الذكاء الاصطناعي والمخاطر السلبية التقنية

18
جابريلا راموس / ماريانا مازوكاتو

عندما نسمح للأسواق بالانتشار دون قواعد وأحكام تنظيمية قوية، فإن الدولة ودافعي الضرائب سيضطرون لأن ينقذوا الموقف بعد وقوع الحادث “كما رأينا في سياق الأزمة المالية لـ2008 وجائحة كوفيد – 19″، وعادة ما يكون ذلك بتكلفة مالية باهظة وآثار اجتماعية سلبية طويلة الأمد. والأسوأ من ذلك أنه مع الذكاء الاصطناعي لا نعرف حتى ما إذا كان التدخل اللاحق سيكون كافيا وكما أشارت صحيفة “الإيكونومست” أخيرا، فإن مطوري الذكاء الاصطناعي أنفسهم عادة ما يتفاجأون بقوة إبداعاتهم.

لحسن الحظ، نحن نعرف بالفعل كيف نتجنب أزمة أخرى ناجمة عن سياسة عدم التدخل. نحن بحاجة إلى مهمة ذكاء اصطناعي “تكون في تصميمها أخلاقية” مع وجود التنظيم السليم والحكومات المؤهلة التي تعمل على تشكيل هذه الثورة التكنولوجية لما فيه المصلحة المشتركة، بدلا من مصلحة المساهمين وحدهم. يمكن للقطاع الخاص مع وجود هذه الركائز أن ينضم إلى الجهود الأشمل من أجل جعل التقنيات أكثر أمانا وإنصافا.

يجب أن تضمن الرقابة العامة الفاعلة أن الرقمنة والذكاء الاصطناعي يوجدان فرصا من أجل تحقيق قيمة عامة. إن هذا المبدأ جزء لا يتجزأ من توصية “اليونيسكو” بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وهي إطار معياري اعتمدته 193 دولة عضو في تشرين الثاني (نوفمبر) 2021. علاوة على ذلك يتحمل اللاعبون الرئيسون الآن مسؤولياتهم فيما يتعلق بإعادة تأطير النقاشات العامة في هذا الخصوص، حيث اقترحت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مشروع قانون حقوق الذكاء الاصطناعي، كما يطور الاتحاد الأوروبي إطارا شاملا لتنظيم الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك يجب علينا أيضا الإبقاء على استخدامات القطاع العام للذكاء الاصطناعي على أساس أخلاقي سليم، ومع دعم الذكاء الاصطناعي لمزيد من عمليات صنع القرار، فإن من المهم ضمان عدم استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي بطرق تقوض الديمقراطية أو تنتهك حقوق الإنسان.

يجب علينا أيضا التعامل مع نقص الاستثمار في قدرات القطاع العام نفسه الابتكارية وتلك المتعلقة بالحوكمة. لقد سلطت جائحة كوفيد – 19 الضوء على الحاجة إلى مزيد من القدرات الديناميكية للقطاع العام، علما أنه دون بنود وشروط قوية تحكم الشراكات بين القطاعين العام والخاص على سبيل المثال، فإنه يمكن للشركات أن تتحكم بسهولة بأجندة العمل في هذا الخصوص.

ومع ذلك تكمن المشكلة في أن قيام القطاع العام بالتعاقد الخارجي فيما يتعلق بالعقود العامة أصبح وبشكل متزايد يعد عائقا أمام بناء قدرات القطاع العام. تحتاج الحكومات إلى أن تكون قادرة على تطوير الذكاء الاصطناعي بطرق لا تعتمد على القطاع الخاص بالنسبة إلى الأنظمة الحساسة، وذلك حتى تتمكن تلك الحكومات من الحفاظ على سيطرتها على المنتجات المهمة والتأكد من التمسك بالمعايير الأخلاقية. وبالمثل، يجب أن تكون الحكومات قادرة على دعم تبادل المعلومات والبروتوكولات والمقاييس القابلة للتشغيل المتبادل بين الإدارات والوزارات. سيتطلب هذا كله استثمارات عامة في القدرات الحكومية وذلك من خلال تبني نهج موجه نحو تحقيق المهام.

نظرا إلى أن كثيرا من المعرفة والخبرة تتركز الآن في القطاع الخاص، فإن التعاون بين القطاعين العام والخاص سيكون أمرا حتميا ومرغوبا. يتعلق تحقيق المهمة باختيار الراغبين، أي من خلال الشراكة في الاستثمار مع الشركاء الذين يدركون إمكانات المهمات التي تقودها الحكومة. إن الأمر الجوهري في هذا الخصوص هو تزويد الدولة بالقدرة اللازمة لإدارة كيفية نشر أنظمة الذكاء الاصطناعي واستخدامها بدلا من تأخرها الدائم عن اللحاق بالركب. إن بإمكان القائمين على السياسات مشاركة مخاطر ومزايا الاستثمار العام من خلال وضع شروط للتمويل العام وكما يمكنهم، بل ينبغي لهم أن يطلبوا من الشركات التقنية الكبرى أن تكون أكثر انفتاحا وشفافية.

إن مستقبل مجتمعاتنا على المحك. يجب ألا نحل مشكلات الذكاء الاصطناعي والسيطرة على المخاطر السلبية المتعلقة به فحسب، بل يجب علينا أيضا تشكيل اتجاه التحول الرقمي والابتكار التقني على نطاق أوسع. ليس هناك وقت أفضل من انطلاقة العام الجديد للبدء في وضع الأساس لابتكار غير محدود من أجل مصلحة الجميع.

اترك رد

Your email address will not be published.