AI بالعربي – متابعات
تسعى الصين اليوم لترسيخ موقعها كـ“مصنع العالم” من خلال استخدام واسع للذكاء الاصطناعي. وتتحرك بكين بسرعة لتحديث سلاسل الإنتاج، في وقت ترتفع فيه تكاليف التصنيع داخليًا، وتزداد الضغوط التجارية على صادراتها.
ورغم أن شركات وادي السيليكون تسعى لحلول كبيرة مثل علاج السرطان أو إنهاء الفقر، تركز الصين على هدف عملي جدًا: تصنيع منتجات أفضل وبسرعة أعلى.
التوجه الصيني نحو مصانع أكثر ذكاءً
تركز الشركات الصينية على دمج الذكاء الاصطناعي في كل مرحلة إنتاج. يقلص مصممو الملابس وقت العينات بنسبة كبيرة. وتستخدم مصانع الأجهزة المنزلية “عقل مصنع” يدير حركة الروبوتات ويتخذ القرارات دون تدخل بشري كبير.
ويشبه بعض التنفيذيين مستقبل التصنيع بالكائنات الذكية، التي تفكر وتتحرك وتنسق العمليات ذاتيًا.
وتدعم هذه الرؤية موجة صاعدة من “المصانع الخافتة”، وهي منشآت تعمل على مدار الساعة، مع قدرة شبه كاملة على التشغيل في الظلام بسبب الأتمتة الشاملة.
تحديات البطالة مقابل تناقص السكان
يخشى الخبراء من تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف الصناعية. قد تتعرض فئات واسعة لفقدان وظائفها. لكن قادة الصين يعتقدون أن انخفاض عدد السكان، المتوقع أن يصل إلى تراجع 200 مليون نسمة خلال العقود المقبلة، قد يخفف من آثار الأتمتة.
وركبت الصين العام الماضي 295 ألف روبوت. وهذا رقم أكبر من إجمالي الروبوتات المركبة في بقية دول العالم. وتجاوز عدد الروبوتات التشغيلية مليوني روبوت مع نهاية 2024.
مصانع متقدمة ونماذج ذكاء تزيد الإنتاجية
يبرز مصنع “ميديا” مثالًا على هذا التحول. يدير المصنع نظام ذكي يتصل بروبوتات “كوكا” ويعمل مع 14 عاملًا افتراضيًا.
يستطيع النظام فحص القطع، وتصحيح الأخطاء، والتعرف على نماذج مختلفة من الأجهزة. كما يستخدم العمال نظارات مزودة بذكاء اصطناعي تقلل وقت الفحص من 15 دقيقة إلى 30 ثانية. وارتفعت إيرادات الشركة لكل موظف بنسبة 40% منذ 2015.
ورغم القيود الأميركية على الرقائق المتقدمة، واصل المهندسون الصينيون تطوير نماذج قوية مثل “ديب سيك”. ويزيد هذا التفاؤل، إذ يرى 83% من الصينيين أن الذكاء الاصطناعي مفيد ويستحق الاعتماد عليه.
حتى شركات الأزياء، مثل “بوسيدنج”، تستخدم نماذج ذكاء تقلص دورة التصميم من 100 يوم إلى 27 يومًا، وتخفض التكلفة بنسبة 60%.
دور هواوي في تعزيز صناعة الصين الذكية
تلعب “هواوي” دورًا مهمًا في هذا التحول. فقد أطلقت نماذج لغوية كبيرة باسم “بانجو” لدعم تطوير المصانع الذكية. وتستخدم شركات مثل “كونش” هذه النماذج للتنبؤ بقوة الكلنكر الإسمنتي بدقة أعلى.
ونجحت الشركة في خفض فائض الإسمنت وتقليل استهلاك الفحم بنسبة 1% في خط إنتاج واحد. وتصل قيمة الوفورات إلى 300 ألف دولار سنويًا، مع خطط لمضاعفة ذلك بحلول 2026.
الموانئ الذكية: البوابة الخارجية لصناعة الصين
يمنح الرئيس شي جين بينج أولوية خاصة لتحديث الموانئ. ويعد ميناء تيانجين أبرز الأمثلة على هذا الاتجاه.
يعمل الميناء بسلسلة من الشاحنات الذاتية القيادة، إضافة إلى نظام تخطيط يعتمد على الذكاء الاصطناعي. قلّص النظام مدة الجدولة من 24 ساعة إلى 10 دقائق.
وأطلق التعاون بين “هواوي” والميناء نموذجًا يسمى “بورت جي بي تي”. يساعد النموذج في تحليل الصور والفيديو داخل الميناء لتنفيذ مهام السلامة بشكل آلي.
واليوم يُدار أكثر من 88% من معدات الميناء عبر أنظمة الأتمتة، ما أدى إلى تراجع الاعتماد على العمالة بنسبة 60%.
وتستفيد الصين من غياب النقابات المستقلة، ما يسهل تعميم هذه الأنظمة. بينما تواجه الموانئ الأميركية مقاومة أعلى تجاه اعتماد الأتمتة.
خلاصة
تسير الصين نحو مرحلة جديدة من التصنيع الذكي. وتربط بكين بين الروبوتات والذكاء الاصطناعي والموانئ ذاتية التشغيل.
ويهدف هذا المسار لحماية مكانتها كأكبر مركز إنتاج في العالم. وتراهن البلاد على طموحها الكبير، وكثافة استثماراتها، وثقافة تتقبل التكنولوجيا بسرعة.
ومع دخول هذه التقنيات مرحلة النضج، يبدو أن الصين تقترب من إعادة تعريف مفهوم المصنع الحديث.








