الذكاء الاصطناعي وحل المشكلات: ما الذي يضايقك اليوم؟
AI بالعربي – متابعات
يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يتعامل بقدرات أعلى من الذكاء البشري، فالآن يمكن الولوج بهذه الآلية نحو المشكلات الصناعية والتجارية الكبرى، بل إنَّ تحليل البيانات صار جزءًا أساسًا من مهامه. يقول بعض الخبراء إنه إذا تخيلنا قليلاً، فقد يصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على فهم تعقيدات العالم المادي واستخدام هذه المعرفة لاكتشاف مواد جديدة تمامًا. هذه المواد قد تمكننا من القيام بأشياء كانت مستحيلة في السابق. من الواضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، حيث لا يقتصر استخدامه على المجالات التقنية والصناعية فحسب، بل يمتد أيضًا إلى حياتنا الشخصية، بهدف تحسين الاستجابات في المستقبل.
الذكاء الاصطناعي يمكنه تقديم حلول فعّالة لمختلف المشكلات الشخصية التي نواجهها، سواء كانت تتعلق بالتنظيم اليومي أو تحسين الصحة النفسية. على سبيل المثال، تُقدِّم تطبيقات الذكاء الاصطناعي المشورة والدعم في إدارة الوقت، وتحسين العادات الغذائية والعلاقات الاجتماعية من خلال تحليل أنماط السلوك وتقديم توصيات لتحسين التواصل، في ظل ما وصلت إليه تقنياته وخوارزمياته من قدرات فائقة في حل المشكلات والمعادلات.
الذكاء الاصطناعي والدعم العاطفي
طوَّرت شركة التكنولوجيا الناشئة “نومي إي أي” منصة متقدمة للذكاء الاصطناعي تُركِّز على تقديم حلول دقيقة للمستخدمين عبر معالجة نقاط محددة. تتميز هذه المنصة بقدرتها على تقديم إجابات تفصيلية تتجاوز الأساليب التقليدية المستخدمة في أنظمة مثل “أون أي إي”، حيث تعمل على تقديم حلول أعمق وأكثر دقة تتعلق بقضايا شخصية مثل الذكريات والمشاعر. تعكس هذه الخطوة تحولًا نوعيًا في كيفية تفاعل الذكاء الاصطناعي مع المستخدمين، متجاوزة الأساليب التقليدية لتقديم خدمات تقترب أكثر من الجانب الإنساني.
تعتمد “نومي إي أي” على تقسيم الاستفسارات إلى أسئلة أصغر وأكثر تحديدًا، مما يسمح لها بتقديم إجابات دقيقة وملائمة لحاجة كل مستخدم. وبفضل قدرتها على التعلم المستمر وتطوير أدائها بناءً على تفاعلات المستخدم، تستطيع المنصة تقديم استشارات عاطفية واجتماعية تسهم في تحسين حياة الأفراد وعلاقاتهم مع الأصدقاء والعائلة. هذه القدرات تجعل من “نومي” أداة فريدة تُسهم في تسهيل حياة المستخدمين وجعل الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
رغم المخاطر المرتبطة بالتوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات شخصية، يرى المطورون في “نومي إي أي” أنَّها تمثل تمهيدًا لصداقة محتملة بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي. هذه العلاقة قد تفتح آفاقًا جديدة في تحسين جودة الحياة الشخصية للأفراد، وتقديم الدعم العاطفي والاجتماعي بطرق مبتكرة وفعالة.
أكثر تعاطفًا مع البشر
لقد أصبح الذكاء الاصطناعي مذهلاً لدرجة تجعلنا نتعمق في فوائده التي تحيط بالإنسان، إلى جانب المخاطر التي كنا وما زلنا نخشاها. ففي حين كنا نتخوف من أن يؤدي إلى سلوكيات وطبائع مادية، نجد أنه الآن يقودنا نحو جوانب عاطفية وتأثيرات كبيرة.
قبل أشهر، توصل باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا إلى اكتشاف مهم حول الذكاء الاصطناعي، إذ أظهرت الدراسة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعل الأشخاص يشعرون بأن هناك من يستمع إليهم بصدق أكبر من البشر. هذا الاكتشاف قد يشكل نقلة نوعية في مجال العلاج النفسي مستقبلاً، حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتقديم دعم عاطفي ونفسي أكثر فعالية.
في التجربة، تلقَّى المشاركون نوعين من الرسائل كردود فعل على مشاكل سردوها مسبقاً: الأولى كتبها إنسان، والثانية صاغها الذكاء الاصطناعي. أظهرت النتائج أن المشاركين شعروا بأن الرسائل التي كتبها الذكاء الاصطناعي كانت أكثر تعاطفًا معهم مقارنة بالرسائل البشرية، مما يعكس قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم دعم عاطفي يُشعِر الشخص بأن صوته مسموع بشكل أفضل.
يرفع درجة الأمل
إضافة إلى ذلك، استطاع الذكاء الاصطناعي رفع درجات الأمل لدى المشاركين وتخفيف مشاعر الضيق، مع ملاحظة أنه كان أكثر انضباطًا من البشر في تقديم الدعم العاطفي. على عكس البشر الذين يميلون لتقديم الحلول مباشرة، ركَّز الذكاء الاصطناعي على الاستماع والتعاطف دون الإسراع في تقديم النصائح، وهو ما يحتاجه الأفراد في مثل هذه المواقف أكثر من الحلول العملية.
تفتح هذه النتائج الباب أمام استخدام الذكاء الاصطناعي في تقديم الدعم العاطفي والاجتماعي، خصوصًا في عالم يعاني من تفشي وباء الوحدة. وقد أثبتت دراسات أخرى، مثل تلك المنشورة في دورية “نيتشر”، أن روبوتات الدردشة المختصة بالصحة النفسية قد نجحت في تقليل أعراض الاكتئاب والضيق لدى المرضى المشاركين في تجارب متعددة، مما يعزز دور الذكاء الاصطناعي في هذا المجال.
نحو العاطفة: من الإيجابيات إلى المحاذير
في نوفمبر 2017، شدد عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ على أهمية وضع ضوابط صارمة تحكم تطوير الذكاء الاصطناعي. وفي كلمة ألقاها خلال مؤتمر في لشبونة، حذر هوكينغ من المخاطر المحتملة التي قد تنشأ إذا لم نستعد جيدًا للتعامل مع هذه التكنولوجيا، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أسوأ حدث في تاريخ الحضارة الإنسانية. وأوضح أن هذا قد يتجسد في أسلحة ذاتية الفتك أو طرق جديدة تمكن الأقلية من قمع الأغلبية.
وأضاف هوكينغ أن تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي فعالة قد يكون إما أكبر إنجاز في تاريخ البشرية، أو أسوأ كارثة على الإطلاق، حيث لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيساعدنا أو يتجاهلنا أو يقضي علينا. ورغم هذا التحذير المقلق، فإن الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي لا يمتلك القدرة على تدمير الأرض.
تحديات العاطفة والشطط الفكري
نواجه في إنسانيتنا العديد من حالات الشطط الفكري والسلوك المتهور، ويمكننا معالجتها من خلال تراثنا وأفكارنا الحكيمة، بالإضافة إلى استقراء الوقائع واستنباط الحلول. في النهاية، يمكننا التعامل مع هذه المشكلات بأسلوب يعتمد على التفكير العلمي والمنطقي، مع الميل نحو مشاعر الرضا والتسامح وقبول الواقع، واستكشاف مسارات مختلفة لتجاوز العقبات. ومع ذلك، عندما يكون الذكاء الاصطناعي موضع اختبار، فإنه يجب أن تُحدد له القيود الضرورية.
في مثال حيِّ لحالة رجل بلجيكي في مارس 2023، استخدم أحد برمجيات المحادثة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة تغيّر المناخ، فاقترحت عليه بعد نقاش طويل التضحية بنفسه لأجل القضية، وهو ما فعله الرجل.
ختامًا، قد لا يفهم الذكاء الاصطناعي عمق مشاعرنا وعواطفنا. لذا، يجب على إنسان العصر ألا يعتمد اعتمادًا كليًا على التطبيقات، خصوصًا أنها تظل أدوات تُستخدم في الترويج الإعلامي والسبق الصحفي. فمشاعر البشر تتطلب تفاعلًا إنسانيًا لا يمكن أن يعوضه الذكاء الاصطناعي.