AI بالعربي – متابعات
منذ إطلاق “ChatGPT” في نوفمبر 2022، بدأ الذكاء الاصطناعي يتسلّل بعمق إلى حياتنا اليومية، مؤثرًا في طريقة تفكيرنا وتعاملنا مع المعلومات. فالأدوات الذكية مثل “AI Overview” من “غوغل” أعادت تشكيل أسلوبنا في البحث والوصول إلى الإجابات، ما أثار تساؤلات حول تأثير هذا الاعتماد المتزايد على عقولنا.
دراسات تكشف التأثير المعرفي
أظهرت دراسة أولية من معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)” شملت 54 مشاركًا أن الاعتماد على “ChatGPT” في كتابة المقالات يقلل النشاط الكهربائي في الدماغ ويضعف الشعور بملكية النص واسترجاع المعلومات، مقارنة بالاعتماد على البحث أو التفكير الذاتي. كما لاحظ الباحثون أن النشاط الدماغي يظل منخفضًا حتى بعد توقف استخدام الذكاء الاصطناعي، وهو ما يُعرف بـ”الدين المعرفي” الناتج عن الاعتماد المفرط على الأدوات الذكية.
“التفريغ المعرفي” وتراجع التفكير النقدي
أشارت دراسة أُجريت عام 2025 إلى أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و25 عامًا والذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي بكثرة، يعانون من انخفاض في قدرات التفكير النقدي. وأطلق الباحثون على هذه الظاهرة اسم “التفريغ المعرفي”، أي فقدان الحاجة للتفكير المستقل بسبب الاعتماد على الأتمتة في التحليل واتخاذ القرار.
كما توصلت دراسة أخرى في العام نفسه إلى أن الذكاء الاصطناعي يحوّل التفكير النقدي النشط إلى نمط أكثر سلبية عبر ثلاث مراحل:
- الاسترجاع والفهم: من جمع المعلومات إلى مجرد التحقق منها.
 - التطبيق: من حل المشكلات إلى دمج استجابة الذكاء الاصطناعي.
 - التحليل والتقييم: من تنفيذ المهام إلى الإشراف عليها فقط.
 
آثار الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي
وفق مراجعة بحثية نُشرت عام 2024، فإن الإفراط في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى:
- انخفاض المشاركة الذهنية.
 - تراجع المهارات العقلية مثل الحساب والتذكر.
 - ضعف القدرة على التركيز وتقصير مدى الانتباه.
 - ضعف تطبيق المعرفة في مواقف جديدة.
 - تزايد العزلة الاجتماعية وانخفاض التفاعل البشري.
 - انخفاض الثقة بالنفس ومخاوف أخلاقية متزايدة.
 
كيف يمكن تقليل هذا التأثير؟
الحد من تأثير الذكاء الاصطناعي لا يعني تجنّبه بالكامل، بل استخدامه بوعي. يمكن للأدوات الذكية أن تكون محفزة للإبداع والتفكير العميق إذا استُخدمت كمساعد لا كبديل.
ينصح الخبراء بمراقبة العلامات التي تدل على التحول من التفكير النشط إلى السلبي، مثل:
- الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للتحقق من المعلومات بدلًا من البحث الذاتي.
 - ترك مهمة حل المشكلات للأدوات الذكية دون محاولة التفكير الشخصي.
 - الاكتفاء بدمج نتائج الذكاء الاصطناعي دون تحليلها أو تقييمها.
 
خلاصة القول
تُظهر الأبحاث أن الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يُضعف التفكير النقدي ويؤثر في قدرات الدماغ على المدى الطويل، لكن هذا لا يعني أن الذكاء الاصطناعي عدو للعقل البشري. فهو يمكن أن يكون شريكًا فعّالًا في تطوير الإبداع والمعرفة عندما يُستخدم باعتدال ووعي، فيبقى الإنسان هو من يوجّه الآلة لا العكس.








