحة النظم البيئية، مثلما حدث في كوستاريكا لتحديد حالة إعادة التشجير في الغابات المطيرة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد تحليل الذكاء الاصطناعي في إنشاء مناطق محمية بحرية بناءً على أنماط تجمع الحيوانات، مما يعزز من جهود الحفاظ على الأنواع وحمايتها من تأثير النشاط البشري.

ختامًا، ما وصل إليه الذكاء الاصطناعي في مجال الحيوان والثروة الحيوانية، قفزة لم تأتِ من فراغ أو بين عشية وضحاها، ولكنه جهد كبير من أجل إدخال المنظومة الذكية والرقمية في حياة تغطي فيها كل المجالات.

اترك رد

Your email address will not be published.