لماذا يتجه الطهاة نحو الذكاء الاصطناعي؟
مايكل ديمبسي
لا يعمل الشيف نيكولا مير -وهو الحائز على 18 نجمة ميشلان خلال حياته المهنية- في مطعم أو فندق، بل يقع مطبخه في مقر شركة فيرمينيش العريقة في مجال صناعة العطور، والتي تحسس أنفها رائحة سوقٍ واعدة جديدة لمكونات الأغذية، مع تزايد أعداد النباتيين، وارتفاع مبيعات بدائل اللحوم التي من المتوقع أن تصل إلى 200 مليار دولار في نهاية العقد الحالي. ولإتقان نكهة هذه الأغذية الجديد، قام الشيف مير بتعيين مساعد له يدعى سام. ولكن الجديد هو أن سام هذا هو روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي. ويعمل سام على مساعدة فريقٍ من خبراء التذوق في تركيب مجموعة من النكهات لزبائن الشركة.
لا يمتلك سام حاسة التذوق، ولكن تم تدريبه على قاعدة بيانات المكونات التي جمعتها الشركة على مدى ستين عاماً. وباستخدام تقنيات التعلم الآلي، تم توليف النكهات المختلفة، وتعلم سام أسس تركيبها على مدى 18 شهراً
يقول إريك ساراتشي، المسؤول عن الجانب الرقمي في الشركة، إن النكهات أكثر تعقيداً من العطور، ويجب على سام أن يدرك ماهية الفراولة أو كيف يتأثر اللسان بنكهة اللحم المشوي، قبل أن يتمكن من العثور على المكونات التي تطابق النكهة المطلوبة.
وهذا الروبوت مجهز بعددٍ كبير جداً من المكونات يشير إليها ساراتشي بتسمية “بيانو بخمسة آلاف مفتاح”، ويقوم فريق خبراء الشركة بالعزف على هذا البيانو.
النكهات هي جوهر شركة فيرمينيش، ويقول باتريك سالور وهو كبير خبراء النكهات في الشركة “عمل خبير النكهات هو مزيج من الفن والعلم. وقد حصلت على درجة الماجستير في الكيمياء قبل أن أعمل في هذه المهنة”. ويستخدم سالور روائح ونكهات معينة لإخفاء نكهةٍ ما، وإضفاء التركيبة والقوام المطلوبين، حيث يمكن من خلال إزالة مكون صغير أن يتغير المذاق العام بشكلٍ كامل.
وهنا يأتي دور سام الذي يستفيد من معرفة خبراء النكهات لابتكار صيغٍ جديدة تتناسب مع حواسنا خلال دقائق، وهو جزء يسير من الوقت الذي يحتاجه السيد سالور وفريقه بالاعتماد على مهاراتهم الخاصة.
تتمثل إحدى أهم ميزات الروبوت في عدم وجود تحيز معرفي. وهذا الغياب للتحيزات البشرية يساعد الشركة على تجاوز هذه التحيزات غير الواعية تجاه النكهات. وموضوعية سام وحصانته ضد التحيز تجعله يتفوق على أمهر خبراء النكهة من ناحية السرعة في العمل. ويستطيع الربط بين فريق خبراء النكهة والأذواق العامة، واتخاذ القرارات عندما تختلف وجهات نظر خبراء النكهات عن وجهات نظر المستهلكين.
ولكن المنتج النهائي يحتاج إلى المزيد. وهذا ما يفعله فريق السيد سالور أثناء ما يسمونه “حفلة التذوق” التي تتم في بداية اليوم قبل تناول القهوة والغداء لتجنب تأثيرهما على حاسة الذوق.
وفي النهاية، يشير كاتب المقال إلى اعتراف الشيف نيكولا مير بأن هذا التزاوج بين العلم وفنون الطهي له منتقدوه، ولكنه يقول: “إن جوهر ما يقومون به هو الابتكار، وبالنسبة لي الجزيئات هي نكهة أخرى”.