• الذكاء الاصطناعي التوليدي يجلب مجموعة من التحديات المجتمعية.. إن فقدان الوظائف على مستوى العالم هو أحد الآثار الرئيسية المتوقعة.
  • في حين أن النقاش السياسي لا يزال يركز إلى حد كبير على الأضرار التي تلحق بالسلامة والأمن، فإن عديداً من الدراسات تتوقع حدوث اضطرابات عميقة في العمل بسبب التكنولوجيا.

لقد كان إيلون ماسك هو من أثار مستقبل العمل على هامش قمة سلامة الذكاء الاصطناعي العام الماضي. وقد ذكر بشكل عرضي، في محادثة مع رئيس وزراء المملكة المتحدة ريشي سوناك، أننا يجب أن نتوقع مجتمعا “لا حاجة فيه إلى وظيفة”.

اضطرابات كبيرة

ليس المتمردون في مجال التكنولوجيا مثل ماسك وحدهم هم الذين يتوقعون حدوث اضطرابات كبيرة:

  • تتوقع دراسة أجراها بنك غولدمان ساكس ما يقرب من 7 تريليونات دولار من النمو الإضافي للاقتصاد العالمي على مدى عشر سنوات، في حين تتوقع أن ما يقرب من ثلثي الوظائف في الولايات المتحدة ستكون معرضة لخطر التأثر بالذكاء الاصطناعي.
  • كذلك تتوقع شركة ماكينزي أن ما يصل إلى 30 بالمئة من ساعات العمل في أميركا سوف تتأثر بالأتمتة في السنوات الست المقبلة. وسوف يحتاج 12 مليون شخص إلى “التحولات المهنية” بالإضافة إلى أولئك الذين يواجهون التقادم بالفعل.
  • وفي حين أن المستشارين متفائلون بأن الذكاء الاصطناعي سوف “يعزز” الوظائف بدلا من أن يحل محلها، فقد وجدت الأبحاث التي أجرتها شركة ResumeBuilder أن أكثر من ثلث قادة الأعمال قالوا إن الذكاء الاصطناعي قد حل بالفعل محل العمال في عام 2023.

وعلى الرغم من اختلاف السيناريوهات، إلا أنها تشير جميعها إلى اتجاهات مماثلة، وهي استبدال الوظائف، وحتى لو كان هناك تحسن اقتصادي على المدى الطويل، فإن التحول سيتطلب جهودا كبيرة في مجال السياسة العامة. وتحتاج الحكومات إلى التركيز على تفاصيل اقتصاداتها الوطنية وتوقع تأثير الذكاء الاصطناعي، قطاعًا تلو الآخر، بحسب كاتبة المقال.

وعلى الجانب المؤسسي، هناك أيضًا تحولات غير مسبوقة تحدث. بالفعل:

  • نرى شركات الذكاء الاصطناعي باعتبارها مكونًا رئيسيًا للشركات الأكثر قيمة في العالم.
  • في الولايات المتحدة، ساعدت شركات التكنولوجيا في دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023.
  • في الوقت نفسه، يهدد الذكاء الاصطناعي بتفاقم تركز رأس المال في أيدي عدد أقل من الشركات.

يقول دارون عاصم أوغلو وسيمون جونسون في بحث لصندوق النقد الدولي: “على مدى العقود الأربعة الماضية، أدت الأتمتة إلى زيادة الإنتاجية ومضاعفة أرباح الشركات، لكنها لم تؤد إلى رخاء مشترك في البلدان الصناعية”.

وبعبارة أخرى، لا يتم تقاسم فوائد الأتمتة تلقائيا، موضحا أن هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث حول التأثيرات المحددة على الوظائف في جميع أنحاء الجنوب العالمي.

فرض ضرائب جديدة

من خلال تلك المعطيات التي استعرضتها شياكي في مقالها، ومن أجل إعادة التوازن بين تأثيرات الذكاء الاصطناعي من حيث التكلفة والعائد لصالح المجتمع – وكذلك التأكد من أن الاستجابة اللازمة ميسورة التكلفة على الإطلاق – فإنها تخلص إلى أن:

  • فرض الضرائب على شركات الذكاء الاصطناعي هي الخطوة المنطقية الوحيدة.
  • أية مناقشة تؤدي إلى إجماع سياسي عالمي قد تستغرق سنوات عديدة، وينبغي لها أن تبدأ الآن.
  • يجب التوصل إلى اتفاق حول النسبة المئوية للإيرادات أو الأرباح التي تخضع للضريبة والغرض من الضريبة – هل ينبغي التركيز على تخفيف فقدان الوظائف على وجه التحديد أو على معالجة التأثيرات المجتمعية المتعددة للذكاء الاصطناعي على نطاق أوسع؟
  • ولأن الصين والولايات المتحدة من الدول الرائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي ولم تنفذا بعد قواعد الحد الأدنى لمعدل الضريبة على الشركات محليا، فلابد أن تكون الحوافز وعمليات التنفيذ فعّالة.

لقد استغرق الأمر سنوات للحصول على الحد الأدنى من القاعدة الضريبية العالمية للشركات. ونظراً للتكاليف الوشيكة التي يتحملها المجتمع، فإن الحديث عن فرض ضريبة مستهدفة على شركات الذكاء الاصطناعي التي تبلغ قيمتها مليار دولار لا يمكن أن ينتظر.

طفرة كبيرة

طفرة كبيرة حققها القطاع التكنولوجي خلال السنوات الأخيرة، عبر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في شتى المجالات ليصبح أساسيًا في أغلبها، بل أيضًا أصبح يعوض دور الأفراد في بعض الأعمال ليقوم بدورهم، ليشكل بذلك تحولًا كبيرًا في الاقتصاد العالمي، سواء بنموه من جهة أو بتسببه في خسائر مالية بسبب دوره المحوري في زيادة نسب البطالة من جهة أخرى.

وتشمل تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)  تطبيقات عديدة تتراوح بين التعلم الآلي، والتحليل الضخم للبيانات، والتفاعل الذكي مع الآلات، والتي أثرت بشكل كبير على عديد من الصناعات والقطاعات.

من جهته أوضح خبير تكنولوجيا المعلومات، العضو المنتدب لشركة IDT للاستشارات والنظم، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الضريبة عادةً ما تطبق على الأرباح، وتكون معتمدة على أرباح مُحققة نتيجة نشاط معين سواء كان هذا النشاط بالذكاء الاصطناعي أو أي نشاط آخر.

وشدد على ضرورة تشجيع الذكاء الاصطناعي عن طريق الاعفاء الضريبي، حتى إذا كانت الضريبة العادية التي تفرض على الأرباح المحققة من الأنشطة الاقتصادية المختلفة لابد أن يعفى منها، معللا ذلك بأن الذكاء الاصطناعي بات في مرحلة تحول جذري  كما أصبح له أثر ونشاط كبيرين في الوقت الحالي يبشر بمستقبل مختلف للبشرية، لذا لابد من تشجيعه للحصول على أكبر استفادة منه.

وقال خبير تكنولوجيا المعلومات، إن الذكاء الاصطناعي بالطبع يهدد بمفاقمة معدلات البطالة ونوعًا من تخفيف الإنفاق لدى أصحاب العمل، لكن التقدم والتطور طبيعي للبشرية يستوجب على كل موظف أن يطور من نفسه ليكون قادرا على مواكبة هذا التطور تجنبًا لاستبعاده.

واختتم حديثه مؤكدًا أن تطبيق ضريبة على الذكاء الاصطناعي سيعد معوقًا يوقف مسيرة تقدمه وتزيد من التكلفة المالية لأصحاب العمل.

وفقًا لمنظمة العمل الدولية في تقريرها عن توجهات التوظيف العالمية والآفاق الاجتماعية لعام 2024، انخفض معدل البطالة العالمي من 5.3 بالمئة في 2022 إلى 5.1 في 2023، ويتوقع أن يبحث مليونا عامل إضافي عن وظيفة في 2024، مما سيساهم مرة أخرى في ارتفاع المعدل الى 5.2 بالمئة.

تباين المواقف

وأشار أخصائي التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن هناك حالة من التباين بشأن الموقف من تطبيق الضريبة على الذكاء الاصطناعي بين مؤيد ومعارض لها، موضحًا أن الجهات المؤيدة ترى أنه يمثل قيمة كبيرة للاقتصاد وأن تلك الضريبة قد تسهم في تمويل البحث وتعزيز الابتكار بهذا المجال.

وأضاف أنه على الجانب الآخر هناك حُجج لمعارضي تلك الفكرة منها أن الضريبة قد تؤدي إلى بطء نمو المجال وهو ما سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد، كما أنه من الصعب تنفيذ تطبيق الضريبة فيصعب تحديد كيفية قياس القيمة التي يخلقها الذكاء الاصطناعي، ما سيصعب قياس الضريبة التي سيتم فرضها، وما إذا كانت ضريبة مقطوعة القيمة أم ستكون على الأفراد أم الشركات، وما إذا كانت على مستوى الدول أم كيانات أو شركات.

وأوضح أن فرض الضريبة على الذكاء الاصطناعي قد يساعد على التخفيف من آثاره السلبية على الاقتصاد وتحديدًا ارتفاع معدلات البطالة على سبيل المثال، كما يلي:

  • يمكن استخدام عائدات الضريبة في برامج التدريب والتوظيف للعمال أو الموظفين الذين فقدوا عملهم بسبب الذكاء الاصطناعي.
  • يمكن استخدام الضرائب لتدريب الموظفين على استخدام الذكاء الاصطناعي وإقامة دورات لتدريبهم على استخدامه.
  • يمكن استخدام عائدات الضريبة في برامج اجتماعية مثل برامج الرعاية الاجتماعية لتخفيف الآثار السلبية للبطالة على الأسر.

الآثار السلبية والايجابية لتطبيق الضريبة

وتابع أخصائي التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، بأن من ناحية أخرى قد يكون لفرض الضريبة على الذكاء الاصطناعي بعض الآثار السلبية على الاقتصاد، من بينها:

  • قد  يؤدي فرض الضريبة إلى إبطاء نمو مجال الذكاء الاصطناعي والحد من الفوائد الاقتصادية المحتملة.
  • جعل مجال الذكاء الاصطناعي أكثر تكلفة بالنسبة للشركات والأفراد، مما يؤدي إلى الحد من استخدامه، خاصة بين الأفراد الذين يستخدمونه في وظائفهم، ويستفيدون منه في أعمالهم، وهم ما يسموا بـ”فري لانسينج” على سبيل المثال.

وأشار إلى أن فرض الضريبة على الذكاء الاصطناعي يعتمد على عدة عوامل، وهي:

  • حجم الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي والآثار المحتملة لفرض الضريبة على الاقتصاد.
  • بعض العوامل يمكن مراعاتها عند اتخاذ القرار بشأن فرض الضريبة للتخفيف من الاثار السلبية.
  • إذا كانت الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي كبيرة فقد يكون من الضروري فرض ضريبة عليه للتخفيف من هذه الآثار.
  • يمكن أن تساعد الضريبة على التخفيف من الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي مثل ارتفاع معدلات البطالة
  • مراعاة التكلفة الاجمالية لفرض الضرية، بما في ذلك التكاليف الإدارية والتنفيذية والطريقةالتي سيتم توزيع عائدات الضريبة من خلالها، فيجب توزيعها بطريقة عادلة وأن تكون هناك ضوابط لضمان استخدامها فلابد أن يتم ذلك وفقًا لضوابط وتشريعات يتم دراستها، على سبيل المثال من قبل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بخصوص شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.