“سدايا” تصدر تقريرًا عن الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة

41

AI بالعربي – متابعات

أصدرت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” تقريرًا عن الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة في خطوة تستهدف فيها رفع مستوى الوعي بهذه التقنيات، وذلك في إطار اهتمامها بتعزيز الوعي المجتمعي تجاه تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي بوصفها المرجع الوطني لها في المملكة من تنظيم وتطوير وأعمال.

وأطلقت “سدايا” سلسلة من ملتقيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في جامعات المملكة بهدف تعزيز المعرفة بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي لدى أساتذة وطلاب وطالبات الجامعات.

أصبحت تطورات تقنيات الــذكاء الاصطناعــي التوليــدي على أشدّها في العالم كواحدة من تحــولات القرن الواحد والعشرين في مجالات التقنيات المتقدمة التي تغلغلت استخداماتها في مختلف المجالات ومنها (مجــال التعليــم) الذي أسهمت فيه هذه التقنيات في تحسين أساليب التعليم والتعلّم من خلال أدوات تقنية أكثر تطورًا انبثقت عن الذكاء الاصطناعي التوليدي وانتهجت أسلوبه أرقى جامعات العالم وسط تأكيدات كثير من المختصين بأن هذه الأدوات لن تُلغي أهمية التفكير البشري خلال توظيف استخدامها كونها فقط بمثابة مساعد آلي متطوّر للعقل البشري.

ويُعرّف الخُبراء الذكاء الاصطناعي التوليدي بأنه نوع من تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تهدف إلى توليد محتوى جديد سواءً كان ذلك على هيئة نصوص أو صور أو مقاطع فيديو أو غير ذلك، وبخلاف الذكاء الاصطناعي التقليدي فإن الذكاء التوليدي يتميز بالقدرة على توليد نتائج متنوعة وغير محدودة ببيانات التدريب، ويفتح الباب أمام إمكانيات غير مسبوقة في مجالات عدة مثل: ترجمة الآلة وإنتاج النصوص والصور علاوة على أنه يُتيح أفاقاً واعدة في مجال الابداع والابتكار، إذ يمكن للآلة توليد محتوى فريد وإبداعي بدون أي تقليد أو استنساخ.

وعلى الأرجح سيجعل الذكاء الاصطناعي التوليدي المؤسسات التعليمية في العالم تُعيد رسم أهداف التعلم وطرق التقييم لديها لمواءمتها مع قدرات الذكاء الاصطناعي ويصبح تركيزها على مهارات التفكير النقدي والتحليل والتدقيق في المعلومات من الأمور ذات الأولوية العالية في العملية التعليمية، فهذه التقنيات توفّـر حلـول مبتكـرة لتعزيـز تجربـة التعلـّم من خلال إيجاد تجانس ما بين أركان مثلث العملية التعليمية: (الطالـب والمُعلم والإدارة التعليمية) بحيث يُمكن توظيـفها فـي حـالات اسـتخدام متنوعـة حسـب السـياق التعليمـي والعمـل علـى تنظيـم اسـتخدامها وفـق إرشـادات محـدّدة.

وتوقع العديد من خبراء التعليم في دول العالم تبنّي استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي كعنصر أساسي في أنظمة المؤسسات التعليمية، لذلك بدأت بعـض المؤسسات التعليمية في التعليم العالي والعام بصياغة سياسات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم حيث أظهـرت دراسة حديثة لمنظمة اليونسـكو شملت أكثر من 450 مدرسة وجامعـة في العالم أن أقل من 10% من هذه العينة قد وضعـت سياسات أو إرشادات رسمية بشأن استعمال تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وعند استخدام هذه التقنيات ينبغي الأخذ بمبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي أقرتها دول العالم في وثيقة أصدرتها منظمة اليونسكو عام 2020م إذ لم تُترك الأمور على عواهنها مع تنامي الإقبال على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي بل وُضعت ضوابط تؤكد على أهمية: احترام كرامـة جميـع الأفـراد وتراعـي خصوصياتهـم، وتدعـم العدالـة وتكافـؤ الفـرص والشـمولية مع منــع إســاءة اســتخدام هــذه التقنيــات بطريقــة قــد تلحــق الضــرر بالطــالب والأســتاذ والإدارة التعليميـة أو تؤثـر سـلباً علـى العمليـة التعليميـة.

وأطلقت جامعة ستانفورد الأمريكية موقعًا إلكترونيًا يضم السياسات والتوجيهات الخاصة بالجامعة بشأن تأثيـر أدوات الـذكاء الاصطناعي التوليدي على مبدأ النزاهـة الأكاديمية ويقدم الموقع إرشادات واضحة لـكل مـن الأساتذة والطـلاب حول كيفية استخدام هـذه الأدوات بطريقة مسـؤولة وأخلاقية في البيئة الأكاديمية، وفي المملكة المتحدة اعتمدت مجموعة راسل (Group Russell) المكونة من (24) جامعة بريطانية من بينها : جامعــة أكسـفورد وجامعة كامبريدج مجموعـة مـن المبـادئ التي تهدف إلى تمكيـن الطـلاب والأساتذة والموظفيــن مــن الاستفادة مــن تقنيــات الـذكاء الاصطناعي التوليدي بطريقـة أخلاقية ومسؤولة، وتركز هذه المبادئ علـى تشجيع استخدام الـذكاء الاصطناعي التوليدي بوعي بما يتماشى مع المحافظـة على النزاهـة الأكاديمية في العملية التعليمية، كما يوجد تجارب مماثلة في التعليم العام طُبقت في كل من: اليابان، وأستراليا، ونيوزيلندا.

ويعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي على تقنيات متطورة مثل الشبكات العصبية العميقة (Deep Neural Networks) والنماذج اللغوية الكبيرة (Large Language Models) التي تتيح إمكانية تعلم أنماط معقدة من بيانات ضخمة جُمعت من الكتب ومواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أن هذه التقنيات ليست جديدة إلا أن التطورات الأخيرة في تصميم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي والبنية التحتية الحوسبية والقدرة على تجميع كميات كبيرة من بيانات التدريب زادت من قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي ومكنته من تحقيق تقدم هائل في السنوات الأخيرة.

في مقابل ذلك، شدّد خبراء التعليم على أهمية العقل البشري في العملية التعليمية على اعتبار أن الذكاء الاصطناعي التوليدي مجرد مساعد رقمي للطلاب والطالبات المجتهدين في دراستهم من خلال اختصار الوقت وتبسيط المفاهيم العلمية والترجمة، وتقييم التقدم الدراسي وتحديد المجالات التي تحتاج مزيدًا من التركيز، ويفتح أفاقاً جديدة لتطوير التدريس ودعم المُعلم في مهامه المختلفة مثل: زيادة مشاركة الطلاب أو تخصيص التعلّم من أجل تيسير اختيار التقنيات المناسبة لكل استخدام تعليمي.

وتستطيع الإدارات التعليمية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين الأداء المؤسسي ورفع جودة النتائج الاكاديمية، وأتمتة بعض المهام الإدارية لتوفير الوقت والجهد، كما تضطلع الإدارات التعليمية بدور أساسي في وضع السياسات والضوابط التي تنظم التعامل الأمثل والأخلاقي مع أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وللذكاء الاصطناعي التوليدي استخدامات جمّة في التعليم منها على سبيل الذكر لا الحصر: إنتاج محتوى غني ومتنوع من خلال بيانات متعدّدة الأنواع، منها: النصوص (التلخيص والإجابة على الأسئلة)، والصور (توليد الصورة من النص ومعالجة الصور وتحسين دقة الصور)، ومقاطع الفيديو (توليد الفيديو من نص أو صورة وتحسين الفيديو)، والكلام (توليد الكلام من النص والتعرف على الكلام وتعديل الكلام) لكن ذلك لا يعني الاعتماد الكلي على قدرات هذه التقنيات، إذ يشوبها مخاوف مثل: عدم دقة بعض المعلومات، واحتواء النماذج على تحيزات، واحتمالية انتهاك حقوق الملكية الفكرية، فضلاً عن ضعف القدرات الحسابية والمنطقية مقارنة بإمكانيات العقل البشري.

وللحصـول علــى النتائـج المطلوبــة مـن أدوات الـذكاء الاصطناعـي التوليــدي يتعيـن على المستخدم تعلـم هندسـة الأوامـر (Engineering Prompt) وهي عمليـة صياغـة التعليمـات والأسـئلة المقدمـة لأدوات الـذكاء الاصطناعـي التوليـدي للحصـول علـى أفضـل النتائـج المطلوبـة عـن طريـق اختيـار الكلمـات المناسـبة وتحديـد السـياق الصحيـح للمهمـة، ويعـد تعلـم أسـاليب هندسـة الأوامـر أمـراً بالـغ الأهميـة إذ إن صياغـتها بدقـة ووضـوح تسـاعد أدوات الـذكاء الاصطناعـي التوليـدي علـى فهـم المطلـوب بصـورة أفضـل وبالتالـي توليـد محتـوى بجـودة عاليـة.

وعبر التاريخ مرّ الذكاء الاصطناعي في التعليم بأربع مراحل كانت المرحلة الأولى ما بين أعوام 1960م – 1974م وفيها ظهرت برامج معالج اللغات مثل إليزا (ELIZA) وبرنامج سكولار (SCHOLAR)، والمرحلة الثانية ما بين أعوام 1975م – 1990م، وجرى فيها تطوير أسس أنظمة التعليم الذكية. أما المرحلة الثالثة فقد كانت ما بين أعوام 1990م – 2010م، وفيها ظهرت شبكة الانترنت التي كان لها دور في انتشار التعلم الإلكتروني والتعلم عن بعد باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي المرحلة الرابعة التي بدأت عام 2010م ولاتزال حتى الآن، ظهر فيها تطور أنظمة المحادثة الآلية (Chatbots) وتقنيات تعلم الآلة والتعلم العميق وعلى أثره حقق الذكاء الاصطناعي تقدمات كبيرة في توليد النصوص والصور، وانعكس ذلك إيجابًا على التعليم.

ويحذر الكثير من خبراء الذكاء الاصطناعي من المخاطر المحتمل حدوثها في حال تأخر تطبيق وتنظيم الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم بصورة علمية صحيحة وبتشريعات تنظيمية مطبقة من أبرزها: زيادة الفجوة الرقمية بيـن الـدول المتقدمـة والناميـة، إذ سـتكون الـدول المتقدمـة قـادرة علـى الاسـتفادة مـن هـذه التقنيـة لتحسـين جـودة التعليـم لديهـا بينمـا تظـل الـدول الناميـة قابعة في مرحلة تعليم متأخرة، علاوة على أن هذا التأخير يُفقد المؤسسات التعليمية الميزة التنافسية في التعليم علـى المستوى العالمي ممـا يؤثـر علـى جـودة التعليـم وقـدرات الطـلاب فـي مواكبـة متطلبـات سـوق العمـل المسـتقبلية.

وأصدرت سدايا دليلاً استرشاديًا عن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم يمكن الاطلاع عليه من خلال الرابط : هنا

اترك رد

Your email address will not be published.